شابة جميلة توفى عنها زوجها التاجر البسيط تاركا خمسة أطفال ،ثلاثة أولاد وبنتين،أكبرهم لم يتعد الثلاثة عشر عاما ،وأصغرهم بنتا رضيعة عمرها ستة أشهر ، يقيمون في منزلهم الذي ورثوه عنه ، أسفله محلان صغير خال ، وكبير مستأجر، كان محسنا كريما ،يده ندية ،لايكتفي بالعشور فقط ،بل ساعد كل من حوله ،لم يرد أي طالب أو محتاج ، كان له أختا تغار على زوجها منها ، وكذلك زوجتا شقيقيه ،أداروا ظهورهم للأرملة وأنكروها ،بل وحرضوا الأقارب والمعارف على عدم مساعدتها ،بحجة أن شقيقهم ترك لها ثروة كبيرة ،مما زاد في معاناتها والأيتام ، رمت حمولها على الله ،تاجرت بنجاح في الشباشب البلاستيك ،قامت بنقل تجارتها إلى الدكان الصغير الذي لايتعدى متر في متر ،توسعت شيئا فشيئا تاجرت في الأدوات المنزلية والعبايات ،أشفق عليها صاحب الدكان الكبير الملاصق ،تركه لها لتتاجر فيه لتعيل أطفالها ،بعد أن رآها تستتر لترضع طفلتها ،استشعر الصبيان الثلاثة المسؤولية عملوا في الإجازات في ورش مختلفة ، كانوا متفوقين في دراستهم ، وكانت المصرة أعظم إصرار على أن يستكملوا تعليمهم في مدارس خاصة ،وبناتها في مدارس الراهبات ، تعرضت لعملية نصب ضاع فيه رأسمالها ، لكنها لم تيأس ، لم تستسلم ، وفي ذات الوقت تفاجأ بمن يعرض عليها بضاعة لتعرضها في محلها لتسدد ثمنها على أقساط فيما بعد ، احترقت شقتها بكل مافيها ، أولاها الأقارب من طرف زوجها وأهلها ظهورهم وتنكروا لها ، بما فيهم أخوها المصدر الكبير ،لم تيأس خرجت من كبوتها أقوى بفضل الله ، حازت احترام الناس من الجيران ، وكل من تعامل معها ، لم تكن تذهب للكنيسة إلا نادرا ، فلقد كانت كنيستها في قلبها ، تعيش مع الله الذي رعاها وأبنائها، تمضي الأيام يتخرج أولادها من الجامعات ، رفضوا العمل الحكومي عملوا بالتجارة ، أدوات كهربية ، أثاث ، أكملوا بناء منزلهم حيث يقيم كل منهم في شقته مع زوجته ، والشقق الأخري أتخذوا منها ورشا ومخازن،قابل ابنها الأكبر عمه في السنترال ، فوجيء بعمه يسأله شكلك ليس غريبا ، رد عليه متحسرا أنا ابن أخيك المرحوم فلان ياعمي ، جبل أبناؤها على الرحمة والبر وفعل الخير ، حتى أن ابن عمهم توفى تاركا أطفالا أيتاما تكفلوا بهم ، بادلوا الذين تخلوا عنهم كل خير وإحسان ، كم مازحتهم أمهم حين يغادرون لينام كل في شقته ، فاكرين لما كنا بنام كلنا حاضنين بعض علشان مانبردش ، احمدوا ربنا ومجدوه.