انا واحد ممن يتذكرون ايام الطفولة والصبا ويتحسرون عليها واتمنى ان اغمضى عينى وافتحهما فاجد نفسى وقد عاد بى الزمن الى تلك الايام الخوالى الجميلة .
اليوم ابدأ عامى السابع والستين هى لحظات قصيرة فى عمر الزمن لكنها فى تقديرى وحساباتى عمر طويل ملىء بالذكريات والاحداث ملىء بالافراح والاتراح . ملىء بالنجاح والفشل بالاحباط والرضا وفى النهاية لا املك الا الشكر والحمد لله الذى وهبنى كل هذه السنوات وانا مازلت اقف على قدمى اسير عليهما دون ان اتوكأ على عصاى ومازلت اسعى بنفسى لقضاء مصالحى ومازلت اتحمل مسئولية ابنائى فقد انجبت بعد ان تجاوزت سن الاربعين من عمرى وطوال مسيرتى فى الحياة كان القدر دائما اقوى من ارادتى واقوى من احلامى واكبر من طموحاتى وتعلمت ان اترك مصيرى للقدر يخطه كيف يشاء فالعبد لا يملك الا السعى اما ادراك النجاح فلصاحب هذا الكون .
ومن المفارقات الغريبة اننى انسى حاضرى واغرق فى الماضى مازلت اتذكر اجيالا واجيالا راحت وخرجت من نهر الحياة وطواها النسيان لكنها مازالت حية فى ذاكرتى .
لكن لماذا يهيمن على ذاكرتى كل هذا الماضى واقصد به ايام الطفولة والصبا .. السبب بسيط وهى انها كانت اياما جميلة نفوس الناس فيها مسكونة بالمحبة والرضا ولا يعنى هذا انها كانت اياما صافية خالية من الاكدار ونوائب الحياة والدهر التى يسميها شيكسبير
The misfortunes of life .
ابدا كان فيها الكدر لكنه كان قليلا .. فى ايام الصبا كانت الصداقات بين الناس بريئة صداقة من اجل المحبة ومن اجل الصداقة دون ان تشوبها المصلحة لم يكن الفلاح قد عرف اللف والدوران والمكر والكذب .
كانت احتياجات الناس بسيطة فكانت النفوس خالية من الحقد والحسد والضغينة وامراض القلوب .