إن الآليات النافذة والناجزة التي تتناول القضايا الشائكة بغية السعي إلى حلول مرضية للجميع من أولويات الحوار الوطني المصري في تلك المرحلة التي تشوبها التحديات وتكسوها الأزمات بتنوعاتها المختلفة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ومن ثم سعت الدولة المصرية وفق توجيهات قيادتها السياسية إلى انتهاج مسارٍ قويمٍ لصناعة واتخاذ القرارات، ومنبرًا يتحمل الجميع عبره المسئولية في معالجة وتناول القضايا محل الطرح العاجلة منها والمؤجلة الآنية منها والمستقبلية، وهذا محل تقدير لدولة عظمى تتبنى فكرة المراجعات الرصينة في خطوات تقدمها وبناء نهضتها وتحقيق إنجازاتها، وتغليب سياسة الشراكة على المغالبة.
وفكرة الحوار تعمل على تعضيد الثقة بين المواطن ودولته، وعلى أثر ذلك أعلن الرئيس على ضرورة وسرعة التنفيذ الفوري لما يتمخض عن الحوار من توصيات إجرائية تضمن حل القضايا الشائكة، وتضمن التغلب على التحديات والأزمات المتوالية، وأكد سيادته على أن ما يلزم من تشريعات تتطلب الموافقة عليها من المجلس التشريعي تنفذ بشكل عاجل؛ لذا بات قطار الحوار ماضيًا بقوة ورسوخ وثقة؛ فلا مجال للتهاون أو التقاعس لتحقيق الاستقرار المجتمعي والسياسي؛ لتستكمل مسيرة التنمية والنهضة المخطط لها.
ولأن الدولة المصرية لديها منهج واضح في الحفاظ على حقوق الإنسان والعمل على بناء عقليات تسهم في تنمية الوطن وتتحمل المسئولية جيلًا تلو الآخر؛ حيث جاء الاهتمام بقضية الحبس الاحتياطي معبرًا بوضوح على مواكبة الحوار الوطني لمستجدات الساحة المصرية، ومن ثم يؤدي إلى قراءةٍ رشيدةٍ للمشهد المعاش؛ فما احوجنا لحلولٍ إجرائيةٍ تساعد في حلحلة الوضع الذي قد يبدو أنه متأزمٌ، ويحتاج لمزيد من الرؤى والمقترحاتٍ التي تدحض كافة التباينات، أو التناقضات، أو المشكلات، أو التحديات والصعوبات التي تتعلق بقضية بعينها، وهذا يدل على مصداقية القول والفعل والنوايا، ومن وجهة نظر متواضعة يحجر أن يُملي علينا أحدٌ مخططاً بعينه.
ومنذ بدء الحوار الوطني شاهدنا انغماس مختلف التيارات وأصحاب الفكر والرأي على كافة المستويات، وهذا من منطلق ثابت تؤمن به القيادة السياسية المصرية الرشيدة ألا وهو أن دعم الدولة فرض عينٍ على الجميع؛ فلا مزايدة ولا مصالح تصب في خصوصيات؛ فالدماء المصرية ذكية يملؤها الولاء والانتماء، ويصقلها النسق القيمي المصري الأصيل، ومن ثم تظل الدولة صامدةً وراسخةً ولديها المقدرة على مواجهة كافة التحديات التي قد تصنعها دولٌ بعينها، وأن قوتها مستمدةٌ من قوة شعبها صاحب الوعي الرشيد الذي دومًا ما يدهش العالم بمواقفه النبيلة.
ونوقن أن الحوار الوطني تمخض عن مراحل مرت بها الدولة المصرية حتى وصلت بفضل الله تعالى وجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن الحر إلى الاستقرار، وعليه نقدر ونثمن ما يبذل من جهود متوالية ومتتالية في خضم هدف الحوار الوطني السامي، الذي يجعل الدولة على الطريق الصحيح في شتى مجالاتها الحياتية وخاصة التنموية منها؛ ولأن الأمر فيه متسع والنقاشات مفتوحة؛ فهناك مزيد من الأطروحات والأفكار التي توصف بالمبتكرة في جملتها؛ حيث إن كافة المشاركات تعتمد على خبرات وقامات في تخصصاتها النوعية.
وعبر ملحمة الحوار الوطني نشير إلى مسلمة واضحة وهي أن الشباب صعب أن ينخرط في الحياة السياسية التي لا تتحلى بالإطار الديمقراطي في مجمله؛ فما يراه الشباب الآن في الجمهورية الجديدة يشير إلى تطور واضح في المناخ الديمقراطي بشكل حقيقي؛ فصارت الشفافية العامل المشترك الأكبر في مجملها؛ بالإضافة للوعي المجتمعي العام الذي تجسد للعالم كله في العديد من الملاحم؛ فحينما تنادي الدولة لأمر جلل، نرى جموع الشعب المصري العظيم تنتفض وتصطف بسرعة البرق خلف دولتها وقيادتها المخلصة التي تريد الخير والبناء والنهضة في ربوع الوطن الغالي.
وثمرات الحوار الوطني نراها جلية في حرص مؤسسات الدولة على التنفيذ، ونشاهدها في متابعة الرئيس تجاه تذليل العقبات وتسهيل الإجراءات والمتابعة المستدامة من سيادته، وتؤكد الحكومة بتقديم ما يلزم من ممارسات على أرض الواقع؛ فهناك المزيد من التدفق الفكر لتلك المظلة الابتكارية التي تعالج نقاطًا لم تكن في الحسبان لتصل سفينة الوطن عبر قبطانها لبر الأمان؛ حيث السعي نحو تحقيق عدالة اجتماعية نص عليه الدستور، وصدق عليه اختيار الشعب، وأكده قسم العهد.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر