يحتفل العالم العربي والعالم الناطق بالعربية في كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهذا اليوم هو يوم اعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل في الأمم المتحدة بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر عام 1973، ضمن اللغات الست المقرة في الأمم المتحدة، ومن جميل الموافقات أننا في دولة قطر نحتفل احتفالين بهذا اليوم فهو اليوم نفسه (اليوم الوطني) لذكرى تأسيس دولة قطر على يد الشيخ المؤسس الراحل جاسم بن محمد آل ثاني في 18 كانون الأول/ديسمبر 1878.
ودعونا نبقى في دولة قطر للحديث عن إسهاماتها في خدمة اللغة العربية على المستوى العالمي، فقد استطاعت أن تقنع “الفيفا” (الاتحاد الدولي لكرة القدم) باعتماد اللغة العربية لغة رسمية قبيل انطلاق كأس العالم في قطر 2022 إلى جانب عشرة لغات معتمدة رياضيًا.
ولا نغادر الحديث عن اللغة والرياضة وقطر من دون أن نذكر الجهد العلمي الذي قدمه الخبير اللغوي الدكتور أحمد الجنابي في كتابه القيم: “معجم كأس العالم في قطر” الذي عرّب فيه المصطلحات الرياضية ذات العلاقة بهذا الحدث الرياضي العالمي، وقد قلت في لقاء على التلفزيون العربي: “هكذا رسخت قطر اللغة العربية في أذهان المشجعين”.
ولا يفوتنا أن نذكر تاج المشروعات اللغوية العالمية في دولة قطر ألا وهو “معجم الدوحة التاريخي للغة العربية” الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ العرب والعربية، الذي عني أيضًا بموضوع “التأثيل” وهو مصطلح لساني يعني صلة اللفظة بالألسنية العالمية والمجموعات البشرية الناطقة بها قديمًا.
كما أن قطر أدخلت مادة اللغة العربية في المدراس الأجنبية التي تستضيفها الدولة ضمن المناهج التدريسية المعتمدة لغرض نشر هذه اللغة بين أبناء الناطقين بغير العربية، وهي خطوة اتخذتها بإشراف مباشر من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي.
كما أن اللغة العربية في دولة قطر صدر لها قانون لحمايتها وهو قانون حماية اللغة العربية بالقرار الأميري رقم (7) لعام 2019، وهو دستور تشريعي معتمد يتضمن العديد من المواد والبنود التي من شأنها أن تعزز اللغة العربية وأن تحافظ عليها بوصفها لغة البلد الرسمية التي تمثل هويته وحضارته.
ولا ننسى دور السفارات القطرية في نشر اللغة العربية ودعمها في البلاد الناطقة بغير العربية نذكر على سبيل المثال لا الحصر “مركز قطر للغة العربية” في موسكو التابع لمركز التعاون الروسي-القطري الذي يضم العديد من الأنشطة العلمية للروس الذين يرغبون بتعلم لغة الضاد، ولديه جائزة تقديرية، ورحلات لغوية إلى الدوحة، وغيرها من الأنشطة والفعاليات المصاحبة.
وعلى ذكر الجوائز فإن دولة قطر لديها العديد من الجوائز المقدمة سنويًا لخدمة اللغة العربية وعلومها وفنونها وآدابها نذكر منها جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي من اللغة العربية وإليها، وجائزة كتارا للرواية، وجائزة شاعر الرسول، وغيرها التي تستقطب أقلام العلماء والأدباء والباحثين والمبدعين من أنحاء العالم كافة.
وعلى مستوى فنون الكلام ومهارات التواصل الفعال والتأثير صار مركز قطر للمناظرات وجهة عالمية لطلاب المدارس والجامعات العالمية للتباري والتنافس في هذا المجال سنويًا، وعلى غراره قدمت مبادرات لغوية من وزارة الثقافة بدولة قطر منها “مرقاة قطر للخطابة”، و”خطيب الجامعات”، وغيرها، وتجدر الإشارة إلى ما قدمته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بالشراكة مع مؤتمر “تيد” لمبادرة “تيد بالعربي” التي استقطبت المتحدثين الأجانب الناطقين باللغة العربية من المؤثرين والفنانين والمشاهير لمشاركة أفكارهم باللغة العربية.
وهناك اهتمام بالغ من دولة قطر لإثراء المحتوى العربي في “الإنترنيت” وزيادة مساحته ورفع نسبته من خلال إدخال البيانات والمعلومات التي من شأنها أن تقدم المفيد للمتصفح العربي فضلًا عن الاهتمام بالتوثيق والأرشفة والحفظ وغير ذلك من التدوين الإلكتروني باللغة العربية.
فهذا غيض من فيض، لجهود دولة قطر في مكانة اللغة العربية عالميًا، وهو ذخر لها وفخر، وإسهام يذكر لها ويشكر، وهذا من حق العرب والعربية عليها، وهي أهل الوفاء به والالتزام نحوه حضاريًا، وآخر الأخبار وليس أخيرها ما قامت به دولة قطر من إنشاء كرسي ” تميم بن حمد لتعليم اللغة العربية” بجامعة غرناطة في إسبانيا.
الكاتب والإعلامي