“سابقة تاريخية”.. خبير دولي: انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل سيعزز حجية قرار محكمة العدل الدولية
مهران: مصر لها مصلحة قانونية مباشرة في ضمان احترام اتفاقية منع الإبادة الجماعية وتفسيرها لصالح الفلسطينيين
خبير دولي: تلميح شكري لمراجعة اتفاقية كامب ديفيد يعكس إحباطًا من غطرسة إسرائيل.. ومصر قد تلجأ للمادة السابعة
“لن نقف مكتوفي الأيدي”.. مهران: تدخل مصر في قضية غزة رسالة لإسرائيل برفض انتهاكاتها ودعم المساءلة الجنائية لقادتها
كتب عادل ابراهيم
أشاد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بموقف مصر التاريخي بإعلان اعتزامها الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات الأخيرة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، معتبرًا إياه خطوة شجاعة وحاسمة لدعم الحقوق الفلسطينية ومساءلة إسرائيل عن جرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
وبين مهران في تصريحات صحفية، أن إعلان مصر التدخل في هذه القضية جاء استنادًا للمادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح لأي دولة طرف في اتفاقية تكون محل نزاع الحق في التدخل لإبداء وجهة نظرها حول تفسير الاتفاقية، ما يمثل سابقة مهمة في تاريخ القضاء الدولي، حيث أن انضمامها سيعزز من حجية وقوة أي قرار قد تصدره المحكمة ضد إسرائيل وسيجعله ملزمًا لها كدولة متدخلة.
وأضاف أستاذ القانون الدولي أن مصر، بوصفها طرفًا في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، لها مصلحة قانونية مباشرة في ضمان احترام أحكامها وتفسيرها بما ينسجم مع الغرض الإنساني منها، لا سيما الالتزامات الواردة في المادة الأولى بمنع الإبادة والمعاقبة عليها، والأفعال المحظورة المنصوص عليها في المادة الثانية والتي تشكل الأركان المادية لهذه الجريمة، كقتل أفراد الجماعة المستهدفة أو إلحاق ضرر جسدي أو معنوي جسيم بهم أو فرض أحوال معيشية قاسية تهدف لتدميرهم كليًا أو جزئيًا.
كما لفت إلى أن التدخل المصري يأتي بعد صبر طويل وجهود دبلوماسية مضنية لوقف تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، خاصة في ظل الانتهاكات الفظيعة التي شهدتها الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها الاف المدنيين وألحقت دمارًا هائلًا بالبنية التحتية، فضلًا عن الحصار الخانق على القطاع المحاصر منذ أشهر، وهو ما يشكل مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة.
وأكد الخبير الدولي أن مصر تعاملت بكل الطرق السلمية والدبلوماسية الممكنة لإنهاء الأزمة، بدءًا من استضافة جولات حوار بين الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة، مرورًا بالوساطة والضغط لوقف إطلاق النار، وصولًا للمساعي الحثيثة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة العدوان وتوفير الحماية للمدنيين، غير أن استمرار التعنت الإسرائيلي أجبرها على تصعيد موقفها للجوء للمحاسبة القضائية الدولية.
كما أشار مهران إلى أن تلميح وزير الخارجية سامح شكري خلال مؤتمر صحفي لإمكانية اللجوء لمراجعة اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في ظل الانتهاكات الأخيرة، يعكس حالة الإحباط من الغطرسة الإسرائيلية، منوهًا إلى أن المادة السابعة من المعاهدة تتيح آليات متدرجة لحل أي خلافات، تبدأ بالتفاوض ثم التوفيق أو التحكيم، وهو ما قد يدفع مصر لتفعيلها إذا تمادت إسرائيل في خروقاتها، فضلًا عن حق مصر في تعليق الاتفاقية أو الانسحاب منها وفقًا لقواعد القانون الدولي في حال الإخلال الجوهري بها.
وشدد الخبير القانوني على أن قرار محكمة العدل الدولية في قضية جنوب إفريقيا، حال تبنيه وجهة نظر مصر والأخيرة، سيشكل سندًا دوليًا هامًا لتصنيف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين كإبادة جماعية وجرائم حرب ترتب المسؤولية الجنائية الفردية للمتورطين فيها، وسيعزز من خيارات مقاضاة المسؤولين الإسرائيليين في مختلف المحافل القانونية الأخرى.
وهذا ونوه مهران إلى أن ذلك يمثل رسالة قوية لإسرائيل بأن الدول العربية، وفي مقدمتها مصر ذات العلاقات الدبلوماسية معها، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاكاتها الممنهجة للحقوق الفلسطينية، وأنها سوف تستنفد كل السبل السلمية لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني ولردع الغطرسة الإسرائيلية، ولو اقتضى الأمر سحب الغطاء السياسي للسلام، بما قد يقود مستقبلًا لتعليق أو إلغاء المعاهدات الثنائية إذا استمر السلوك العدواني الإسرائيلي.
كما شدد بالدعوة علي توحيد كافة الجهود العربية والأفريقية والدولية لمساندة الحق الفلسطيني في أروقة العدالة الدولية، سواء باللحاق بجنوب أفريقيا ومصر وليبيا في التدخل لدعم الدعوى الحالية، أو عبر اتخاء كل الاليات المتاحة في القانون الدولي ضد الانتهاكات الإسرائيلية، باعتبار ذلك السبيل الأمثل لتعزيز الموقف القانوني الفلسطيني وإعادة القضية لمسارها الصحيح وصولًا لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.