قادتني الصدفه البحته دون سابق إنذار او ترتيب موعد سابق… ان اقوم بمشوار ضروري الي بريد العتبه الرئيسي من أجل ارسال طرد الي إحدى صديقاتي في محافظة الشرقيه قبل سفرها بأيام الي سلطنه عمان حيث عملها هناك… وكنت حريصه على عدم التأخير نظرا لانشغالها انشغالي بأمور كثيرة… حقيقه لا أعلم هذا الانشغال الا ان الوقت يجري بسرعه غير طبيعيه وبمجرد الخروج من المنزل لقضاء بعض المشاوير الهامة المتراكمة كالعادة… بحكم طبيعيه فصل الصيف فأصبحت كائن شتوي بجدارة وكل شيء يخصني وحتي أقرب المشاوير اقوم بترحيلها َتاجيلها الي الشتاء حيث كل شيء جميل…. وهذا بالتأكيد مش موضوعي الان…. انما ذهبت إلى مكتب بريد العتبه الرئيسي وقمت الانتهاء من ارسال الطرد الي صديقتي وفي طريق العودة كعادتي ابحث عن بعض الاشياء التي تكون من الالتزامات في البيت… فوجدت سيدة كبيرة جدا في السن قد تخطي عمرها تلك الخطوط و التجاعيد التي نقشها الزمن بقساوته وبشعاته على وجهها ولكنها كانت ضاحكة باسمه واسنانها بيضاء وضحكتها اخذت قلبي فقررت في لحظة ان اشتري منها اي شيء مهما كان حتى لو كان موجودا في البيت وهي كانت تجلس على الأرض أمامها مشنه بها ليمون أخضرفقط… وهي ممتلئه الجسم… فاقترب منها سائلة اولا صباح الخير يا حاجة بكام الليمون… ابتسمت برقه وهدوء وخجل لم ارها منذ سنوات… وقالت من غير فلوس خالص علشان وشك الحلو ده…. قلتلها ببلاش خلاص اوزنيلي كيلو ليمون.. طالما ببلاش دي فرصه مش هضيعها… فردت قائلة كفايه جمالك ده…. وابتسمت وقولت لها انتي بتعاكسيني يا حاجة…. ده انتي اللي قمر وانا هشتري ليمون حتى لو عندي في البيت كفايه نور وجهك وادبك… وبالفعل تركتني اخذ الليمون واضعه في الكيس ثم زادت على الميزان وقالت تعالي اشتري مني كل يوم علشان اشوفك…وعدتها اني هشتري ليمون منها واجي علشان اشوفها وأصبح عليها…. كنت سعيدة بصفقه الليمون التي اشتريتها ودفعت ثمن الكيلو ١٥ جنيه دون أي فصال… وبمجرد ان تركتها واخذت طريقي نحو وسط البلد… الا ان صورتها لم تغب لحظة واحده عني… ادبها وكلامها وطريقتها… ما كل هذا الجمال الذي يكمن تلك السيدة العجوز البيضاء الممتلئة… ما كل هذا الرضا والحمد وهي تجلس في الأرض لتبيع الليمون دون كلل او ملل او حتى الشكوى… او الفضفضه… ما كل هذا الحب في قلبها الحب النابع من الرضا من الثقه بالله وكان وجهها مخطوط عليه كم الشقاء والتعب والكفاح لم يسعني الوقت حتى اتحدث معها أكثر…. واعرف منها الكثير عنها وعن حياتها… ولكني تركتها على وعد بلقاء لاشتري منها صفقه جديدة من الليمون الأخضر…. على موعد مع بائعه الليمون..