هي قصة صداقة طغى عليها طابع المودة والاحترام والتقدير، صداقة لا يمكنني القول عنها أزلية ولا سرمدية، كونها في حقيقة الأمر صداقة قدرية نسجتها الأقدار الإلهية بشكل فجائي، إذ بدأت القصة خلال منتصف سنة 2015م، وقتها كنت أعمل رجل أمن بصفة محرر للمحاضر الرسمية بمقر الدائر الأمنية السابعة لمنطقة الساكنية بمدنية القنيطرة “المغرب”، وفي ذات الوقت أعمل مساعدا لرئيس الدائرة الأمنية في مجال التواصل الأمني مع فعاليات المجتمع المدني والرياضي داخل المنطقة والمدينة وكلها أمور موثق ومشهود عليها بالدليل والعيان، الشيء الذي رسخ في حياتي الظهور القوي للحكم الرياضي الدولي لرياضة التايكواندو “سعيد عنيبة”، هذا الإطار الرياضي الدولي ومنذ تعرف بعضنا على بعض استطعنا بشكل ثنائي الارتقاء بعلاقتنا إلى مرتبة الصداقة الصدوقة التي لا انفصام لها، ولا انقطاع بعدها مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأحداث، لأن الأصدقاء الحقيقيين لا يُسيئون فهم بعضهم البعض أبدا، فهم دائما متسامحون، وبجانب بعضهم البعض مهما كان الوضع، كونه دائما هناك روابط من الأخوة الخالصة تسمى الصداقة الصدوقة.
وككلمة صدق، وشهادة حق حيال هذا الحكم الرياضي الدولي، فلا حديث لساكنة المدينة عن شخصه إلا بالخير، والإشارة إليه بالقدوة الحسنة، والأسوة المثالية، كيف لا وهو الذي أفنى زهرة شبابه في التدريب الرياضي “مجال الفنون القتالية لفنون الحرب والدفاع عن النفس” وأعني هنا بالتحديد رياضة التايكواندو التي بدأ ممارستها إبان فترة يفعانه أيام شبابه المفعم بالحيوية والنشاط “سنة 1978م”، ليرتقي بتداريبه الرياضية هاته سنوات تلو سنوات إلى حين أن تسنى له الحصول بامتياز كبير على الحزام الأسود من الدرجة الأولى من أكاديمية فنون الحرب والقتال بباريس لدولة فرنسا.
بعدها لم يركن إلى الخمول والروتين اليومي، بل تطور من ذاته، وضاعف حماسته، وجاهد نفسه كثيرا من خلال تضحياته المستميتة لنيل أعلى الدرجات الرياضية، والمراتب الاستحقاقية في ذات المجال عن جدارة وكفاءة رغم صعوبة الظروف والإمكانات، إلا أن إصراره فاقت كل هاته العراقيل الظرفية التي كان يرى فيها فترة عابرة، ولابد من التغلب عليها مهما بلع الأمر، ومهما تفاقمت الظروف، مهما طال الوقت والزمن، إذ قرر هذا الأخير اختراقها ومواجهتها من باب التحدي المبني على الثقة في النفس، ورباطة الجأش، وقوة الارادة، وصدق العزيمة، كونها كلها مقومات وصفات لا تجعل الانسان يتقهقر أو يتراجع أو حتى ييأس أو يحبط، حيث يقول القائد العسكري نابليون بونابرت: ” احسن وسيلة للتغلب على الصعاب اختراقها”.
وهكذا كان له ما أراد، ونيل كل ما تمناه ليس من باب التمني بل من باب الإصرار والمثابرة والكفاح والاجتهاد، كونه أصبح مدربا رياضيا على مستوى الصعيد الوطني “مدرب رياضي وطني” بداية سنة 1985م، لتبلغ به المراتب الرياضية اليوم بأن تحصل على الحزام الأسود من الدرجة السادسة “6 eme Dan” في رياضة التايكواندو، إلى جانب كونه نال صفة حكم رياضي وطني خلال سنة 1989م، ومن تم أحرز على صفة حكم رياضي دولي سنة 2007م دائما في ذات المجال الرياضي “رياضة التايكوندو،
ومما يزيدنا فخرا واعتزازا بهذا الحكم الرياضي الدولي، هو تفانيه في تنشئة وتربية الأطفال والناشئة من أبناء ساكنة المدينة تربويا ورياضيا وقيميا وأخلاقيا، أذ عاهد الله بأن يسخر بقية أيام عمره في خدمة هذه الفئة المجتمعية للارتقاء بها نحو كل ما هو صالح لهم ونافع لوكنة عبر تنمية حسهم الوطنية ونماء روح مواطنتهم الخالصة، ولم يتسن له الإقدام على هكذا نذر إلهي، والتزام وطني، وتعهد إنساني “قيمي وأخلاقي” أن من خلال تمكنه من الانتماء الطوعي واللامشروط بجمعية “منتدى معمورة” للثقافة والفن والرياضة بمدينة القنيطرة، والتي هو شرف لها كما هي فخر له، حيث يقول الكاتب الروماني ماركوس توليوس سيسرو: “ما من هدية نقدمها لوطننا، أفضل من تربية صغارنا وتثقيفهم” تجسيدا منا لشعارنا الوطني الخالد “الله – الوطن – الملك”.