قومٌ اصطفَاهُم اللّهُ بالرجولة ليكونوا أهلاً للبطولة، وقومٌ ابتلَاهُم اللّهُ بالتَغنُج والمجّاغَة فصاروا أهلاً للذميمة، وليست البطولة مطمعاً ولا مغرَماً إلا بحقها، وحقها الثمين ذلكم الصبر المتين، والفداء المبين، واليقين المُستبين… وعلى نقيض الضراغم الأماثل، يطأ الأراذل كل مرابض التطبيع والمُسَاومة ببخسٍ مَهِين ورأسٍ مُتَضَعضعةٍ في الأذَلين….
أراد الله لعروة بن الزبير في الغَابرِ أن يَتشَمخ بصلَابة الصَبر ومجيدة الفَخر، لما قَبض فلذات كبده واحداً بعد آخر، وتمضي الإرادة الإلهية ذاتها في هذه الأُم الأبية التي تُلقي بفلذات أكبادها شهداءً أبراراً في الغدو والآصال والعشي والإبكار..
هي فلسطين حاضرة الإسلام في غربته، والجهاد في غربته، والمروءة في غُربتها، والبطولة في غُربتها، كأنها بميزان الحق والصدق خلاصة الأمة المليارية .. لا مرية في القول ولا مثنوية فيه…
سأقتبس مقالة الفاروق رضي الله عنه يوم مقتله الأليم ، الحمد لله الذي جعل مِيتَتي بيد رجلٍ لم يسجد لله سجدةً واحدة.. والأنضر منها مقالة النبي العظيم لمحمد بن مسلمة لما قَتَل اليهودُ أخاه محمود يوم خيبر : إن أخاك له أجرُ شهيدين لأن الذي قتله أهل كتاب.. لأسديهما عزاءً لأبي وائل الدحدوح، فيا أيها الراسخ في الصبر والفؤاد مجروح، الحمد لله الذي جعل ميتة فلذاتك محمود وشام وحمزة وأمهم والحفيد الرضيع، بأيدي شراذم خلقه، الذين قتلوا الأنبياء من قبل، وقتلوا الأولياء من قبل، وسحروا رسول الإسلام من قبل، وسمموا طعام الرسول من قبل، وتجرءوا على الله من قبل، وجعلوا الكتاب محرفاً ليشتروا به ثمناً قليلاً، ويقتلوا الأبرياء قتلاً غليلاً…
ربح البيع أبا الدحدوح
ربح البيع أبنائه وزوجته وحفيده
ربح البيع شهداء فلسطين
موعدكم الشفاعة يوم الساعة، وموردكم الحوض ومأواكم الجنة..