جدير بالذكر أن الفكر الإصلاحي كما تعلمناه من قيادتنا السياسية الرشيدة ينبري دومًا على مشاهدة الواقع وملامسة التحديات التي تواجه المسار المؤسسي وتعيق تحقيق الأهداف المرسومة له سلفًا، ومن ثم يتم التفكير في آليات للتغلب عليها لتستكمل المؤسسات عملها الجاد من خلال كوادر بشرية منتقاة لها القدرة على اتخاذ القرار ووضع الرؤى التنفيذية المدروسة والناجزة فيما تتضمنه من مراحل وخطوات.
وفي هذا الصدد يتبنى وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو المنهجية العلمية التي تقوم على مسارات التفكير الاستراتيجي في إصلاح المؤسسات كي تحقق الغايات المنوطة بها على المدى القريب والبعيد، ومن ثم يزداد العطاء وفق النمو الثقافي الذي يتمخض عن فكر متجدد وممارسات تتسم بالوظيفية تعمل على الصلاح المؤسسي في ضوء ما تمتلكه الوزارة من مقدرات مادية وبشرية؛ لتحدث النقلة النوعية التي تساعد مقوماتها في بناء الإنسان.
وينحو الوزير هنو هذا الاتجاه منذ توليه مسئولية حقيبة وزارة الثقافة؛ فقام بجولات ميدانية يستكشف من خلالها ما تواجه مؤسسات وقطاعات الوزارة من مشكلات بتنوعاتها المختلفة، وشاهد آلية العمل على أرض الواقع، ومن ثم عكف على دراسة ممنهجة تقوم على فكر واعي في اختيار قيادات مؤسسية تدفع بالعمل المؤسسي للأمام وتصحح المسار، وتستنهض الهمم والعزيمة تجاه عمل جاد مستدام يحسن الصورة الذهنية في وجدان الداخل المؤسسي والجمهور المستفيد الذي تقدم له الخدمة في ثوابها الجديد بأشكال متجددة.
والكم الخبراتي الذي يمتلكه السيد الدكتور وزير الثقافة المصري ليس بالقليل في المجالين الإداري والأكاديمي؛ فقد خاض غمار التحديات الإدارية وحقق لمسات ونتائج تشهد بتفوقه على البيروقراطية ومقدرته على تحسين العمل المؤسسي بصورة مبهرة؛ بالإضافة لرصيده الأكاديمي في مجال تخصصه والتي تتعلق بالفنون والمقدرة على ترقية الحس الوجداني وفق منهجية البحث العلمي التي تضمن تحقيق نتائج توصف بالفعالة.
وماهية التكامل المشار إليها لدى وزير الثقافة تؤكد مساق الإصلاح والصلاح في آن واحد؛ حيث إن العمل على تهذيب النفس وتنمية الفكر وحسن الإدراك الذي يقوم على معرفة صحيحة أمر لا يحدث إلا بفن رصين يحتاج من القائمين عليه الإخلاص، ومن ثم يتوجب على الفور إصلاح كل معوج وتصويب كل خطأ والخروج من حالات الروتين في أداء المهام والأعمال إلى حيز الإبداع الفسيح الذي يخلق فرص الشراكة والمشاركة لا غلبة الهيمنة القائم على تحقيق مصالح شخصية تذهب بالمصلحة العامة أدراج الرياح.
وفي إطار استراتيجية الدولة في مواجهة مظاهر الفساد والإفساد لا مجال للاختيار غير المدروس فيما يخص القيادات المؤسسية؛ حيث إن فكرة الإصلاح المؤسسي تقوم على صناعة قرارات تنسدل من الواقع وترتبط بالرؤى المستقبلية وتستثمر المتوافر من المقومات، يلي ذلك مرحلة اتخاذ القرار التي تتطلب المتابعة والدعم والتعزيز وعلاج ما قد يحدث من سلبيات وما قد يحتمل من مخاطر بما يضمن نجاح ما نصبوا إليه.
ونوقن أن فكر الإصلاحي بوزارة الثقافة يستهدف التغيير المدروس والتنمية المستدامة بآليات التعزيز والمساندة المؤسسية التي تحفز الجميع على العمل المستمر؛ فرسالة الثقافة هدفها الرئيس الوجدان والسلوك، وهذا أمر يبدأ من صلاح الشأن الداخلي لمؤسسات الوزارة في المقام الأول يتلوه تنفيذ للاستراتيجيات الطموحة التي تتبناها القطاعات المختلفة في ربوع المحروسة.
نتابع عن كثب التغيرات التي سوف تحدث في ميدان وزارة الثقافة بكافة هيئاتها وقطاعاتها المختلفة بقيادة وزيرها صاحب الفكر المستنير والرؤية الطموحة والممارسة الجادة؛ لنشهد استثمارًا حقيقيًا في مواردها المادية والبشرية غير مغلف بتصريحات تحدث طربًا إعلاميًا وفقط، ونترقب أعمالًا تكسوها ملامح الإبداع بما يحفز جموع المؤسسات المصرية وغير المصرية لعقد شراكات بناءة مع قطاعات ومؤسسات وزارة الثقافة المصرية منارة تنمية الفكر في مصر والوطن العربي؛ حيث إن تاريخها حافل بالعطاءات المشرفة والتي نتمنى أن نرى منها الكثير والكثير في قابل الأيام.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة_جامعة الأزهر