إن موقف الدولة المصرية ثابت ولم ولن يتغير تجاه قضية العرب جمعاء رغم تغير الأنظمة الحاكمة؛ فللشعب الفلسطيني حق إقامة دولته ونيل حريته واستقلاله في مستويات ومجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن ثم تعزز القيادة السياسية المصرية الرشيدة هذا الموقف وترفض بصورة قاطعة البيان والدلالة كافة سياسات الكيان الصهيوني الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية تحت مسببات وحجج واهية، ويحض على تأجيج الصراع ويعمل عليه بصور شتى؛ لتستمر ويلات الحرب تنال ممن لا يملكون أضعف مقومات الحياة.
ومن يحاول عن طريق الإعلام غير المهني مستخدمًا شبكات ذات ذيوع، أن يقلل، أو يشوه، أو يضعف من الدور المصري المتواصل على مدار الساعة من أجل إيقاف هذه الحرب غير المتكافئة والتي أهدرت الدماء البريئة من أطفال ونساء وعجائز، ودمرت مقومات الحياة فأصبحت شبه مستحيلة وغير آمنة في قطاع غزة؛فنقولبلسان مبين إن العالم بأسره يرى ما تبذله الدولة المصرية من تقديم مساعدات مستدامة ودبلوماسية مستمرة، وهذا ما جعل هناك مقاومة وثبات للفلسطينيين كي يتمسكوا بتراب الوطن الغالي، ويفشلوا كل محاولات التهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل بصورة متعددة.
وما نشاهده أن المجتمع الدولي لم يتخذ الموقف الذي يتسق مع ضمير الإنسانية، بل ساند إسرائيل لتستكمل مسلسل إجرامها، وغض الطرف ووكالات أنبائه العالمية عن الممارسات غير الشرعية ضد الشعب الأعزل، وفي المقابل وقفت مصر وغيرها من الدول المنصفة واستنكرت ما تقوم به إسرائيل من عمليات تستخدم فيها القوى المفرطة؛ فتؤدي إلى أزهاق أرواح المدنيين وهتك إنسانيتهم، كما أصرت الدولة المصرية على إيصال المساعدات الغذائية والدوائية للقطاع بغية إنقاذ الأرواح وليبقى الشعب صامدًا ضد مخططات التهجير.
إن من يحاول التقليل من دور مصر وإلقاء الاتهامات المزيفة على أجهزتها الشريفة؛ إنما يعتمد على تشتيت الجهود وبث الفتن وتغييب الوعي حيال القضية الرئيسة والمتمثلة في حل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، للتمكن من إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدس الشرقية، كما تبرر محاولات التشويه القيام بمزيد من الممارسات التي تؤدي إلى إنجاح مخطط التهجير الذي تعمل عليه إسرائيل بدعم ومساندة من دول كبرى ماديًا ومعنويًا وإعلاميًا.
لقد تكشف للعالم كله أن صمود الشعب الفلسطيني بفضل مساندة الدولة المصرية ونصرة القضية العادلة، وتأكد لدى إسرائيل أن مهمتها ليست بالسهلة؛ فهناك رسوخ وشموخ وثبات مصري يقف حجر عثرة تجاه تنفيذ مخططات صفقة القرن ومشاريع التهويد والاستيطان المستمرة، وصد عودة اللاجئين لأرضهم، وفي المقابل تتجاهل الدول الكبرى دورها في اتخاذ قرارات تلزم الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار، وكي تبرر موقفها المخزي تسمح لأبواقها الإعلامية بإلقاء التهم على الدولة المصرية بأنها سبب عرقلة جهود التهدئة والانحياز لطرف على حساب طرف أخر، وهذا عار تمام عن الصحة ولا يصدقه عقل ووعي رشيد، ولدينا يقين بأن مصر تؤدي دور الشريك الكامل وليس مجرد الوسيط، ومن ثم فإن كل مقترحاتها تتم في حضور الأطراف وقبولهم لها.
ما تصرح به إسرائيل وما تبثه وكالات الإعلام وشبكاته غير المهنية من أن مصر تعرقل جهود المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة أمرًا لا يصدقه عقل أو منطق؛ فتلك الاتهامات تعبر عن نوايا خبيثة تستهدف توجيه الأنظار عما يحدث من مجازر ومهالك على الأراضي الفلسطينية، وتعطي الفرصة لإسرائيل لاستكمال أهدافها التي لن تتحقق ما دامت الإرادة المصرية ثابتة على موقفها؛ فمما لا شك فيه أن إنهاء الحرب وحل الدولتين يخدم الأمن القومي المصري، ومن ثم يبدو فجور ماهية الكذب واضحة لدى ما يطلق عبر تصريحات تعد غير مسئولة، وفي ذات الوقت ممنهجة وموجهة للنيل من دور مصر التاريخي؛ حيث إنها أول من اقترحت رؤية متكاملة لحل أزمة غزة، وكانت هي أساس المفاوضات التي تمت في باريس والدوحة وتل أبيب والقاهرة، ولا يمكن لمصر أن تستبدل أو تغير ولو حرفاً واحدا دون التشاور مع جميع الأطراف وبموافقتهم.
ورغم ما يطلق وما يشاع من أصحاب الأبواق غير المهنية نؤكد بأن محاولاتهم للتشويه لن تثني الدولة المصرية وقيادتها الحكيمة عن استكمال دورها التاريخي من أجل دعم القضية الفلسطينية وإزاحة الكارثة الإنسانية عن قطاع غزة.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة – جامعة الأزهر