القيمة الخامسة
….. إن قيمة وخلق الحياء من أكرم الأخلاق في الإسلام
بل إن خُلق الإسلام هو الحياء قال رسول الله صلى الله عليه ( لكل دين خُلق وخُلق الإسلام الحياء )
وقال رسول الله صلى الله عليه (الحياء كله خير )
وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله حيِّي يحب الحياء ) .والحياء يكون من الله تعالى في الخطوات و الجلوات ، وفي السر والعلن ، وكل وقت ومكان وزمان .
وقدضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم أمثلة في الحياء فكان أشد حياءٓٓ من العذراء في خدرها .
والحياء مشتق من الحياة ، فبالحياء تحي النفوس ، وتطمن القلوب ، وترفع الدرجات ، وتمحى السيئات ، وينال العبد أعظم الدرجات ، وأعلي الرتب والمقامات .
وقد ضرب الصحابة وزوجاتهم رضوان الله عليهم أجمعين أعظم الأمثلة في الحياء حتي اشتهر عثمان بن عفان رضي الله عنه (بالخليفة الحيِّي) وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحي من عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ونقف اليوم مع قصة الزبير بن العوام رضي الله عنه وزوجته في الحياء تقول القصة :
كانت زوجة “الزبير بن العوام ” جميلة ، وكان يغار عليها من الهواء، وكان يحبها كثيرا، ومن شده حبه وغيرته عليها كان يريد منعها من الذهاب إلى الصلاة في المسجد، لكن لم يستطع أن يمنعها لأن الرسولﷺقال:”لاتمنعوا إماء الله مساجد الله”، وعندما طلب منها عدم الذهاب إلى المسجد
قالت له : أنها سمعت النبيﷺ يقول: “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله”وفي يوم من الأيام خرجت زوجته للمسجد ، فمرَّ من جانبها وهي تمشي في الطريق وقام بلمس ذراعها،
تتوقعون ماذا فعلت عندما لمسها ؟!
ماكان منها إلا أن عادت لبيتها ولم تعد للمسجد أياما، فسألها زوجها، لماذا لا تذهبين إلى المسجد؟
قالت له: ” كنا نصلي في المسجد ونخرج أيام كان الناس أصحاب حياء ، امّا الآن يا أبا عبد الله لا ناس ولا حياء فصلاتنا في البيت أفضل ” .
يا الله … يا الله … يا الله !!
ياليت نساءنا مثل زوجة الزبير فهي امرأة صالحة، عفيفة حيية، فقد غضت بصرها، والدليل أنها لم تكن تعرف أن زوجها هو الذي لمسها!
ومن عفتها أنها رجعت إلى بيتها لتصون نفسها! ولم تخرج للمسجد أياما، لأنها استشعرت أن في خروجها خطرا على نفسها.
وتضرب قصة أخري تبين مدي الحياء من الله والبعد عن أكل الحرام تقول القصة :
أن شابٓٓا فقد مرّ على بستان تفاح .. وأكل تفاحة حتى ذهب جوعه ..ولما رجع إلى بيته… بدأت نفسه تلومه فذهب يبحث عن صاحب البستان
وقال لصاحب البستان : بالأمس بلغ بي الجوع مبلغاً عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهذا أنا اليوم استأذنك أن تسامحني فيها .
فقال له صاحب البستان :
والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند اللّـَه !
فتوسل له الشاب أن يسامحه إلا أنه ازداد اصراراً وذهب وتركه ، ولحقه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر..
فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفاً فقال له الشاب : يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً عندك من دون أجر ولكن سامحني ..!
قال له صاحب البستان : أسامحك لكن بشرط أن تتزوج ابنتي !
ولكنها عمياء، وصماء ، وبكماء ، وأيضاً مقعدة لا تمشي فإن وافقت سامحتك .
قال له الشاب : قبلت ابنتك !
قال له الرجل : بعد أيام سيكون زواجك من ابنتى.
فلما جاء الشاب : كان متثاقل الخطى ، حزين الفؤاد طرق الباب ودخل قال له : تفضل بالدخول على زوجتك فإذا بفتاة أجملُ من القمر ، قامت ومشت إليه وسلمت عليه ففهمت ما يدور في باله !!!.
وقالت : إنني عمياء من النظر إلى الحرام ..
وبكماء من قول الحرام ..
وصماء من الإستماع إلى الحرام ..
ومقعدة لا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام.
وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها..
قال أبي “أن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له..حري به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك ”
وبعد عام أنجبت هذه الفتاة غلاما .
كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة أتدرون من ذلك الغلام ؟!!
هــــــو الإمــــــــــام “أبو حنيفــــــــة النعمان “
هذا هو الحياء وهذه هي آثاره في حياة الناس ، وهل رأيتم كيف تورع هذا الشاب التقي النقي الطاهر عن أكل تفاحة من حرام ، فأهداه الله تعالي البستان ، وصاحب البستان فكان نسيبه ، وتزوج بنت صاحب البستان فكانت شريكة حياته ، وصاحبة دربه ، وإخلاصه ، وحياءه من الله تعالى .
فاللهم ارزقنا الحياء و ارزق أولادنا وبناتنا و زوجاتنا وزوجات المسلمين الحياء ، و باعد بيننا وبين الحرام بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين …يارب العالمين …