دعونا نحتفل بالسيدة المصرية العظيمة، ونحتفي بيومها الخالد في الوجدان، وبمواقفها النبيلة والقوية والبناءة والفاعلة والإيجابية على مر العصور؛ فهي من قامت بثورة ضد المستعمر، ورفعت شعار الوحدة الوطنية، وجاهدت وكابدت حتى أسست ما يؤكد ماهية الاتحاد النسائي، ومن ثم استطاعت أن تبلغ مرادها وتقتنص حقوقها المشروعة، وتثبت للعالم أجمع أنها رائدة في كافة مجالات الحياة.
وها هو التاريخ يؤكد أن المرأة المصرية التي يتأصل في وجدانها قيمًا نبيلة تأتي في مقدمتها العفة والعزة والكرامة والشهامة والأمانة، نرى منها المصداقية في القول والعمل ومناصرة وحب الوطن وإعلاء شأنه؛ حيث إن أدوراها العديدة والمتعددة في بناء الدولة واستقرار أركانها بارزة ويصعب على المنصف أن يغفلها، ومن يحاول التقليل منها فهو جهول.
ولقد ارتكن الرجل المصري على المرأة؛ لتخرج له جيلًا يحمل الراية ويقبل التحدي وفق تربية اعتمدت على الموروث الثقافي الأصيل الذي يقوم على العطاء والإخلاص وحب الوطن والولاء والانتماء لكيانه وتقدير رموزه، وبدون شك ضربت المرأة المصرية في مساندتها للرجل أروع الأمثلة بكثير من العطايا التي لا تنضب، والرجل المصري إذ يقدر ذلك ويعي مقداره، ومن ثم يمنحها الثقة والمحبة الخالدة.
إن الاحتفال بعيد المرأة المصرية في يوم 16 من شهر مارس من كل عام، يؤكد في وجداننا نحن المصريين أمرًا مهمًا نترجمه بمصداقية ونعيش مفرداته في واقعنا المعاصر ونتبناه في مستقبلنا المشرق، ويتمثل ببساطة في المساواة في صورتها المطلقة التي تحفظ للمرأة المصرية شرفها وتصون عرضها وتقوي من همتها وتعلو من شأنها؛ لتصبح قاطرة النهضة والتقدم والرقي على كافة الأصعدة، بداية من كيان الأسرة وانتهاءًا بكيان الوطن الحبيب؛ فتلك شخصية المرأة المصرية الأصيلة التي تتحلى بالوعي الصحيح بكافة أنماطه ومكوناته.
وليشهد التاريخ ولتدرك أجيالنا المعاصرة أن المرأة المصرية ساهمت في بناء جمهوريتنا الجديدة وساعدت في استقرارها ودعمت جهود الدولة في مجالاتها المختلفة وشاركت في استقرار سفينة الوطن الغالي، وأبهرت العالم بمواقفها الإيجابية والبناءة وتحديها لكافة الصعوبات التي واجهت الدولة المصرية؛ فكانت بمثابة سلاحًا فتاكًا ضد ما يروجه المغرضون ويبثه أصحاب الأجندات من منابرهم المقيتة، لقد اصطفت خلف الدولة وأحدثت حالة فريدة لم يشهدها التاريخ الحديث من ذي قبل؛ لتضع لمسات الأمن والأمان مع رجال الوطن المخلصين كل في موقعه ومجاله؛ لتتحقق مفردات ومقومات الأمن القومي المصري.
وتساعد بيئة الجمهورية الجديدة المرأة المصرية في القيام بأدوارها وتحقيق آمالها وطموحاتها بشكل فعال؛ فلا مجال ولا مكان لحرمان، أو اضطهاد، أو عنف، أو تنمر يساق تجاهها، وفي ذلك يعود الفضل للقيادة السياسية الحكيمة التي أولت السيدة المصرية اهتمامًا غير مسبوق، بل وساهمت في إحداث تشريعات ساعدت في تنامي الحماية والرعاية بصورة متكاملة، وفتحت الأبواب لشراكات بناءة في مجتمع الذي صار تكوينه النفسي إيجابيًا حيال المرأة وما تقوم به من مهام حميدة في شتى المجالات، والمسارات الحياتية، والعملية، والعلمية.
وبدون مزايدة ساعدت هذه البيئة في وصول المرأة المصرية للمناصب القيادية وما يتمخض عنها من مسئوليات جمة؛ لذا تحرص هذه المرأة المسئولة على أن تبذل الجهود المضاعفة والفكر العميق، وبهما تستطيع أن تخطط وتتخذ القرارات، وتصل بمؤسسات هذه الجمهورية لمستوى التنافسية والريادة، ومن ثم تساعد بقوة في إحداث تنمية مستدامة في مجالاتها النوعية.
ويصعب أن نتجاهل دور الرجل وموقفه الراقي في تمكين المرأة لتؤدي وظائفها المنوطة بها، وهنا تحققت ماهية الشراكة الحقيقية التي تأسست على مبدأ إنكار الذات والعمل في صورة تعاونية لا تشوبها التنافسية، بل يكسوها التوازن والاعتراف بالأدوار وتقدير طرفي المكون لبعضهما البعض؛ فلا مجال للشقاق أو التناحر، وهذا ما ساهم في إحداث طفرة مؤسسية مشهودة في ساحة العمل بتنوعاته ومواقعه المختلفة.
ونكرر وبكل فخر أن المرأة لا تشكل نصف المجتمع، بل هي المجتمع كله؛ فهي هدية الله في أرضه، وبدونها يسود الظلام على كوكبنا الزاخم بالأحداث؛ فهي المربية والمقومة والمعلمة والمهندسة والطبيبة والعاملة والوزيرة والسفيرة، كما أنها تشكل مصدر الوعي الصحيح والمشاعر الطيبة التي لا تنضب، وكما قيل (لا يعمل شيء إلا بها ولأجلها)، وصدقًا نؤكد أن سعادة الرجل مرهونة بامرأة تحمل الابتسامة والحنان المتلازمين.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة – جامعة الأزهر