طلب الملك المريض من حاشيته الانصراف ليختلي بالأمير ،ولي عهده ، لاتدع كرسي العرش إلا إلى القبر،. ولتعلم أهل الرأي والمشورة، بطانتك، اخترهم بعناية ،احرص على الاستماع إليهم جيدا ،اعقل كلامهم، ولكن فلتحط نفسك بكلاب العرش في كل زمان ومكان ، من المنافقين لأنهم من يخاطب شعبك ، ،يزرع في عقله حبك ، رهبتك ،حنكتك، يتشدقون بتاريخك ،يصنعون لك أمجادا ، مآثر من نبلك،فضلك في انتشاله من الضياع ،مبررين كل ما تقترف من أخطاء، أو تصرفات عشوائية بحجة اكتمال وشمولية نظرتك ،موضحين أنك تعلم الخفايا ،البواطن ،بينما لايرون إلا السطحي الظاهر ، يتهمون الشعب دوما بالجحود ،نكران الجميل ،أو العمى عن قصد وبدون قصد عن رؤية أفضالك عليه ،إحسانك ، إنجازاتك،يفقدونه ثقته في نفسه ، يرسخون فيه أنك الراعي وهو ليس أكثر من قطيع لك ، قاصر ، بينه وبين الرشد أمدا بعيدا ،يطالبونه بالصبر والتماسك ، يبثونه الأمل الزائف، يمنونه باقتراب وقت الحصاد الذي يستعجله، ميزهم ،ظللهم برعايك وعنايتك، ليشعروا بتفوقهم عن الشعب،هم أهل خداع وخسة ،لاتتخذن منهم وزيرا،ناصحا،مستشارا،لاتسمع لرأيهم ،مشورتهم توردك موارد التهلكة ،إذ يسمعونك ماتريد أن تسمع ،وليس الذي من المفترض أن تسمع،ألق إليهم بالفتات،وبحساب ،لكن لاتجالسهم ،ليكن بينك وبينهم حد فاصل لايتخطونه، دون صدام معهم ،وإلا صاروا خطرا عليك ،يتربصك ، يتهددك ، ليس لديهم أي سقف للولاء ،يتحينون لحظة ضعفك أو تراخي قبضتك على الأمور ، أو يظهر منافس لك يعطيهم أكثر مما تعطيهم،يبيعون لمن يدفع أكثر ، متبارين في إظهار الولاء والطاعة له، متحولين إلى أعتي الأعداء، ولكن لا تنس اجعل شعبك دوما منشغل عنك، يلهث وراء تدبير معايشه،من أن لآخر حين تستشعر سخطهم ،ضجرهم ،غيظهم ، دع أحدهم ينتقدك علانية،لتشفي غليلهم ، وداعا ، فاضت روحه ،مات الملك ،يحيا الملك.