نشأ ابنا لأسرة ريفية فقيرة ،تفوق في دراسته ،تخرج ،عمل مدرسا ، حظي بإعارة للكويت ،انتهت ،استقال من عمله بمصر ،وأكمل عمله لمدة مايقرب من عشرين عاما ، أجل فكرة الزواج ، حتى يكون نفسه ،بنى فيلا فخمة ، رشحت النسوة قريباته بنت أحد أعيان القرية ،يعمل موظفا كبيرا،له مكانته واحترامه بين الجميع ،كان يحنو عليه وهو صغير ، يشجعه ، يشد أزره لينجح بتفوق ،العروس حاصلة على دبلوم تجارة، منتقبة، جميلة ، وافق والدها ، رآها الرؤية الشرعية،عيون الخضراء،بياض الوجه ،حمرة الخدين ،فرح بها ،عقد القرآن ، ذهب لوالدها للاتفاق على حفل الزفاف ،ما إن دخل من بوابة حديقة البيت المفتوحة،لمحها ،لمحته ،بينما تجري مسرعة لداخل البيت ،تمر تحت شجرة فرعها الممتد ، أطاحت بشعرها المستعار ، جرت،صلعاء تماما ،تفحص الطرحة والشعر المستعار ،تملتكته المفاجأة ،انعقد لسانه،استدار راجعا لمنزله ،لملم حقائبه ،أغلق بوابة فيلته بالجنزير الحديدي والقفل، سافر ليبيا ،تعاقد هناك ،عمل مدرسا،أقام بسكن مشترك معهم ،يذهب للعمل ،يعود،يختلي بنفسه،يصحو مبكرا،يجلس وحيدا،مهموما،تملأ الدموع عينيه،يحدث نفسه ، عرف الجميع قصته ،وكيف أنه لم يجرؤ على طلاقها رأفة بوالدها ،مكانته وسط الناس،حنوا عليها ،لكنه لايطيقها ، كم كرر القصة بترتيب عجيب ،لايأبه أن يسمعه أحد ،بعدها انقطع عن العمل ،أهمل في نفسه،أطلق لحيته ،يسير حافيا ،لايشعر بجروح من زجاج مكسور أو شوك،لم يجد زملاؤه بدا من نقله لمستشفى الأمراض النفسية ،يطمئنون عليه بين الحين والآخر، انتحر بعد دخوله المستشفى بأسبوعين ، عاد لبلده جسدا في نعش ،ليدفن بقبر ببلدته،بعد أن وئدت أحلامه وأمانيه فيها.