هنالك دوما (ذلك الشيء) الذي يحدث خارج حدود المنطق والعقل والفرضيات العلمية والرسوم البيانية ومنحنيات النمو وكل الدراسات والتوقعات المعرفية ،بعضهم يسميه (الحظ) وآخرون ال(توفيق من الله) أو (النية الطيبة) أو (لكل مجتهد نصيب).
لكن ذلك الشيء لاتربطه صلة قرابة بكل تلك (الحجج) التي يحاول الناس تفسير ماتؤول أمورهم إليه.
لأن ذلك اللص الذي نهب الأموال العامة ويتمتع بصحة أبطال حلبات المصارعة الحرة وتجارة تزدهر أفضل من شركة آبل ليس سببه (على نياتكم ترزقون).
وصديقك المتسكع الذي دخل المنزل بعد منتصف الليل وقرأ السبع محاضرات لاغير من المنهج المقرر من خمسين محاضرة قرأتها أنت جميعها إلا تلك السبع لم تقرأها بتركيز شديد لأنك أصبت بالإرهاق ، سيحصل على درجة كاملة في الإمتحان الذي أتت كل أسئلته من تلك السبع محاضرات والتي تبخرت نصفها من دماغك بينما تركزت فيه الثلاثة والأربعين محاضرة المتبقية والتي لافائدة منها هو بالتأكيد ليس (توفيق من الله) فقد رزعت والدته الباب خلفه صباحا وهي تصرخ به (الله لايوفقك ) بينما شيعتك والدتك بكثير من الحنان وهي ترنو لجفنيك الذابلين من أثر السهر (الله يوفقك أبني لتخاف أنت درست وتعبت).
إنه (ذلك الشيء) الذي يجعل من كاتبة خواطر فيسبوكية شابة تحصد آلاف المتابعين ثم تفوز روايتها الأولى التي كتبتها بكثير من خواطر المراهقة تدون سيرتها الذاتية وتطلق عليها صنف (رواية) تفوز بالجوائز وتترجم إلى عدة لغات ويحتفي بها دار النشر بعد أن حصد ملايين الدولارات من بيع الرواية الفائزة شاهرا سيفه بوجه منتقديها ساخرا في نفسه خفية منها بينما يغطي التراب في المكتبات روايات كاتبك المفضل الموهوب جدا والمجتهد جدا.
ذلك الشيء الذي حصل لمحمد رمضان فصار نجم الشباك الأول ببلطجته وهراءه فصار أعلى أجرا لفناني مصر في حين بكل موهبته الفنية الفذة وفصاحة لسانه واحساسه الفريد لم يحصل نور الشريف على ربع أجره ولم يكن تريند يوما أو فارس أحلام الفتيات كما الوسيم الشهير محمد رمضان .
ذلك الشيء الذي يحصل لطبيب (فاشل مخادع) فيتزاحم على باب عيادته عشرات المرضى بينما يجلس الطبيب (المجتهد الكفوء) ليستقبل ثلاثة مرضى طيلة يوم كامل في عيادته الخاصة.
اللص لم يكن يملك (رضا الله) و صديقك صاحب السبع محاضرات لم يحصل على (توفيق الله) وبركة (دعاء الوالدين)
وكاتبة الخواطر تلك لم (تجتهد وتكافح) ومحمد رمضان لايملك (موهبة وحرص وأخلاق الفرسان)
والطبيب (الفاشل)المشهور جدا لم يحصد بذار (تعب السنين والنية الطيبة)
إنه فقط (ذلك الشيء)
ذلك الشيء الذي يجعل من زوجة طويلة اللسان حمقاء شعثاء تحظى بزوج يطلب رضاها وينظم قصائد الغزل في عينيها الضيقتين في حين تزحف تجاعيد الشقاء لتسكن وجه جارتك الحسناء جدا بسبب زوج منفلت بخيل بغيض تصرخ والدته كل الوقت لتخبر الجميع ( زوجة ولدي نحس جلبت لنا الشقاء هو يستحق امرأة افضل منها)
نعم هو (ذلك الشيء) الذي قدر للفراشة أن تعيش أقصر عمرا يذكر بينما تترنح الزواحف المقرفة والصراصير في زوايا المنزل بعمر يطول ويطول .
لامنطق ولا تفسير مقنع لما يحدث لكن (ذلك الشيء) لايأتي للناس لأنها تستحق بل لأنه يأتي فحسب، هكذا وبشكل لايمكن حتى لوكالة ناسا أن تفسره ولاشيخ المسجد ولاخبراء الأنواء الجوية أو متوقعي الزلازل والأعاصير ، ذلك الشيء الغامض ، ذلك الشيء.