يحرص كثير من الكتاب على التأليف بمعنى جمع المتآلف والمتجانس في الموضوع الذي يريد أن يكتب فيه. وقد يحقق هدفه أو يفشل فيه إذا لم تكن لديه رؤيه تحدد له ماذا يأخذ وماذا يترك.فيأتي عمله تلفيقًا وجمعا على غير هدى مثل حاطب ليل لايدري ماذا في جرابه من الأشياء حتى يطلع النهار فيكتشف الفجيعة.
أما التكوين فهو البحث عما يتكون منه شيء ما والنظر في العلاقات التي تحكم هذا التكوين بقصد تصويبها أو هدمها أو رد الشبهات وما أكثرها.
وقد تعرض الفكر العربي الذي اتصل بالدين من ناحية وبنظام الحكم من ناحية أخرى لانتقادات قوية.ولم يكن الهدف من هذا الانتقاد هدفا سويا بل كان هدفا محملا بأغراض قومية سياسية وبأغراض دينية.فقد انتقد الشعوبيون الدين واللغة والتاريخ وركزوا على جوانب الخلل والضعف البشري التي لا يخلو منها التاريخ الإنساني كما انتقد فريق منهم الوحي والرسل والبعث والنشور.
ولم يكن لهؤلاء من غرض إلا الهدم لإعادة البناء والتفتيش المغرض في مكونات هذا الفكر والمجتمع والدين ولذلك لم يفلح مسعاهم على الرغم من خطورته
أقول هذا وأمامي اسم مركز “تكوين” للفكر والدراسات هدفه وصل ما انقطع من أسباب النهضة العربية للتواصل الفعال مع الحضارة المعاصرة وهذا هدف نبيل نسعى إليه جميعًا ولكن ظروف التكوين ووقته والشخصيات التي تصدرت المشهد وسوابقها الكتابية ومواقفها المعلنة من تاريخنا ومن نصوصنا الدينية وتأويلها المغرض وانحيازها المسبق لأيديولوجية غير خفية يجعلنا نتوجس من هذا التكوين ومن الجزء الخفي الأكبر تحت الماء ومن اختيار مصر مقرًا لهؤلاء ومن مراوغة رؤيتهم وأهداف هذا التكوين.
إن في مصر التي اختاروها مقرا كتابا من الكبار ومن الشباب لم يرد لهم ذكر ولا وجه مركز تكوين الدعوة لهم ليشاركوا في تحقيق هدف هذا المركز وهو وصل ما انقطع من أسباب النهضة.ولو وجه هؤلاء المكونون دعوتهمً لأهل الفكر والعلم لأثبتوا لنا ولكل الناس براءة مقصدهم وأهدافهم
ونحن في انتظار ما سيسفر عنه ليل الحطاب وعندها يكون الكلام