أتعجب كثيراً من كمية الطاقة الإيجابية التى يبثها يومياً رجل ثمانينى من مواليد ٢٣ اكتوبر ١٩٤٤، لو لم تكن تعرف هذه المعلومة لظننت أنه شاب فى العشرين من عمره، يتحمس لكل ما يفعل وكأنه يفعله لأول مرة،ولو لم تكن تعرف تخصص الحاج عاصم حجاب الأساسى الذى كان يعمل فيه قبل إحالته للمعاش لأصابتك الحيرة،هل هو مهندس طباعة أفنى عمره فى مطابع أخبار اليوم يتنسم ويستمتع برائحة الحبر وكأنها برفانات من أرقى محلات العطور ،أم هو مصور بارع لديه أرشيف نادر من الصور والحكايات التى وراء الصور والتى لا أظن أن أحداً لديه مثلها،أم هو كاتب ومفكر كبير تشعر من بوستاته على السوشيال ميديا أنه قضى عمره فى القراءة والكتابة، يدهشك كلامه عن دار أخبار اليوم التى عشقها منذ أن دخلها لأول مرة عام ١٩٦٦ وظل يعمل بها حتى المعاش، فلم يغادرها ولم تغادره حتى هذه اللحظة حيث امتدت علاقاته وصداقاته لجميع العاملين جيلاً بعد جيل، وإذا كان الحب درجات فهو قد حصل على الدرجة النهائية فى حب أخبار اليوم. قال له الزملاء:كلنا نحب أخبار اليوم فلماذا أنت تحبها لدرجة الوله والهيام؟ فقال:ماذا تنتظر من إنسان عاش داخل جدران مبنى عملاق أسسه العملاقان مصطفى وعلى أمين، ووجدت والدى من قبلى من العاملين بها. وكلما زرته فى مكتبه أستنشق رائحة حبر الطباعة وأرى ماكينة الطبع العملاقة (الروتاتيف الإنجليزى) ومسابك الرصاص والفرايز .وأنتبه على صوت والدى وهو ينادى علىّ لكى نغادر الدار. لقد كانت مشاهدتى لهذه الماكينات هى البذرة التى غرست فى نفسى حبى لهذا المكان . وعندما تخرجت طلبت من والدى أن ألتحق بالعمل بدار أخبار اليوم .ولكنه رفض لسبب لم أعلمه، وتدور الأيام والسنوات ويتوفى والدى عام ١٩٦٤. ووجب علىّ تواجدى بالقاهرة بجوار الوالدة وإخوتى .وذهبت لشخصية كان يحب والدى لأطلب منه توصية للعمل بشركة مقاولات.إلا أنه عرض علىّ العمل بالمطابع الرئيسية لدار أخبار اليوم. وهذا الشخص الذى كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى هو الأستاذ سعد عبد العليم رحمه الله، ومنذ عام ١٩٦٦إلى عام ٢٠٠٤ وأنا أعمل داخل هذا الكيان العظيم . وكان عمل المناوبة الليلية له طعم تانى. سماع صوت الماكينة وهى دائرة ونسخ الجرنال تخرج من العداد بعد طباعتها للحزم والربط ثم توضع فى السيارات لتسافر إلى البلدان المختلفة.أو لتلحق بالقطار الذى كان يسمى قطار الصحافة. تعلمت من الجميع واستفدت من كل تجارب الآخرين سواء العملية أو الإنسانية.والنفس البشرية فيها وفيها . وأنا طبعا كسائر البشر كانت لى أيضا أخطاء.سرعان وبتوفيق من الله ما كنت أحاول أن أصححها.وكما قلت من قبل وسأكررها دائماً. بعد الله سبحانه وتعالى فضل دار أخبار اليوم علىّ وعلى أسرتى كبير جداً. لدى الحاج عاصم حجاب بارك الله فى عمره مجموعة صور رائعة لكل مراحل حياته وكثيراً ما ينشر بعضها بالأبيض والأسود فائقة الجمال، ولا أدرى كيف نجح فى صيانتها ضد عوامل الزمن،كما لديه تاريخ أخبار اليوم بالصور،وهو كذلك بارع فى استخدام كل وسائل التكنولوجيا والسوشيال ميديا ولأن أخبار اليوم هى محور الكون عنده فقد أنشأ على الفيس بوك صفحة لأحباب الدار فيها مايقارب الثلاثة آلاف عضو من الزملاء بالمعاش وممن لا يزالون فى الخدمة وفيها أيضاً الكثير من قراء صحفنا ومجلاتنا العريقة.أما عن تنظيمه للقاء الخميس الأول من كل شهر فحدث ولا حرج حيث تحول اللقاء إلى ظاهرة شهرية اختار لها الحاج العاصم أحد المقاهى المجاورة للدار التى لم تفارقه ولم يفارقها يوماً.ولأنه كثيراً ما أسعدنا ببوستاته وصوره وحكاياته فأنا أهدى له هذه المقالة التى يستحق أضعاف أضعافها.وكل الدعاء لك ياحاج عاصم أن يبارك الله فى عمرك كأحد الذين أحبوا أخبار اليوم بإخلاص حقيقى.فصارت حتى أحجارها تعرفهم وتلقى عليهم السلام فى حلهم وترحالهم.