وحين نتساءل: لماذا نحن كذلك؟ أجيبكم بصراحة، وبعيدًا عن المبررات المعتادة، ومن خلال الأرقام التي لا تخطئ؛ أن مصر ذات أداء متواضع جدًا من حيث البنية التحتية المعرفية، فتحتل المرتبة الـ٩٠ من بين ١٣٣ دولة في فهرس المعرفة العالمي، ما يعني أننا لا ندرك حتى الآن أهمية التعليم، ولم نوله- مع الأسف- ما يستحق، في حين أدرك العالم بأجمعه، شرقه وغربه، أن التعليم الأولي والحكومي والمجاني ذا الجودة العالية هو أساس التقدم ومفتاحه.
ومصر- مع الأسف- أيضًا في المرتبة الـ٢٤ من بين ٢٨ دولة في معدل التنمية البشرية العالية.
وانحدرت- مع الأسف- من المرتبة الـ٤٦ في معدل الفساد عام ١٩٩٦ إلى المرتبة الـ١٠٨ من بين ١٨٠ دولة عام ٢٠٢٣، وإن كانت أفضل بكثير من ترتيبها (١٣٠) عام ٢٠٢٢.
سؤال بصراحة شديدة: مَن المستثمر الذي يعرف هذه الأرقام ويأتي للاستثمار عندك؟
لكل هذه الأسباب أصبحت مصر حقًا فقيرة ومَدينة، وكان من الأجدر أن تكون الآن من أغنى دول العالم، بل أسعدها، لو فقط اهتمت بالتعليم، ومحاربة الفساد، وعملت على الاستثمار الحقيقي والجاد في الإنسان بتنميته البشرية، وصحته، وتدريبه، والاستفادة من ثرواتها، وموقعها، وإمكاناتها البشرية الضخمة والمهدرة، وما غير ذلك حرث في بحر! أنا اكتب ذلك من فرط حبي وعشقي لهذا البلد، وإيمانًا بقدرته وقدرة شعبه التي لم تستغل بعد. عشت وما زلت أرى مصر دولة عظيمة، وتستحق بالفعل مكانة أكبر، وأهم، وأفضل.
أستاذ طب بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية