إن خلاف السعودية وإيران هو في حقيقته خلافا سياسيا وليس خلاف ذا طابع عقائدي وبالنظر في تاريخ الدولة الإسلامية نجد أن تطور الخلاف السني الشيعي، الذي في حقيقته أنه خلاف طبيعي لاختلاف وجهات النظر،علما بأن الخلاف في حقيقته ليس سنيا شيعيا بل هو خلاف أموي شيعي من بعده خلاف الشيعة مع العباسيين ولكن أصحاب المصالح السياسية سرعان ما جعلوا الخلاف سني شيعي وقد تطور الخلاف إلى عنف بشع اُستحلت فيه المحارم واُرتكبت فيه أخس الجرائم، ولم تنج منه حتى المساجد.
هذا وقد مضت عليه القرون وأهل العلم والمسؤولية غافلون يحاولون حل الخلاف بتجاهله، إلا ما كان من مناظرات ومراجعات متمحورة حول نفسها لا ترتق خرقاً ولا تُبرئ جرحا.
وها هو اليوم الذي نحصد فيه غفلة العلماء والنُخب التي تركت المنافذ الثقافية ليتسلل من خلالها من يريد تمزيق الأمة إرباً إرباً، وليقف المسلم البسيط حائراً لا يدري كيف انقلب الحال وتبدل شعور السلامة والأمان والقبول رغم الاختلاف إلى فتنة تنال من قلب الأمة الإسلامية، فخلاف السعودية مع إيران ليس خلافا عقائديا بل هو خلافا سياسيا، ليس خلافا من أجل دين بقدر ما هو خلاف من أجل الدنيا.
إن مسألة التكفير خطيرة في نظر الإسلام، وإن مما يميز طبيعة الدين الإسلامي أن من وقر في قلبه وعقله الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر يُعتبر مؤمناً لا يحتاج إيمانه إلى توثيق خارجي من مؤسسة أو فرد، ويقتضي المنطق السليم القولَ بأن من واجب علماء الشيعة الرفض الصريح للآراء الشاذة الواردة في كتبهم والتي تثير حفيظة السنة وشكوكهم، وبالمقابل فإن من واجب أهل السنة أن ينظروا في الأطروحات المعاصرة للشيعة التي طوّرت فهمها لمسائل مفصلية بما فيها “قضية الإمامة” وأن لا يجري التعلق بالتراث إذا تجاوزه أهله أو طلبوا له تأويلاً مغايراً.
ولا يمكن إنكار أن السنة والشيعة بينهما روابط قوية لا يمكن تجاهلها أو إنكارها ولقد اشترك الشيعة والسنة في التاريخ الإسلامي، وإن كان كل فريق يفسره من زاوية معينة ويعتمد في تقيمه على المواقف النفسية والإيديولوجية تجاه التقسيمات المعتادة لتاريخ المسلمين “أمويين، عباسيين، إلخ، رغم عمومية هذه التقسيمات.
لقد بدأ الخلاف الشيعي السنّي خلافاً سياسياً وتطور إلى أن أصبح خلافاً مذهبياً طائفياً، فإما أن نردّ الخلاف لأصله في محاولة صياغة نظرية حكم معاصرة أو أن نبقى في ظلام السباب واللعان سرعان ما تصبح حروب بين الدول الإسلامية ظاهرها الدين والعقيدة وباطنها السياسة والحكم والملك.