ذات مساء من صيف سنة 2005م، بينما كنت أجوب مختلف شوارع وأزقة وسط مدينة القنيطرة على متن دراجة نارية تابعة للمصلحة الأمنية الولائية لمدينة القنيطرة مرفقا بأحد عناصر الشرطة الذي بدوره كان مستعملا لدراجة نارية مثيلة لتلك التي سلف ذكرها، عملا منا نحن الاثنين كدورية أمنية راكبة استتبابا للأمن الدائم، وبسط الهدوء والسلام الشامل، وبينما نحن كذلك إذا بشخص قد أثار انتباهي بشكل إيجابي، إذ لم تكن تبدو عليه أية حالات اشتباه، أو حركة وتصرف يدعو كلاهما للقلق أو الريبة، لقد هذا الشخص رجلا معتدل القامة، قوية البنية والجسم، كثيف العضلات، وكانت نظراته نظرات إيجاب، وابتساماته تبعث على الفرحة والأمل والسعادة، الشيء الذي أثار فضولي بشكل كبير للغاية، وجعلني أتقدم نحوه ليس لجسه جصا أمنيا وقائيا، ولا شكا مني في هويته وشخصه، بل لقد فعلمت هذا الأمر بدافع إعجاب يستحق كامل التقدير والاحترام لهذا الرجل الغريب الأطوار بسمة ورقة وأملا، نعم لقد كانت نظراته نظرات أمل تحمل في طياتها تقديرا للمؤسسة الأمنية وموظفيها من رجال ونساء.
ولما صرت أمامه، بدأته بالتحية والسلام بشكل ينم عن بالغ التقدير والاحترام، الشيء الذي جعله يبادلني بالمثل سعة ورحبا، ومن باب اهتمامي أكثر من فضولي استفسرته عن سبب تلك الابتسامات الباعثة للأمل والدالة على شعوره التام بنعمة الأمن والسكينة والطمأنينة، جراء ما يقوم به موظفو المؤسسة الأمنية من رجال ونساء ليل نهار، دونما ملل أو كلل، وبنوع من التفاني المهني اللامحدود، والتضحيات الجسيمة المنقطعة النظير، حينها شعرت بالفخر والاعتزاز كوني جندي للوطن أكثر مما أنا شرطي للمجتمع، وما كان مني ساعتها سوى الثناء عليه بشكل كبير، وشكره الشكر الجزيل، لنختم حوارنا التواصلي هذا بالتعرف عن بعضنا البعض لكسب صداقة مجتمعية أكثر من آنية أو ظرفية، بحيث أن شعار الأمن الوطني داخل المجتمع ككل يتجسد في شعار “الشرطة في خدمة المواطنين” وبالنسبة لي لا يمكنني خدمة وطني إلا من خلال نسج علاقاتي الودية والأخوية مع مختلف شرائح مجتمعي الذي أعيش فيه عيشة الفرد داخل الجماعة، مجتمع محلي تتخلله عدة نخب ورواد وكفاءات وأطر لابد لي من الاندماج معها بشكل كبير والانصهار داخل مكوناتها “الثقافية، الفنية، الرياضية” عبر التفاعل المباشر والبناء مع أهدافها وأعمالها وأنشطتها.
ولحسن حظي ذلك اليوم السعيد، بأن وطدت علاقة صداقتي مع الرجل المتخلق قيما وأخلاقا، الذي أفصح لي عن اسمه بالكامل “فؤاد العسال” وأعرب لي عن كونه يعمل في مجال التدريب الرياضي “مجال رياضة الآيكيدو” التي هي رياضة للدفاع عن النفس المنحدرة أصولها من اليابان قديما، هكذا اتضح لي بأن المدرب الرياضي “فؤاد العسال” يحمل حسا وطنيا صادقا، ووفاء وإخلاصا لمكونات المجتمع ككل وطنيا، وداخل المدينة على وجه الخصوص،
بعدها، افترنا، وذهب كل منا إلى سبيل حاله ووجهته المقصودة، إلى حين أن شاء القدر بأن تترسخ علاقة صداقتنا بشكل دائم ارتقى إلى درجة الأخوة النموذجية من حيث المودة والوفاء والإخلاص، وكانت البداية صيف سنة 2005م، لتسترسل جذور الصداقة الحقة إلى غاية يومنا الحالي، والتي هي صداقة نفتخر بتاريخها الذي ناهز 19 سنة على وجه التحديد، كلها سنوات أثمرت أخلاقا، وأفرزت ثقافة ومعرفة ورياضة امتدت جذورها لتشمل عددا كبيرا من ناشئة وشباب مدينة القنيطرة، كون المدرب الرياضي “فؤاد العسال” لم يكتف قط بما أحرزه في الماضي من نتائج رياضية محضة، بل جاهد نفسه، وطور من ذاته متحديا كل العراقيل والصعاب إلى حين تمكنه عن جدارة واستحقاق نيل الحزام الأسودة من درجة “6 eme Dan”، منتهيا به المطاف اليوم بإحراز صفة رياضية متميزة برتبة “إطار رياضي” و “أمين مال اللجنة الوطنية لرياضة الأيكيكاي بالمغرب” بالمغرب قاطبة، كما يعمل في ذات الوقت والمجال بصفته رئيسا للجنة الجهوية لذات الرياضة الدفاعية.
هذا، وتجدر الإشارة إلى كون الإطار الرياضي “فؤاد العسال” لم ينل هاته الدرجات والمراتب دونما قيامه بجهود كبيرة، ومثابرة حثيثة، وتضحيات منقطعة النظير، عن شغف وحب وولع لما مارسه منذ زمن بعيد “سنة 1996م” من رياضة أخلاقية تزرع في صاحبها كل مقومات الرجولة والشهامة والشجاعة من أجل الدفاع عن حوزة الوطن وكرامة المواطنين مهما كلف ذلك من ثمن، حيث يقول المثل: “الرياضة تكون شيئاً ممتعاً عندما يحبها الإنسان”.
وختاما، فقد انضم هذا الإطار الرياضي الوطني المتميز للعمل يشكل ديناميكي بمعية نخبة من السادة والسيدات المثقفين والفنانين والرياضيين المكونين جميعا التشكيلية الأساسية للمكتب المسير لجمعية “منتدى معمورة” للثقافة والفن والرياضة بالقنيطرة تحت رئاسة الأستاذ المقتدر “عادل كبير”.
من المغرب
1 تعليق
ذ.محمد قريبي
ولم تننهي الحكاية بعد.
بالتوفيق ان شاء الله. سرد جميل