وفي مجال التضامن والحماية الاجتماعية، فان البرنامج الحكومي يسعى إلى إنصاف شريحة واسعة من المواطنين تحمل انتظارات كبيرة من أجل تجاوز ما تعانيه من ضعف اقتصادي وعجز أمام مجموعة من التحديات ابتداء من المرض والإعاقة مرورا بالبطالة والتوقيف من العمل وانتهاء بالتقاعد، ويعتبر انه من اللازم إيجاد حلول مناسبة وعادلة لها بما يضمن التضامن والأمان المجتمعي، مع فتح حوار موسع مع الهيئات المعنية حول قضايا الحماية الاجتماعية.
ورغم أن هناك العديد من المؤسسات العمومية العاملة في هذا المجال (الوكالة الوطنية للتامين الصحي – الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي- الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي- أنظمة مختلفة للتقاعد- … ) إلا أنها تحتاج إلى عملية إصلاح عميقة لتقوم بالدور المناط بها ومقاربة إشكالية الحماية الاجتماعية بالمغرب ومستقبلها على ضوء التحديات المطروحة.
إن الحماية الاجتماعية تكتسي أهمية بالغة سواء بالنسبة للمجال الاجتماعي أو المجال الاقتصادي مما يستدعي مقاربتها بشكل مندمج فالهدف الأساسي منها هو إيجاد حالة من التعاضد والتضامن والعدالة فيما يخص مواجهة التحديات التي تواجه الإنسان دون أن يكون مسؤولا عنها.
وهي تهدف، أولا، إلى تمكين ما يقارب 10 ملايين مواطن مغربي من الاستفادة بصورة تدريجية من نظام التامين الإجباري عن المرض الذي يغطي سلة مهمة من العلاجات ثم، ثانيا، تطبيق نظام المساعدة الطبية الذي سيهم تقريبا 30% من عدد السكان (8.5 مليون نسمة).
ومن أجل تحقيق ذلك، سنعمل على:
- إنشاء صندوق عمومي للضمان الاجتماعي للمعوزين.
- توسيع التأمين الصحي الإجباري ليشمل المهن الحرة والتجار والصناع التقليديين والطلبة والمشتغلين الذاتيين
- تعميم التأمين الصحي الإجباري للعاملين بالقطاع الخاص.
- تسريع وتيرة تعميم نظام المساعدة الطبية في سائر التراب الوطني.
- تخفيض قسط التكاليف التي تتحملها الأسر في تمويل الصحة.
وستسعى الحكومة على الخصوص إلى إخراج مشاريع القوانين المتعلقة بالتغطية الصحية للطلبة والتعويض عن حوادث الشغل ومدونة التعاضد والتعويض عن فقدان الشغل.
ويخصص البرنامج الحكومي حيزا كبيرا لترسيخ القيم الكفيلة بتعزيز الديمقراطية الاجتماعية والحوار الاجتماعي معتمدا من أجل ذلك على الدور الفاعل للشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وفق منظور توافقي يوازن بين مصالح الأجراء والمؤسسات الإنتاجية على حد سواء. وبهذا الخصوص ستحرص الحكومة على دعم الحقوق الأساسية للعمال وتوطيد الاستقرار داخل المقاولة ومساعدتها على التأهيل لمواجهة المنافسة الدولية.
إلى جانب هذا، وبهدف الارتقاء بعلاقات الشغل وتحسين الضوابط القانونية المنظمة لها سيتم العمل أساسا على إتمام المنظومة القانونية لمدونة الشغل عبر إخراج بعض النصوص القانونية العامة وخاصة تلك المتعلقة بممارسة حق الإضراب، والقانون المتعلق بالنقابات المهنية، والقانون الإطار المتعلق بالصحة والسلامة المهنية.
كما ستسعى الحكومة إلى تعزيز استقرار العلاقات المهنية من خلال توفير شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل والنهوض بالمفاوضة الجماعية وتشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية وتعزيز المراقبة في مجال الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية وحوادث الشغل وتعزيز الحريات النقابية من خلال ملاءمة التشريع الوطني مع اتفاقيات العمل الدولية.
وبخصوص أنظمة التقاعد ستسعى الحكومة إلى إصلاح مندمج لنظام التقاعد بما يحفظ توازنه المالي واستدامته وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنظمة التقاعد لتشمل المهن الحرة، والقطاع غير المنظم والصناعة التقليدية والفلاحة والصيد التقليدي الساحلي والتعاونيات و ذلك وفق منهجية تشاركية مع الشركاء الاجتماعيين و الاقتصاديين. كما ستعمل على تحسين حكامة تدبير صناديق التقاعد بما يضمن نجاعة مردوديتها واستدامتها وجودة خدماتها.
كما أن الحكومة ستعمل على مواصلة إصلاح نظام المقاصة بهدف التحكم في كلفته بترشيد تركيبة أسعار المواد المدعمة و عقلنة استفادة القطاعات وفي اتجاه الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة واستهداف المعوزين بتقديم دعم نقدي مباشر مشروط بالتعليم والصحة وحثهم على الانخراط في برامج محو الأمية و الأنشطة المدرة للدخل، يتم تمويله بإحداث صندوق التضامن الذي سيمول بمساهمات تضامنية.
دعم برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:
وفي إطار تحسين ظروف عيش الفئات الاجتماعية التي تعاني من الفقر والهشاشة والتهميش، فإن الحكومة ستعمل على مواصلة إنجاز برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثانية والتي أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في يونيو 2011 بجرادة، والتي تميزت بتوسيع قاعدة الاستهداف الترابي لفائدة الجماعات القروية والمناطق الجبلية وكذا المدن والمراكز الحضرية الصغرى.
وتعزيزا للمكتسبات، وضمانا لاستمرارية المشاريع المنجزة، سيتم التركيز على المشاريع المدرة للدخل والمتيحة لفرص الشغل وعلى تسريع وتيرة التنمية في الجماعات الجبلية وصعبة الولوج، مع توسيع مشاركة النساء والشباب والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن تعزيز مراقبة وتقييم المشاريع وإحداث انسجام شامل بين مخططات التنمية الجماعية وضمان التقائيتها مع البرامج القطاعية للسياسات العمومية.
العناية بالأسرة والمرأة والطفولة:
وتولي الحكومة عناية بالغة لقضايا الأسرة والمرأة والطفولة وفقا لمقتضيات الدستور الذي حث الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها وإحداث "مجلس استشاري للأسرة والطفولة"، والرفع من المشاركة النسائية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى حماية الأطفال وضمان تمدرسهم.
وستتميز السياسية الحكومية المنتهجة بكونها:
- مندمجة، تأخذ بعين الاعتبار الأسرة كوحدة ومختلف مكوناتها (نساء وأطفال وأشخاص مسنون وأشخاص في وضعية إعاقة…)،
- أفقية تحرص على اعتماد المقاربة التشاركية والمندمجة للسياسات العمومية ذات الصلة.
و بخصوص تقوية وحماية الأسرة، ستعمل الحكومة على ما يلي:
وضع سياسة أسرية مندمجة تحرص على تماسك الأسرة وتعزيز أدوارها الوقائية.
النهوض بخدمات الوساطة الأسرية ودعمها عن طريق تشجيع مبادرات جمعيات القرب العاملة في مجال الأسرة.
تتبع الآثار الاجتماعية الناتجة عن تنفيذ مدونة الأسرة.
دعم الأسرة في وضعية صعبة، والتي تعيلها النساء.
دعم الأسر التي تقوم برعاية الأشخاص المعاقين أو المسنين.
تقييم الآثار الاجتماعية على المستفيدات من صندوق التكافل العائلي.
اعتماد مقاربة وقائية وإنمائية في التصدي للتفكك العائلي.
وبخصوص المرأة فستعمل الحكومة على اعتماد سياسة فعالة و طموحة للنهوض بوضع المرأة من خلال:
- تفعيل دعم صندوق التكافل العائلي ودعم الاستقرار الأسري والنساء الأرامل والنساء في وضعية صعبة،
- اعتماد مقاربة وقائية وإنمائية في التصدي للتفكك العائلي،
- إقرار نظام مؤقت للتمييز الإيجابي لفائدة المرأة في التعيينات والتكليفات،
- تحفيز المرأة على المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية،
- التنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور المتعلقة بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و السعي إلى تحقيق المناصفة،
- العمل على النهوض بحقوق النساء وحمايتهن، وتتبع أعمال السياسات العمومية في المجال،
- تأهيل النساء والحد من هشاشة أوضاعهن بالتصدي للعوامل المساهمة في ذلك: الأمية والفقر والتمييز والعنف،
- التعزيز المؤسساتي والجغرافي لمراكز الاستماع والمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا العنف،
- تقوية السياسة العمومية الخاصة بمحاربة كل أشكال العنف ضد النساء ووضع الآليات والتدابير القانونية والمالية الخاصة بذلك.
- وضع الآليات والتدابير الكفيلة بمحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة.
- تأهيل دور الولادة بالعالم القروي بموارد بشرية كفأة وسيارات إسعاف، وتوفير احتياجات المرأة الحامل من أدوية وقائية عبر برامج مندمجة للقطاعات المعنية.
- تحسين جودة التكفل بالنساء الحوامل بمؤسسات العلاج الأساسية، عن طريق تزويدها بالأجهزة الضرورية والأساسية.
- دعم الجمعيات التي تتكفل أو تقدم مساعدة للنساء في وضعية صعبة.
- تعزيز الحقوق الأساسية للنساء والنهوض بها.
- العمل على إحداث المؤسسات الدستورية ذات الصلة بالمرأة والأسرة والطفولة.
- تأهيل النساء وتمكينهن سياسيا واقتصاديا، وتعزيز مشاركتهن في الحياة العامة والتحفيز على تواجدهن بمراكز صنع القرار.
- النهوض بثقافة احترام الحقوق والحريات وكرامة النساء.
دكتور القانون العام والاقتصاد
وخبير امن المعلومات
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان