بالنظر إلى ما تم إنجازه من مشروعات قومية مبهرة على أرض المحروسة، وفي شتى ربوعها، وما تم تدشينه من بنى تحتية وفوقية مهدت الطريق والمسار أمام التنمية الاقتصادية بمجالاتها المختلفة، بل وساهمت في فتح الباب على مصراعيه للاستثمار المحلي والأجنبي المباشر؛ فقد أضحت منظومة النقل متفردة في القارة بأكملها، وما زالت هناك مشروعات حيز التنفيذ ومراحل أخرى في طور الإعداد.
ومن الإنجازات المبشرة بالخير في عهد الحكومة السابقة وما قامت به من إصلاحات متوالية في الملف الاقتصادي زيادة الاحتياط النقدي بالبنك المركزي ليصل لأول من في تاريخه إلى 46.4 مليار دولار في نهاية يونيو 2024، وهذا يشعرنا بالطمأنينة تجاه ما نود أن نوفره من سلع أساسية، والوفاء بسداد الدين الخارجي، وتوفير متطلبات كافة القطاعات الاقتصادية رغم ما يشهده العالم من تحديات جمة عثرت الإنتاجية والتبادلات التجارية بدول ليست بالقليلة، مما أثر سلبًا على دول كثيرة، كما أن المناخ الوطني الداعم للاستثمار والنمو الاقتصادي المصري ساهم في زيادة تحويلات المصريين في الخارج، وبدت مصادر النقد الأجنبي تعود لأفضل مما كانت عليه من ذي قبل.
وقد أدى عمل الحكومة الدؤوب والمتواصل في الفترة المنصرمة لمحامد كثيرة؛ حيث نتج عن ذلك استقرارًا في السوق المحلي رغم اضطراب السوق العالمي؛ فزادت معدلات التشغيل وتعالت معدلات وحجوم الأعمال من قبل العديد من الشركات، وشهد القطاع الاقتصادي نشاطًا ملحوظًا خاصة القطاع التصنيعي منه، وتنامت الصادرات بمعدلات جيدة، مما ساهم في ارتفاع مؤشر مديري المشتريات لأعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات مسجلا 49.9 نقطة، وحري بالذكر أن تقرير مؤشر مديري المشتريات تابع لـ S&P Global Intelligence.
ومصر من الدول التي لها مكانة متميزة ومقدار كبير لدى كافة دول العالم، ومن ثم تحرص دومًا في تعاملاتها على الوفاء بالمواثيق وتطبيق ماهية القانون، وتؤدي ما عليها من التزامات، سواءً أكانت في صورة ديون عاجلة أم آجلة في مواعيدها المحددة؛ ومن ثم أضحى التصنيف الائتماني لها مرتفعًا، والدليل على ذلك انخفاض حجم الدين العام الخارجي إلى 160.6 مليار دولار نهاية مارس 2024 مقابل 168 مليار نهاية ديسمبر 2023، وهذا يعد إنجازًا واضحًا في خضم عثرات وأزمات الاقتصاد التي تعاني وما زالت منه كثير من دول العالم، وعليه نستطيع أن نقر بأنه بات تحسنًا في المؤشرات الاقتصادية ذات الأهمية البالغة منها.
ولا ريب من أن تدفق النقد الأجنبي جراء الصفقات التي أبرمتها الحكومة بفضل جهود حثيثة من القيادة السياسية عبر دبلوماسية رئاسية متواصلة، أدى إلي حدوث طفرة في الأصول الأجنبية لدى البنوك المصرية؛ مما ساهم بقوة في تحول عجز الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي إلى فائض بنحو 14.3 مليار دولار لأول مرة منذ 28 شهر، ناهيك عن الثقة اللامتناهية في صورة الاقتصاد التي جعلت مسألة الإيداع النقدي الأجنبي هادرًا على البنوك المصرية بتنوعاتها وأماكنها المختلفة.
ورغم التحديات العالمية قبل المحلية سعت مصر إلى تنفيذ عملية مؤجلة ساعدت في إحداث بدايات للنهضة لا يستهان بها، بل نغالي إذا ما قولنا إنها معجزة في كليتها؛ حيث وضعت الدولة خطة الإصلاح الاقتصادي بدفع من القيادة السياسية التي لا توصف إلا بالجسورة والشجاعة؛ لتغطي برامج الإصلاح مصروفات تتضمنها الاحتياجات الأساسية وتحقق فائضًا لم يحدث من ذي قبل في تاريخ الوطن الحبيب، بما يعني أن النجاح ساهم في تحسين هيكل الإنفاق بالموازنة العامة للدولة، وأدي إلى ارتفع الفائض الأولى إلى 5.6% مقابل 1.6% خلال نفس العامين، وهو ما يضاف لإنجازات الحكومة السابقة دون شك.
وندرك أن العجز في الميزانية يشير إلى الرصيد السالب للميزانية العامة للدولة، والناتج عن كون النفقات تفوق الإيرادات؛ لكن إصلاحات الاقتصاد المصري والمتابعة الحثيثة من الحكومة والعمل الجاد المتواصل تجاه زيادة الصادرات المصرية وتعدد التدفق الأجنبي ساعد ذلك في تراجع عجز الموازنة العامة للدولة إلى 3.6% عام 2023/2024 مقابل 6% عام 2022/2023، وهذا مؤشر ملموس في المؤشر الاقتصادي المصري يضاف لإنجازات الحكومة السابقة.
وارتفاع سندات مصر الدولارية بالأسواق جاء جراء التغير في الوضع الاقتصادي المصري في الفترات المنصرمة التي تلت برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتمخض عن ذلك ارتفاع التصنيف الائتماني للدولة المدعوم بمقدرتها على سداد ديونها في مواقيتها المحددة سلفًا واستيفاء التزاماتها واحتياجاتها؛ فصارت القيمة الأسمية لهذه السندات مرتفعة رغم التغيرات والصعوبات والأزمات التي يمر بها العالم.
نشهد بأن القطاع الاقتصادي المصري في عهد الرئيس والحكومة السابقة شهد نقلات نصفها بالنوعية والداعمة لمسار استكمال النهضة والتي خلقت مناخًا داعمًا وجاذبًا لاستثمارات تمت، وسوف تتوالى بمراحلها على أرض الكنانة، ونأمل أن يوفق المولى عز وجل الحكومة الجديدة فيما هو آت ويحقق أمانينا الآنية منها والمستقبلية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر