للأسف الشديد هناك «لخبطة» عقول لدى البعض، مما يجعله يخلط بين التقدم والجهل والتخلف فى آن واحد، وفى الوقت الذى وصلت فيه نسب التعليم فى الدول المتقدمة إلى 100%، لا يزال لدينا نسب أمية عالية تصل إلى ما يقرب من 17.5% وفقا لبيانات مسح القوى العاملة فى مصر لعام 2202.
رغم ذلك نجد أن هناك من يدعون إلى عدم التعليم، واعتبار أن الشهادات ليس لها قيمة، وأن البحث عن «صنعة» ربما يكون أفضل من أى جهد للحصول على الشهادة.
لدينا الآن كليات وجامعات تكنولوجية على مستوى عال، ومن الممكن الدعوة إلى دخولها لكن دون اللجوء إلى التهكم على مبدأ «التعلم» وأهميته، فالمؤكد أن الحاصل على بكالوريوس فى جامعة تكنولوجية سوف يكون أفضل كثيرا من الحاصل على «دبلوم فنى»، والأخير أفضل كثيرا من «المتسرب» من التعليم، الذى اكتسب مهاراته من خبرته العملية.
قد يقول قائل هناك من الحرفيين عديمى التعليم كفاءات…. هذا صحيح لكنه ليس قاعدة، خاصة فى ظل التطور الرهيب فى آليات العمل، والتقدم التكنولوجى كل يوم .. بل كل ساعة.
على الجانب الآخر، فإن الأمم والشعوب لا تحيا ولا تتقدم بنوعية معينة من المدارس أو الجامعات فقط مثل المدارس والجامعات الفنية والتكنولوجية، لكنها تحيا وتتقدم بمجمل تقدمها فى مختلف النواحى الثقافية والأدبية والقانونية، والتاريخية، والهندسية، والعلمية، والتكنولوجية، والرياضية، والفنية، وغيرها.
التقدم وحدة واحدة لا تتجزأ، والوقوع فى فخ الحديث عن سوق العمل واحتياجاته وحده، كلام سطحى «ولخبطة» عقول، لأن الدول والشعوب تحتاج إلى خبراء تاريخيين، وجغرافيين، وكذلك تحتاج إلى عباقرة ونوابغ فى الفلك، والفنون، كما تحتاج إلى الخبراء والمتميزين فى النواحى الهندسية والطبية، والعلمية، والتكنولوجية، وعلوم الحاسب وغيرها.
الخطورة فى مثل هذه الدعوات حتى لو كانت بحسن نية ـ أنها تؤدى إلى نفور الشباب من التعليم ككل، والتفكير بسطحية فى إيجاد فرص عمل سريعة وآنية للحصول على المكسب السريع دون رؤية شاملة، ومتعمقة لأوضاع المجتمع، وافتقاد النظرة المستقبلية للمجتمع الحضارى بمفهومه الشامل بما يجعلنا قادرين على الانخراط فى عصر الحضارة والتطور، واللحاق بما فقدناه نتيجة تراجع مستويات التعليم بشكل عام، وانتشار الأمية الأبجدية بشكل خاص حتى الآن.