مضى عام وأتى عام وهكذا ينتهي العمر يا إنسان والعمر فرصة لن تعود فلك الساعة التي تحياها الآن فإنك لا تدري ما يأتي بعدها والأرواح بيد الجبار متى أراد قبضها ، قَبَضها .
ومن أجمل ما علمنا في قوله تعالى : (( واللآخرة خير لك من الأولى )) أي أن الساعة التي تحياها الآن خير لك من الساعة التي مرت عليك .
لأن الساعة التي مرت عليك ربما تحملت فيها معصية ، والآن ما زلت حيا عليك أن تغتنم الفرصة وتعقد العزم وتصدق النية في السير على نهج خير البرية صلى الله عليه وسلم.
تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، وإن المؤمن بين مخافتين : أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه ، وأجل باق لا يدري ما الله قاض فيه ، فليأخذ العبد من دنياه لآخرته ، ومن الشبيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الممات ، فوالذي نفسي محمد بيده ما بعد الدنيا من دار سوى الجنة أو النار ))
المسلم الحقيقي هو الذي يقدر قيمة الوقت فلا يضيعه في اللهو والفجور والخلاعة والمجون .
بل يدرك تمام الإدراك أن عمره هو رأس ماله وأن كل عمل يعمله فيه محاسب عليه وحده.
يدرك قول القائل : ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
يدرك تمام الإدراك قول الحكيم : من أمضى يومه في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو خير أسسه ، أو حمد حصله ، أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه وظلمه .
فكم من عاق ليومه بالغيبة والنميمة والكذب وقول الزور….
كم من عاق ليومه بالغل والحقد والكره ….
كم من عاق ليومه بالفسق والفجور والخلاعة والمجون…
فيا من غره طول الأمل ، وضيع عمره في سيء العمل ، الموت يأتي فجأة ، والقبر صندوق العمل.