كان والدها عربيا وأمها أجنبية، من تلك البلاد الباردة التي يندف فيها الثلج معظم أيام السنة فيحيل قلوب ساكنيها إلى جبال من الجليد فيذيبونها بشرب النبيذ لتشتعل جذوة اللهب في ذلك الجوف المتجمد وتمده بالحياة،حين أتمت سنتها الثامنة صعقت بوفاة والدها بحادث مروري ،حينها كانت العائلة تقطن بلدا عربيا وسياط العوز تلسعها وتفترس جلدها ،فامتهنت الأم الأرملة الدعارة ،قوامها الممشوق وعينيها الخضراوين سهلا لها امتلاء شبكتها بالسمك الجائع للجنس السريع مقابل مبلغ مادي دسم ،انتبهت الطفلة لوليتا وهي ترقب تمرغ والدتها الحسناء في الوحل وأغرقت ذاكرتها بوجوه لرجال بلا ملامح.
وفي الليلة التي أطفأت فيها شمعتها الرابعة عشر المغروسة في قالب حلوى كان من أحضره يجلس قبالتها يشعل التبغ في
غليونه وهو يلتهم إنحناءات جسد لوليتا الفتية بعيني تمساح هرم ،ستيني،متدلي البطن ، مجعد الوجه ،ذو جيب منتفخ يلفظ من تخمته الأوراق النقدية الخضراء فتتبعثر على بلاط غرفة المعيشة المتسخ مشكلة فكي تمساح مفتوحان على سعتهما،وقبل أن تعرف طعم قطعة الحلوى التي قربتها من شفتيها العذراوين سحبتها الأم من يدها ورمتها في حضن الغول الستيني ليفض بكارتها مقابل حفنة دولارات دسها بيديه الغليظتين بين ثديي العاهرة فسال لعابها وبرقت عيناها ،لفت كتفيها العاريتين بشالها الصوفي وأدارت ظهرها لابنتها المرتجفة رعبا خارجة من باب الشقة مسلمة طفلتها لتفتك بها أنياب الشبق والرذيلة .
ليلة حمراء مشبعة بدم لوليتا وأنفاس الزبون الملوثة بالخمر سيقت البنت من بعدها لتخطو خطى والدتها مدفوعة بسياط الجوع مرة وانتقاما من والدتها ونفسها مرات.
تعاقبت الأعوام وماتت الأم وكبرت لوليتا وهي تقفز من حضن زبون لآخر والمال يفور بين كفيها كعين ماء سحرية.
مرت السنون وطقطقة الكؤوس وحفنات الدولارات بعد كل ليلة للخدمة تهشم بمعاول ازدراء الذات سنوات لوليتا حتى شارفت على الأربعين، انتقلت لتعيش في حي آخر لايعرفها فيه أحد ،سكنت فيلا فارهة واستخرجت بطاقات مصرفية لرصيد محترم في البنك،لازبائن يرتادون عشها ، فهي لن تسمح لهم بذلك بعد الآن ،هي ليست بحاجة للمال ، سكان الحي يدعونها بسيدة الأعمال الشقراء،فذاكرة الحي عنها فتية،والعفة تتقاطر من شرفات فيلتها الفخمة، لكن شيئا ما كان يرغمها ، يسحبها بقوة لتتسحب خلسة بعد منتصف الليل قاصدة أحد النوادي الليلة ،لتجلس قبالة البار تطلب كأسا تلو آخر ،تعبه في جوفها وتسترق النظر لمن حولها باحثة عن رجل تتلوث معه طيلة الليل، ثم تعود صباحا لفيلتها ترمي حاجياتها على الأرض وتركض باتجاه الطابق العلوي لتدخل غرفة في آخر الرواق أعدتها منذ سنوات،بعدما استدعت مهندسا للديكور صمم لها غرفة ضيقة شبيهة بدورة المياه ،محصنة بالخشب والفلين وعوازل الصوت،حيث بإمكانك أن تقتل أحدهم أو تطلق عيارا ناريا من دون أن تصل همسة واحدة آذان الجيران، تدخل الغرفة وتغلق الباب من خلفها ،لتقتل نفسها فيها،بعد كل ليلة حمراء تقضيها في حضن زبون ما ،تجلس هناك تتكور على نفسها، لتصرخ وتصرخ ،تنتف شعرها،تلطم وجهها ،فتقع مغشيا عليها ،ممددة على البلاط البارد وجهها ملطخ بالدموع والكحل والعار،تفيق بعد مدة لا تذكر كم طالت ، فتذهب لتستحم ،تبدل ثوبها المكشوف بفستان طويل تزين رقبته ياقة بيضاء مطرزة بورود زهرية ناعمة،تسرح شعرها، تهبط درجات السلم بخفة نحو الطابق الأرضي ،تشغل التلفاز وتجلس محتضنة دمى ناعمة من القطيفة المحشوة بالصوف ،تقهقه مع توم وجيري وتسرح شعر دميتها الأشقر وهي ترقب بفضول إبنة الثمان سنوات فيلم (سنوو وايت) من على الشاشة وما الذي ستفعله (بياض الثلج) بعد أن تاهت في الغابة وحيدة.