إخواني الكرام: هذه المقالة بما احتوته من أمور بينة تُعتبَر من أهم المقالات التي يجب على المسلم معرفتُها وإلا ضلَّ في فهم الدين ولا بدَّ، وهي بعنوان
ما هي مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الدين؟:
تكلمنا فيما سبق عن بعض النصائح في فهم الدين فهما صحيحا، ونكمل إن شاء الله هذه النصائح في هذه المقالة، وهي بعنوان (ما هي مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الدين؟:) فأقول بتوفيق الله تعالى:
مهمة الرسول تبينها هذه الآيات:
-قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
-قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
-(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
فمهمة الرسول أربعة أمور، بينتها هذه الآيات، وهي:
الأول: تلاوة القرآن على الناس وتعليم قراءته لأصحابه.
أثر ابن مسعود: وَاللَّهِ لقَدْ أخَذْتُ مِن في رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِضْعًا وسَبْعِينَ سُورَةً. رواه أحمد وسنده صحيح.
الثاني: تزكية المؤمنين، أي تربيتهم على معالي الأخلاق والبعد عن مساوئها.
الثالث: تعليم الكتاب، وهو القرآن. أي شرح القرآن، لأن في القرآن آيات لا يمكن فهمُها إلا بشرح الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
مثل الصلاة، والزكاة، والحج وغير ذلك كثير في القرآن الكريم. ولذلك قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: «وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».
وقال في الحج: «خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ لِعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا».
الرابع: تعليم المؤمنين الحكمة.
فما هو تعريف الحكمة؟
الحِكْمَة هي: وضع الشيء في موضعه اللائق به والذي لا يصلح فيه غيره.
وقال ابن القيِّم: الحِكْمَة: فعلُ ما ينبغي فعلُه، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي.
وعندما يقال: فلان حكيم، يعنون أنه يتصرف تصرفا حسنًا في المواقف المختلفة، ولا يقول إلا كلامًا مشتملا على الخير.
الحكمة: هي كل قول متضمن للصدق والعلمِ والعدل والصوابِ، وكذلك كلُّ فعلٍ اتصف بهذه الصفات.
وكلام رسولنا وأفعالُه صلى الله عليه وسلم كلها كانت مشتملةً على ذلك كله.
وهل رأيتم أحدًا أحكم وأعدل وأصوبَ قولا وفعلًا من الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الخامس: الحكمة إذا ذُكِرتْ مع القرآن فهي السنة. وهذا باتفاق المفسرين:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: فذكر الله الكتاب، وهو القُرَآن، وذكر الحِكْمَة، فسمعتُ مَنْ أرْضى من أهل العلم بالقُرَآن يقول: الحكمة سنة رسول الله.
وهذا يشبه ما قال، والله أعلم؛ لأن القُرَآن ذُكر وأُتْبِعَتْه الحكمة، وذكرَ الله مَنَّه على خَلْقِه بتعليمهم الكتابَ والحكمة، فلم يَجُزْ – والله أعلم – أن يقال الحكمة هاهنا إلا سنةُ رسول الله، وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله). كتاب الرسالة للشافعي ص (73).
سادسا: والسنة وحي منزل من عند الله، وهي تُتلى أي تُذكَر.
قال الله تعالى مخاطبا رسوله: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا).
فالحكمة منزلة من الله تعالى مثل القرآن.
قال الله تعالى مخاطبا للمؤمنين: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ).
قال تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا).
وقال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
ما هي مهمة السنة بالنسبة للقرآن؟
وباستقراء أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وجدنا أن لأن السنة مع القرآن لها أربعة أحوال:
الأولى: أقوال مؤكدة لما ورد في القرآن الكريم.
كقوله صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ».
فهي مؤكدة لقوله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ). ومبينة لنوع العقوبة التي يعاقب بها المغتابون والذين يتهمون الناس بالباطل.
الثانية: سنة شارحة لمجمل القرآن.
مثل: أحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة، وأحكام الأضحية والهدي والنذور، وأحكام الزواج والرضاعة والنفقة والحضانة، وغير ذلك كثير في أبواب الشريعة ولم تفصل في القرآن.
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: «إِنَّكَ امْرُؤٌ أَحْمَقُ أَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، لَا تَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ عَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَنَحْوَهَا؟» ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَتَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مُفَسَّرًا؟ إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَحْكَمَ ذَلِكَ، وَإِنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ ذَلِكَ».
ومثل: المضمضة والاستنشاق في الوضوء. فليس ذلك مذكورًا في الآية، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته قولا وفعلا.
فقال صلى الله عليه وسلم: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا».
-وكل من حكى وضوء الرسول من الصحابة قال: إنه تمضمض واستنشق.
-وكذلك المسح على الخفين أو الجوارب. ليس مذكورًا في القرآن، فقد قال المغيرة بن شعبة: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. البخاري
ثالثًا: سنة مخصصة لعموم القرآن ومقيدة لمطلقه
وذلك مثل: تحريم الجمع بين المرأة وخالتها، أو عمتها.
فالقرآن الكريم حرم الجمع بين الأختين فقط، وليس فيه تحريم الجمع بين المرأة وخالتها أو عمتها.
قال الله تعالى: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا* وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ).
فلو اعتمدنا على القرآن وحده لقلنا بحل الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها. ولكن الرسول حرم ذلك في حديث جَابِر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا». رواه البخاري.
واتفق على هذا التحريم جميعُ المسلمين. فلو أن أحدًا قال القرآن أباح، والحديث يخالف القرآن، ثم قال بحل الجمع بين المرأة وخالتها أو عمتها فهو كافر مرتد.
-النهي عن الوصية للوارث.
فقد ورد في القرآن قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ».
ومع هذا فقد اتفق المسلمون جميعا على بطلان الوصية للوالدين أو الأقارب الوارثين.
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
واتفق على هذا الحكم جميع المسلمين.
ومثال آخر: تحديد الوصية لغير الوارثين بالثلث لا تزيد عن هذا.
عن سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لاَ»، قَالَ: فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟.
قَالَ: «الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ».
-حل السمك الميت، وأكل الكبد
قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ).
وقال صلى الله عليه وسلم: «أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ، فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ، فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ». رواه ابن ماجه، وهو صحيح.
الرابعة: سنة زائدة حكمًا على ما في القرآن
فمن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشرع من عند نفسه، وإنما هو متبع لتشريع الله، ومأمور بتنفيذه مثل بقية المؤمنين.
قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
وقال تعالى: (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).
-ولكن شاء بحكمته أن يجعل تحريم بعض الأشياء أو حِلَّها بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجعلها في القرآن.
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ).
ولذلك قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ…». رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح.
وأكتفي بهذا القدر ونكمل فيما بعد بإذن الله تعالى، ويُتْبَع بإذن الله تعالى في (4)
مدرس الشريعة بكلية دار العلوم ج