خبير دولي: أدلة بريتوريا تثبت ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية وحرب في غزة
كتب – د.خالد محسن
أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية، وعضو الجمعية الأمريكية والأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسات الاستماع التي انطلقت اليوم الخميس 16 مايو 2024 أمام محكمة العدل الدولية، والتي خصصت لمرافعة جنوب إفريقيا، على أن تستكمل غدا الجمعة لسماع دفاع إسرائيل، تشكل محطة فارقة في مسار مساءلة الاحتلال عن جرائمه بحق الفلسطينيين.
وأشار الدكتور مهران، في تصريحات صحفية لمنصة “الإخبارية” إلى أن الطلب الجديد الذي تقدمت به بريتوريا للمحكمة، بشأن اتخاذ المزيد من التدابير العاجلة لحماية المدنيين في غزة، وتعديل التدابير المؤقتة السابقة، يستند لأسس قانونية راسخة، ويعكس تصميم جنوب إفريقيا على دفع عجلة العدالة الدولية تجاه فلسطين.
كما أضاف مهران أن وصف جنوب إفريقيا للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح بأنها “إبادة جماعية” ينسجم مع تعريف هذه الجريمة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تعد إسرائيل طرفا فيها، حيث تنص المادة الثانية على أن الإبادة الجماعية تشمل أفعالا ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا.
وتابع “إن الأدلة التي قدمتها بريتوريا، والتي تشمل استهداف إسرائيل الممنهج للمدنيين، وتدمير البنية التحتية والممتلكات على نطاق واسع، ترقى لمستوى الإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية، وتشكل أيضا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.
وأشار الخبير الدولي إلى أن مطالبة جنوب أفريقيا بإصدار أوامر طارئة لوقف الهجوم فورا والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، يجد سنده في المادة 41 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، التي تخول المحكمة سلطة اتخاذ تدابير مؤقتة لحماية حقوق الأطراف ومنع تفاقم الضرر.
وشدد الدكتور مهران على أن عدم امتثال إسرائيل لقرار المحكمة في يناير الماضي، والذي أمرها ببذل كل جهد لمنع الإبادة وتمكين وصول المساعدات، يتطلب تحركا حازما من المحكمة تنفيذا للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تلزم الدول الأعضاء بالامتثال لقرارات المحكمة.
وأوضح أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة قانونا لأطراف النزاع وفقا للمادة 59 من النظام الأساسي للمحكمة، كما أن المادة 60 تؤكد على نهائية الأحكام وعدم قابليتها للاستئناف، وبالتالي فإن أي قرار تصدره المحكمة يكون ملزماً لإسرائيل ويجب عليها تنفيذه، بالإضافة إلي أن أي قرار بإدانتها سيكون له أيضا أثر قانوني كبير، وسيوفر غطاءً لاتخاذ إجراءات عملية ضدها، كالعقوبات والمقاطعة والملاحقة القضائية لقادتها.
واستطرد قائلا: يشير الواقع إلى أن فاعلية قرارات محكمة العدل الدولية تظل رهينة لإرادة المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، في إنفاذها، ما يتطلب تحركا سياسيا ودبلوماسيا حثيثا لحشد الدعم الدولي وتعزيز الضغط على إسرائيل للامتثال، مع ضرورة تراجع مجلس الامن الدولي عن مواقفه التي لا تتفق مع دوره كجهاز دولي هام بسبب الفيتو الأمريكي الدائم المنحاز لإسرائيل.
وأعتبر مهران أن نجاح طلب جنوب إفريقيا سيمثل انتصارا تاريخيا للقانون الدولي الإنساني وسيادة العدالة على القوة، وسيفتح الباب أمام خطوات أكثر جرأة لمساءلة إسرائيل ووقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، داعيًا كافة الدول للانضمام للدعوى ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، ومحذرا من أن الفشل في محاسبة إسرائيل سيشجعها على التمادي في جرائمها ويقوض مصداقية المنظومة القانونية الدولية.