خلال الفترات السابقة كانت ثمة محاولات جادة ومخططة مسبقاً للقضاء على هذا الفن خوفاً منه ، فبعض الأنظمة أدرك تأثير المسرح القوي بسبب التفاعل المباشر بين الفنانين والجمهور ، لذلك لعب بعض الوزراء السابقين للثقافة لهدم مسارح وحرقها وغيّر نشاطها ، فخسرنا مسارح كثيرة في فترة وجيزة.
منها مسرح محمد فريد على سبيل المثال.
فمسرح الستينيات .. أثار جدل دائم
“ إيها المسرح اسرع إلى نجدتى .. أنا نائم ايقظنى.. أنا ضائع فى الظلام .. ارشدنى إلى شعاع من نور.. أنا كسول ..أنا متعب ..أنا غير مبال فأفقنى “.
إذا كانت هذه هى رسالة المسرح كما ترى المخرجة العالمية ” اربان بوشكين ” فحرى بنا أن نتدارس قضايا المسرح فى محاولة للوقوف على بعدين اساسيين .
أولهما : أن المسرح كفن تشخيصى مدعاة لاثارة التشويق و المتعة الانسانية و هو ما يجرنا الى البعد الثانى الخاص بضرورة اتصال المسرح بالقضايا المعاصرة .
و هذان البعدان يقفان جنبا الى جنب كى تتحقق رسالة المسرح المنشودة و اذا كان الحديث عن المسرح اليوم قد يعود بنا احيانا الى سنوات الازدهار التى عاشها المسرح المصرى فى الستينيات ، الا انه من العبث ان نقف عند هذه المرحلة و نبكى على زمن الفن الجميل ، ذلك ان مسرح الشباب فى السنوات الاخيرة قدم نماذج رائعة فى مجالات التاليف و الاخراج المسرحى و ايضا فى السينوغرافيا .
الداء فى اصل الشجرة
فثورة يوليو 1952 والمسرح المصرى ، فثورة يوليو ذات التاثير الاوضح فى تاريخ مصر الحديث لها تاثيرها الايجابى على المسرح المصرى والعربى ، انها حقيقة تستحق الاستفادة و التأمل كلما تذكرنا فرقنا المسرحية الراسخة و دور العرض المهمة و الترجمات المسرحية من المسرح العالمى و المجلات المتخصصة و اشاعة ثقافة مسرحية عامة اعطت للمسرح دور الفاعل فى المجتمع و منحت الفنان المسرحى الاعتراف التام باهمية و قيمة دوره فى الثقافة المصرية و العربية ، مما اصبح معه امر المسرح فى الستينيات المصرية مثار فخر و سعادة واعترافا تاما بكونه عنصرا ذهبيا للمسرح المصرى – يأتى ذلك الاعتراف من جودة المسرحيات ذات الطابع الواقعى و الكلاسيكى والرومانسي المؤثرة على ذوق المتلقى المصرى حتى الان و لكن بعيدا عن مستوى الجمهور العام يأتى الاعتراف على المستوى الثقافى و من زاوية تاريخ الدراما المسرحية المصرية من كثرة الاتجاهات التجديدية المواكبة أنذاك لاحدث تيارات و مذاهب المسرح فى العالم و هو الامر الذى يستحق التأمل الموضوعى من وجهة نظر جديدة لذلك النوع المسرحى التجديدى انذاك ربما يكون البحث عن الداء فى اصل الشجرة المزدهرة مسألة صادمة و لكنها ضرورية اذا لحظت ان ازمة المسرح التى كثر الحديث حولها فى اواخر تسعينيات القرن الماضى تصاحب ايضا فترة الازدهار المتفق عليها من الجميع و هى فترة الستينيات كما ارجع معظم الباحثين و النقاد الامر فى انهيار المسرح المصرى فى السبعينيات و حتى الان الى سوء فى ” الادارة و ضعف فى الفنانين الجدد والى جانب غياب المؤلف والى العديد من المشكلات والتغييرات الاجتماعية ” دون ان يناقش احد امكانية وجود ازمة حقيقية لدى صناع المسرح الجاد فى الستينيات و تياراتها التجديدية ، يمكن مناقشة الامر اذن عبر تأمل جماليات التلقى و نماذجها المطروحة فى الازدهار الستينى و التى اعتقد ان دراستها ضرورية لفهم ازمة المسرح المتراكمة منذ ازدهار الستينى و حتى الان و ذلك الاعتقاد يقوم على ان مسرح الستينيات لايزال يتحاور حتى الان مع الواقع الاجتماعى والمسرحى فى مصر ، وبالتالى فهو يسهم بشكل او باخر فى ازمة المسرح المصرى الحالية فى اطار الفهم العام لتاريخ مصر الحديث على المستوى الثقافى و الاجتماعى ويمكن التركيز على الفترة من 1962 كبداية لمسرح الجيب و لصعود التيارات التجديدية الجادة و حتى بداية الانهيار مع عام 1970 الذى شهد على بداية الانكسار الازدهار الستينى و المتأمل لتلك الفترة يستطيع ان يفترض انه فى اوائل الستينيات و تحديدا فى العقد الاول و قبل ذلك ببضع سنين طبعت الواقعية بمفهومها التقدمى المسرح والقصة والرواية و دحتى الشعر بطابعها الكلى .
وحدث ذلك على يد الجيل الذى صنعت الاربعينيات وعيه الفكرى و الفنى و هذا النموذج الواقعى التقليدى هو النموذج المستفز والاساسى الذى حدثت الثورة عليه فيما بعد وداخل العقد الاخير من الازدهار المعروف بمسرح الستينيات وهكذا و خلال الفترة 1962 – 1970 ظهرت محاولات تجديدية للخروج على المسرح الفنى الواقعى و هنا بداية وجوهر المشكلة حين نشأت ازمة المسرح الجاد مبكرا بسبب عدم التفريق بين استيراد التقنية الدرامية وبين امتلاكها وذلك ان صناع النهضة انذاك استوردوا تقنيات من انتاج المسرح الغربى فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية فى عالم فقد الثقة بالبناء المنتظم للقيم بينما تم استخدام تلك التقنيات فى عالم مصرى كان لايزال يبحث لنفسه عن دور ويحتاج لقيم تبنى وجوده ، حدث ذلك فى ولع منسوب للعائدين من البعثات الخارجية بالتقنيات الغربية الحديثة مما احدث نوعا من التنامى السريع للمسرح وللثقافة المسرحية الجادة فى دائرة ضيقة من المهتمين المتخصصين مما جعل صناع النهضة التجديدية فى الستينيات يتحملون وزر الازمة الحالية بقدر ما ،ليس كل الازمة ولكن جوهرها حيث الاستلاب امام النموذج الغربى الاشتباك مع المشكلات الاجتماعية والقومية مما جعل الجمهور العام باستثنناء جمهور الواقعية و المسرحيات المضحكة بعيدا عن ذلك الازدهار انها ذات المشكلة التى يعانيها المسرح المصرى الجاد الان ، عزلته عن الجمهور العام وذلك هو الداء الحقيقى فى اصل الشجرة الستينية المزدهرة.
المسرح المصرى كان نوق لأهداف ثورة يوليو ومشروع القومية العربية..!!
كان المسرح نشطا للغاية لانه كان فى تلك الفترة مشروع قومى كبير و هو القومية العربية و الوحدة العربية مما انعكس بالايجابية على حركة الحياة فى المسرح و الدولة شجعت هذه الحركة باعتبار ان المسرح نبض الانسان فى اى مكان ، فكان هناك وعى كبير باهمية المسرح ، ومن ثم نجد ان المسرح فى تلك الفترة كان مسرحا مزدهرا يقدم كثيرا من الاعمال المسرحية
من خلال مسميات لمسارح مختلفة مثل ( المسرح العالمى ، مسرح الجيب ، مسرح الحكيم ، المسرح القومى ، المسارح الاخرى ) فكانت الحركة دائبة ونشطة للغاية ، فاذا رصدنا المنجزات فى المسرح السياسي نجد انه برغم انتشار الحركة المسرحية نجد ان هناك جوانب اخرى كثيرة كتدعيم اكاديمية الفنون المعنية بتخريج كوادر بتخصصات مختلفة فى السينما و الباليه و الغناء و الموسيقى ، فكانت الحركة الفنية برمتها نابضة بالحياة و الحركة .
تلك كانت هى الاسباب الاساسية لنشاط المسرح السياسى و التى خرج من عباءتها كثير من الفنانين (ممثلين ، مخرجين ، مهندسى ديكور ، نقاد فى الحركة المسرحية ).
هناك خلاف جوهرى بين مسرح اليوم و مسرح الستينيات وذلك لسبب رئيسى مهم وهو التحديات الكبيرة التى تواجه المسرح فى هذه الايام وهى كالاتى:-
1 – انتشار الفضائيات
2 – اتساع رقعة الاعمال التليفزيونية
3 – المسرح فقير ، فالمؤدى فى المسرح من النوعيات المختلفة ( المخرج ،الممثل ، مهندس الديكور ، واضع الموسيقى و الالحان ، مصمم الرقصات وخلافه ) ، يتقاضون اجورا ضئيلة جدا بالنسبة للتليفزيون مما اثر هذا على المسرح بهروب كثير من نجوم التمثيل والمسرحيين الى التليفزيون فهو الاجدى و الانفع والاوفر حظا من حيث امتلاكه للقدرات الانتاجية بينما المسرح يئن من شدة الفقر فى كل شئ .
( انا لا ادين اى احد بعينه )
لان المسرح و نشاط المسرح لابد ان يدخل فى اجندة الاستراتيجية العامة للدولة بمعنى ان المسرح ضرورة كما الهواء و الماء ورغيف العيش وبدونه يفتقد المجتمع الى اهم ملامحه الثقافية و الحضارية
فاذا حدث خلل فى المركز يحدث خلل فى كل شئ ففى فترة الستينيات كان المسرح عظيما و مؤثرا ، وكان له جماهيرية ضخمة فى كل محافظات مصر ،
فمثلا مسرحية “ الناس اللى تحت “ لنعمان عاشور مسرحية اجتماعية ثورية بطلها شيوعى و لما عرضت اول مرة عام 1955 اى بعد الثورة كانت انفجارا ويحسب للثورة ان تسمح بها – تلك المسرحية قدمت مجموعة من الرجال عبروا عن حياتنا و شكلوا وعينا ورؤيتنا ، حيث قدمت طبقة وسطى و كيف تندمج مع الافاق التى تتطلع اليها الثورة.
لقد نقلتنا ثورة يوليو والمناخ الذى اتاحته للناس ان يعبروا عن انفسهم من خلال الجامعة الشعبية ( الثقافة الجماهيرية حاليا )التى تبنتها الثورة جامعة ثقافية حرة ، و تم عمل قصور ثقافة مماثلة لنماذج تم استيرادها من الاتحاد السوفيتى ، اصبحت بعد ذلك (الثقافة الجماهيرية) وقد خرج حشود من الكتاب و الفنانين من هذه الجامعة .
كان هناك توازن بين الابداع و مسار الثورة ، كانت هناك فترات يحدث فيها انحياز وفترات مراجعة ، لقد حققت الثورة انجازات كبيرة ولها اخطاء ايضا مثل أية حقبة فى تاريخ الوطن فهى حقبة من حقب العمل الوطنى المصرى ، و هذا جزء من نسيج المصريين، أن هذا النظام ( 1952 – 1970 ) كانت له أخطاء و مراجعات ، كانت هناك أشياء ترفض لكن لم تكن هناك مسرحيات ترفض ، فالجمهورية الأولى كانت تنحاز إلى الفقراء بقيادة جمال عبد الناصر ، و اعتقد أن السبب الرئيسى للفجوة للمسرح فى الجمهورية الثانية هو الانسحاق الكبير الذى اصاب الطبقة الوسطى .
« انتصرنا وانهزم المسرح »
لماذا انفصل المسرح المصري عن القضايا الاجتماعية للمواطن المصرى…!!!
في السادس من أكتوبر عام 1973 بلغ جنودنا ساعة الصفر لتبلغ مصر معهم النصر الذي طال انتظاره عقب هزيمتين متتاليتين أمام العدو الإسرائيلي ، انتصرت مصر ببطولات جنودها البواسل الذين خاضوا بأجسادهم معركة ظنها البعض غير متكافئة نظرًا لتفوق الجيش الإسرائيلي على المستويين التكنولوجي والتسليحي آنذاك ، مادفع العالم لتسميتها بـ« معركة اللحم البشري مقابل الصلب » ، لكن ملحمة النصر التي شهدت بطولات عديدة لم تسعها سطور المجلدات وأقلام الكتاب ، وخذلها المسرح المصري ولم يمنح أبطالها القدر الذي يستحقونه من الاحتفاء والتقدير ، رغم غزارة الانتاجين الأدبي والفني الذي تناولها.
قبيل حرب أكتوبر ، وبالتوازي مع حرب الاستنزاف كانت هناك حربًا فنية ناعمة تدور رحاها على خشبات المسرح وبين سطور الكتاب والشعراء الذين قدموا للمجتمع المصري العديد من الأعمال الفنية التي تتناولت قضايا وطنية وقومية رافضة الاستسلام لمفهوم الهزيمة والنكسة ؛ وكان للمسرح المصري دورًا فاعلًا في تحضير المجتمع المصري للتخلص من آثار الهزيمة ودفعه نحو نصر أكتوبر عبر تقديم رسائل ثورية داعية لاستعادة روح المعركة ، ولكن في أعقاب النصر لم تنل حرب أكتوبر _ أو كما سماها قادتها آنذاك حرب رمضان _ ما تستحقه من توثيق.
وفي الذكرى الـ51 لنصر أكتوبر المجيد ، وفي ظل غياب المسرح عن القضايا الوطنية والقومية نستطلع آراء عدد من مؤرخي المسرحيين حول الأعمال المسرحية التي تناولت نصر أكتوبر، وهل كانت على قدر الحدث، كما نتساءل حول أسباب هزيمة المسرح، وما الذي أدى إلى انفصاله عن القضايا الوطنية؟
على وقع الحرب.. مسرح مقاوم
على وقع حرب الاستنزاف في أعقاب النكسة، كان للمسرح المصري والعربي حاضرًأ بدور وطني فاعل لبث روح التحدي ورفض الانكسار للهزيمة، إذ قدمت فرق المسرح القومي والحر على حد سواء عددًا لا يستهان به العروض الثورية التي أسهمت في تخلص المجتمع المصري والعربي من أثار النكسة، ودفعته نحو النصر عبر تغذية الروح القومية بعرض أعمال مجموعة من أهم الكتاب المصريين والعرب.
لم تغب القضايا الوطنية والقومية عن خشبة المسرح القومي ؛ بل شهد عددًا لا يستهان به من الأعمال الثورية الرافضة لمفهوم الهزيمة، كـ«كوابيس في الكواليس»، من تأليف سعد الدين وهبة وكرم مطاوع ، الذي عرض لأول مرة في مايو 1967م ، حوى بين سطوره رسائل وعبارات حادة تدفع المجتمع لرفض الاستسلام لمفهوم الهزيمة والنكسة، وفي عام 1969 صدر العرض المسرحي «وطنى عكا»، من تأليف عبدالرحمن الشرقاوي ، وإخراج كرم مطاوع ، وفي عام 1970 عرضت « ليلة مصرع جيفارا » تأليف ميخائيل رومان ، وإخراج كرم مطاوع، وأيضأ « النار والزيتون » ، من تأليف ألفريد فرج ، وإخراج سعد أردش ، الذي تناول القضية الفلسطينية ، وهو عمل يمكن إدراجه تحت مسمى المسرح التسجيلي ، حيث اعتمد المؤلف على الوثائق الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية والحقائق التاريخية والتقارير الصحفية والبيانات والدراسات التي تناولت القضية بالبحث والتحليل.
لم يتخاذل المسرح الحر عن دوره أيضًا ؛ إذ قدمت فرقة المسرح الحديث بين عامي عام ١٩٦٨ و١٩٧١ العرض الغنائي «أغنية على الممر» من تأليف على سالم ، وإخراج أنور رستم ، وقدم مسرح الجيب عرض «رسالة إلى جونسون» تأليف عبدالرحمن الشرقاوي ، وإخراج كرم مطاوع ، كما قدمت فرقة « مسرح الحكيم » مسرحيتى أرض كنعان « فلسطين ٤٨ » ،
و« الصليب » تأليف محمد العفيفى وإخراج جلال الشرقاوي، «زهرة من دم» تأليف سهيل إدريس ، وإخراج كمال ياسين.
من أرشيف مجلة الهلال
«انتصرنا وانهزم المسرح»
حلت ساعة الصفر في السادس من أكتوبر عام 1973 وحلت معها ملحمة العبور بأحداثها البطولية لتكون دافعًا رئيسيًا لتقديم عدد كبير من العروض الوطنية التي تناولت الصراع العربي-الصهيوني، واسترداد الكرامة والعزة العربية، لكن هذا لم يحدث؛ ففي الفترة ما بين منتصف إلى أواخر السبعينات شهدت خشبة المسرح القومى بعض العروض التي تناولت نصر أكتوبر بصيغ مباشرة وأخرى غير مباشرة وصفها مؤرخو المسرح بأنها لم تكن على قدر الحدث.
أنتج المسرح القومى هذه العروض: «أقوى من الزمن» تأليف يوسف السباعى وإخراج نبيل الألفى عام 1973، و«صلاح الدين»: تأليف محمود شعبان وإخراج كمال حسين عام 1973، و«حدث في أكتوبر»: تأليف إسماعيل العادلى وإخراج كرم مطاوع عام 1973، و«حبيبتى شامينا»: تأليف رشاد رشدى وإخراج سمير العصفورى عام 1973، و«سقوط خط بارليف»: تأليف هارون هاشم رشيد وإخراج سناء شافع عام 1974، «النسر الأحمر»: تأليف عبدالرحمن الشرقاوى وإخراج كرم مطاوع عام 1975، و«باب الفتوح» تأليف محمود دياب وإخراج سعد أردش عام 1976.
وقدم «المسرح الحديث» مسرحيات: مدد مدد شدى حيلك يا بلد: عام 1973، تأليف زكى عمر، وإخراج عبدالغفار عودة، و«رأس العش» عام 1974، تأليف سعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش، والعمر لحظة: عام 1974 تأليف يوسف السباعى، وإخراج أحمد عبدالحليم، والحب والحرب: عام 1974 تأليف شوقى خميس، وإخراج عبدالغفار عودة.
كما شاركت فرقة «مسرح الطليعة» بتقديم ثلاثة عروض عام 1974 هي: القرار من تأليف سعيد عبدالغنى، وإخراج مجدى مجاهد، وجبل المغناطيس: تأليف سعيد عبدالغنى، وإخراج فهمى الخولى، وحراس الحياة: تأليف محمد الشناوى، وإخراج أحمد عبدالحليم.
كذلك قام قطاع «الفنون الشعبية والاستعراضية» بتقديم عدة مسرحيات غنائية استعراضية من أهمها: حبيبتى يامصر: عام 1973، تأليف سعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش، الحرب والسلام: عام 1974، تأليف يوسف السباعي، وإخراج محمود رضا ومحمد صبحي، مصر بلدنا: عام 1978، تأليف حسام حازم، وإخراج أحمد زكى، نوار الخير: عام 1979، تأليف توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وإخراج حسن عبدالسلام.
من أرشيف مجلة الهلال
لم يغب الكتاب العرب عن الاحتفاء بالنصر إذ المعركة، إذ قدم الكاتب السوري سعد الله ونوس «ليلة سمر من أجل 5 حزيران» كما قدم الكاتب الفلسطيني هارون هاشم رشيد «سقوط خط برليف».
إسهامات لا تضاهي حجم الملحمة
أن المسرح المصري انهزم منذ نصر أكتوبر إذ تراجع دور المسرح تمامًا مع الانفتاح والتطبيع ، لأن نصر أكتوبر لم ينال ما يستحقه من التجسيد على خشبة المسرح ، أو شاشات السينما ، فرغم غزارة العروض التي قدمت في السنة الأولى من انتصار أكتوبر إلا أنها – قياسا بهذا الحدث العظيم – لا تليق بالملحمة كما لم تنتصر لبطولات جنودها
فخلال فترة النكسة انقسم المسرح المصري إلى قسمين، أحدهما يقدم عروضًا تلهوية كوميدية للتنفيس عن الشعب وتخفيف من آثار النكسة ، وقسم آخر تولته المسارح القومية للدولة تبني تقديم عروض معنية بالقضايا الوطنية والقومية ، وهو ما مهد لتحضير المجتمع للتخلص من أثار الهزيمة ، ودفعه للنصر ، لكن ما حدث في أعقاب انتصار أكتوبر كان عكس المتوقع ؛ إذ انهزام المسرح على إثر غياب قيمة القضايا الوطنية ، ما أدى إلى غياب قيمته وتأثيره ، حتى تلاشى دوره تمامًا منذ مطلع الثمانينات ، وتحول الاحتفال بأكتوبر إلى حفل منوعات.
« من المحزن أن الجيل الجديد لا يرى على خشبة المسرح القومي ما يجسد بطولات أكتوبر ، وكأنما انتصرنا وانهزم المسرح ، رغم كوننا لا نزال في معركة مصيرية مع العدو ، إذ لايزال الشعار المعلق لديه في الكنيست من النيل للفرات».
من أرشيف مجلة الهلال
الثمانينات وإخماد شرارة المسرح
أن الأعمال المسرحية والسينمائية التي تناولت نصر أكتوبر لم تكن على قدر الملحمة، واصفًا «حبيبتي شامينا» بأنها مجرد تملق للرئيس السابق، محمد أنور الساات، مضيفًا أن الدور الوطني الذي تبناه المسرح القومي في ستينات القرن الماضي ظل يتراجع بشكل تدريجي حتى خمدت شرارة المسرح الوطني نهائيًا في الثمانينات، ما أدى إلى تحويل المسرح إلى وسيلة تلهوية، لافتًا أنه منذ الثمانينات حتى 2019 صدرت حوالي 450 عرض مسرحي 90% منها عروض تلهوية وترفيهية لأغراض تجارية.
إعدام الثقافة الجماهيرية
يرى الكاتب والمؤرخ المسرحي فتحي العشري أن الجانب الإسرائيلي قدم للهزيمة ما لم نقدمه نحن للنصر على الصعيد المسرحي والفني ، وتطرق إلى تراجع الوعي الجمعي ، و«إعدام» الثقافة الجماهيرية للشباب المصري ؛ جراء تراجع دور الهيئات والمؤسسات الثقافية في مصر عن القيام بمسؤوليتها ودورها الوطني، مضيفًا «نحن بحاجة إلى إحياء دور المسرح لأن المجتمع المصري بحاجة لإعادة بث الروح الوطنية عبر إضاءة قصور الثقافة بأعمال هادفة ، لا سيما في ظل تراجع الوعي الجمعي بالقضايا الوطنية».
مقوله تقال لكل من يعترض على توجهات وزارة الثقافة أو خطة مسرح الدولة..!!! «مش عاجبك قدم استقالتك»…!!!
المسرح الكوميدي في مصر يحتضر
اتفق عدد من كتاب ومخرجي المسرح على أن جسد المسرح الكوميدي يحتضر ، وأن عام 2011 قد يشهد أنفاسه الأخيرة ، مشيرين في الوقت إلى الحالة المتردية التي يبدو عليها المسرح الخاص عموما والذي أصبح لا يقدم إلا عددًا محدودًا من المسرحيات ، وقد اختلفت آراؤهم حول أسباب ذلك التراجع وعلاجه.. فقد رأى البعض أن عزوف النجوم والمنتجين وكذا انصراف رجال الأعمال عن دعم المسرح وراء تراجع المسرح الخاص ، بينما رأى البعض الآخر أن نجوم الكوميديا وراء ذلك بسبب استهلاكهم للضحك والإفيهات المبتذلة ما جعل الجمهور يفضل المقهى على المسرح..
أن هذا المسرح بنهاية 2010 قد حصل على «صفر» ودخل مرحلة الاحتضار دون أي أمل في إنقاذه..
أسباب ذلك الانهيار ، كثيرة لعل أولها قلة المسارح الكبيرة وغلو أسعار استئجارها وكذا عدم وجود فكرة المسارح الصغيرة المتعارف عليها بأمريكا ودول أوروبا التي لا تتعدى المائة مقعد فقط ، وكذا لأن المسرح الخاص يلزمه دعاية وخاصة المسرح التلفزيوني وهي عالية التكلفة رغم أنها تعد الوسيلة الوحيدة لجذب الجمهور.
فالنجوم انصرفوا إلى التليفزيون والسينما ، حيث ينتهي التصوير في أيام محدودة ، وأصبح هذا المسرح يعمل عليه ممثلون معروفون ، والفرق كبير فلا يزال النجم يجذب الجمهور لدفع تذكرة المسرح التي تعتبر باهظة على ميزانيته.
ضعف النصوص
أن النصوص المسرحية أصبحت ضعيفة ، ولذا يقوم المنتجون بالتكملة بالديكورات المبهجة التي تمثل عبئاً جديدا على ميزانية العمل وخاصة أن تلك الديكورات والرقصات وكذا الإضاءة تصل تكلفتها إلى ملايين الجنيهات ؛ مما يصعب الأمر أكثر على المنتجين ، فالكاتب هو عماد المسرح ، وما يحدث الآن هو أننا وضعنا العربة أمام الحصان فيأتي النجم أولا ثم يقوم «ترزية النصوص» بوضع مجموعة من النكات المستهلكة والمبتذلة دون نص حقيقي أو ممثل يكون صالحًا للدور ، فالنصوص تحولت إلى نكات متصلة يجدها النجم مع استخفاف ظله وتحول الأمر إلى «سبوبة».
مع غياب المسرح الخاص غاب أيضاً «المسرح الفكري» الذي كنا نقدمه فى القومى والحديث والكوميدى ، « المسرح السياسي » ، ولكنه مسرح فكري يقتحم ويناقش جميع الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وقد خرج من عباءته فنانون ونجوم كبار كالفنانة عبلة كامل ومنى زكي ومصطفى شعبان وفتحي عبدالوهاب.
الحل هو تكاتف رجال الأعمال مع الدولة من أجل إنصاف ذلك المسرح ؛ مثل تجربة «نجيب ساويرس» الذي خصص جائزة لسيناريو المسرح لتشجيع الكتَّاب ، مؤكدا ضرورة العمل على جذب الجمهور الذي أصبح يهمل المسرح ويفضل القهوة كمنتدى وتسلية له.
القطاع العام أفضل
أن مسرح الدولة سد الفراغ الذي تركه المسرح الخاص لدى الجماهير التي عزفت عنه بسبب الهزل والنصوص التي بدون قوام ، واتجهت إلى مسرح الدولة بخطة طموحة ذات مضمون تهم الإنسان المصري وتعالج قضاياه ، التي تناسب جمهور مصر وتثري الحركة المسرحية.
أن المسرح الخاص قد استهلك نفسه بالابتذال والضحك غير المبرر من خلال الإفيهات الجنسية والرقص المبتذل والاعتماد على كوميديا «الترفيه»، وكلها أمور بعيدة تماما عن المسرح الكوميدي الذي يعتمد في الأساس على الفكرة ، حتى «النكتة» تكون قائمة على مفاجأة ، أما الجمهور فأصبح يتوقع ما سيقدمه النجم ، فالمسرح الخاص تحول إلى تابوهات بعينها ونجوم مستهلكة.
أن جسد المسرح الخاص مريض يحتاج لاكتشاف الداء والبحث عن أفكار جديدة تعتمد على كوميديا الموقف والالتزام بالنص ، وهناك أمثلة ونماذج شابة مختلفة ناجحة مثل عمل قهوة سادة للفنان خالد جلال فهو محاكاة لعمل فني بطريقة ساخرة، أقتبصها أثناء بعثته بالخارج وشاهد مسرح القهوة ، ولذا يجب اكتشاف وجوه جديدة والاعتماد على طلبة وخريجي فنون مسرحية ، وعمل ورش عمل لهم من أجل إيجاد حلول لإنقاذ المسرح الذي أصبح يعاني من عقم الأفكار.
إن هناك البعض الذي استطاع أن يخرج من تلك التابوهات كالفنان عادل إمام الذي طور نفسه وأصبح يخاطب الشباب من خلال أفكار جديدة ، كما أن مؤلف القطاع الخاص الآن له تركيبة خاصة فبعض منهم يلعب على سوء الفهم والآخر على الإفيهات الجنسية التي اعتاد عليها نجوم الكوميديا.
الضحك على المشاهدين
إن المسرح الخاص هو مسرح تجاري في المقام الأول يهتم بالربح ، ولذا يبحث عن الضحك بأي وسيلة ويتبع الكتَّاب الآن أسلوب «الزغزة» للمشاهدين أو التعليق على حدث يشغل بالهم.
ماحدث للمسرح الخاص من تدور هو نتيجة طبيعية لتطبيق لسياسات الخصخصة على مجالات الفنون ، وهو ما أصاب الموسيقى والسينما وغيرها من المجالات الفنية. ويتفق أبو النجا مع الكاتب لينين الرملي في تكاتف رجال الأعمال وجمعيات التنمية الاجتماعية مع مسرح الدولة؛ لإعادة النهوض بالمسرح الخاص وعمل جوائز تشجيعية لنصوصه الجيدة.
التشويق وتعديل لائحة المسرح
أن مسرح الدولة يشهد ازدهارًا في الوقت الذي يموت فيه المسرح الخاص لاحتواء الأخير على مفاهيم وعناصر يفتقدها المسرح الذي اعتمد على نموذج «علي الكسار» وإسماعيل يس حتى هبط إلى الدرجة السفلي وأصبح بدون محتوى.
ونطالب بتعديل لائحة المسرح في مجملها والاهتمام بالنهوض بالمسارح وصيانتها وتخصيص ميزانية لها وكذا إعادة الروح للفرق المسرحية من جديد والعمل على تطوير تقنيات خشبة المسرح غير المواكبة للعصر، وكذا تطوير تقنيات الممثل ثم الاهتمام بالتسويق الجيد للأعمال لتحقيق مكاسب مالية.
والسؤال الاخير
هل القيادات الحالية فشلت فى قيادة مسرح الدولة إلى الازدهار وانارته طوال أشهر السنة كما كان فى السابق .