غالبًا ما تبدو الحرب والعنف وكأنها أفعال ينفرد بها البشر، لكن الباحثين اكتشفوا وقوع معارك شرسة تخوضها حيوانات الشمبانزي بتحريض من تحالفات الذكور البالغين، بهدف توسيع أراضيهم. والمثير أن مناطق القتال يتم احتلالها بالقوة.
الباحثة جيسيكا سيرا تنظر للجانب المظلم من سلوك الشمبانزي واتضح أن أقرب أقربائنا لديهم استعداد للحرب.
الثدييات غير البشرية، ينتشر فيها العداء بين الذكور، لكنه نادرا ما يؤدي إلى الموت. هناك استثناء واحد، وهو أقرب أبناء عمومتنا، إنه الشمبانزي! هذه الحيوانات يمكنها تشكيل تحالفات سياسية معقدة. وكشفت عالمة الرئيسيات الإنجليزية جين جودال عن الجانب المظلم في الشمبانزي.
في عام 1974، كانت جودال تدرس مستعمرات الشمبانزي بتنزانيا، ولاحظت وجود انقسام اجتماعي بين فئتين بأحد المجتمعات. الأولى تضم 8ذكور بالغين و12أنثى وصغارهم. أما الثانية، فتضم ستة ذكور بالغين، ومراهقًا، وثلاث إناث بالغات.
بدأت الأعمال العدائية عندما قام أحد ذكور المجموعة الأولى بقتل آخر من الثانية. واستمرت الأولى في اجتياح الثانية، حيث قُتل ستة ذكور آخرين. أما إناث الثانية، فقد تعرضت للضرب من الذكور الشرسين واختفت اثنتان.
استمرت الحرب أربع سنوات وسيطرت المجموعة الأولى على أراضي الثانية. ولكنه انتصار قصير الأمد، إذ تمكن مجتمع آخر للشمبانزي، يعيش في مكان قريب، من إخافة الأولى وإبعادها.
وتتذكر جودال: “لسنوات كنت استيقظ ليلًا، وتطارني صور مروعة لقرد يشرب الدم المتدفق من جرح كبير في وجه قرد آخر؛ وشمبانزي مسن يلقي حجرًا كبيرًا على نظيره، ويمزق جلد فخذ قرد آخر.”
جودال ليست الوحيدة التي تطاردها الصور الدموية لجرائم القتل بين مجموعات الشمبانزي. روى باحثون آخرون مشاهد للعنف بين الشمبانزي بمتنزه كيبالي الوطني بأوغندا. وتجري هذه المعارك الشرسة بين تحالفات لذكور بالغين، لتوسيع أراضيهم. لاحتلال أراضي الغير بالقوة.
وروى فريق بحثي بجامعة ولاية آيوا جريمة قتل ارتكبها عدة ذكور عام 2013 لأحد أعضاء مجموعتهم بالسنغال. لم يشهد الباحثون المجزرة التي جرت في ظلام الليل، لكنهم سمعوا صرخات وفي الصباح وجدوا جثة ذكر عمره 17 عامًا، جردته عصابة من شباب الشمبانزي من مكانته عام 2007.
بعد الحكم عليه بالنفي والعزلة، عاد المنبوذ للمجموعة، وفرض نفسه زعيمًا عليهم، وهذا لم يعجب الذكور الجدد. “هذه المعارك المميتة ارتبطت بالترتيب الهرمي داخل المجموعة ورالمنافسة الشديدة للوصول إلى الإناث” .
ويشير موقع livescience إلى أن أكثر ما أزعج العلماء هو طريقة تعامل العصابة مع جثة القتيل، حيث سحبتها على الأرض، واقتلعت أعضاءها التناسلية، وعضتها في كل مكان، ومزقت لحمها و…أكلتها!
القتل والقسوة لا يقتصران على الإنسان العاقل. ولم ينته عالم الحيوان من مفاجأتنا أيضًا.