إن تقدم ونمو ونهضة المجتمعات ورقيها وازدهارها مرهون بالاهتمام بكافة الفئات التي قد تعاني عوزًا؛ فمن يتجاهل محدودي الدخل لا يستطيع أن يواصل مسار النهوض بمجتمعه، ومن يتغافل الاحتياجات الأساسية لمجتمعه لا ينعم بالاستقرار، ومن ثم باتت استراتيجيات الدول، ومنها مصر تضع أهدافها في إطار مسلمة تمكين هذه الفئات من الحصول على القاسم الأكبر من الدخل القومي، وهذا يؤكد أن تحقيق العيش الكريم من أدوات التنمية الاقتصادية في ربوع الأوطان، وأن جودة الحياة صارت متطلب رئيس لاستقرار الشعوب في شتى المجالات التنموية والخدمية على السواء.
ويصعب أن تحدث تنمية مستدامة على الأرض بعيدًا عن شراكة حقيقية للمجتمع المدني؛ حيث إن ذلك يؤدي حتمًا لتوحيد جهود المواطنين والحكومة والقطاع الخاص؛ لتتغير المناحي الاقتصادي والاجتماعية والثقافية، ويصبح بناء الإنسان في قلب الحدث من خلال العمل المتواصل والممنهج من أجل تنمية قدراته، والاستفادة من طاقاته لأقصى درجة ممكنة، وهذا لا نفك عن تحسين ظروفه المعيشية شاملة في طياتها الجانب الصحي والتعليمي والبيئي والتنموي، والتي تعد في مجملها مقومات الحياة الكريمة.
لقد أستقرئ فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن تولى مقاليد الحكم وتحمل مسئولية إدارة شئون البلاد ما يتطلع إليه الرأي العام المصري بكافة طوائفه وفئاته؛ حيث إن هذا الشعب العظيم تحمل ما لا تطيقه الجبال، وأضحى بطلًا في الميدان؛ فتمسك بوحدة نسيجه، ودحر كل محاولات النيل منه، واصطف خلف دولته وقيادتها الرشيدة، وتحمل تبعات وتداعيات ذلك من ظروف اقتصادية صعبة، وتنازل عن مطالبه راغبًا بكل تجرد واخلاص محبة وعشق تراب هذا الوطن وبقائه؛ لذا أطلق الرئيس مبادرة حياة كريمة لتتوحد قوى الشعب ومؤسساته تجاه تقديم أوجه الدعم المستدام للشرائح الأكثر احتياجًا.
وتُرجم الرأي العام المصري في ممارسات وصفت بأنها متفردة؛ حيث رصدت صورٌ للشراكات المجتمعية في كافة محافظات الجمهورية غطت بالفعل ربوع الوطن دون استثناء لمناطق كنا نقول عنها بعيدة أو نائية، بل لوحظ برهنة واقعية لتحمل المسئولية الوطنية، وهذا دلالته واضحة لمن يفقه، أو يستنبط، أو يستقرئ المشهد المصري من الداخل؛ إذ أن العلاقة بين الدولة والمجتمع إيجابية، وأن جهود الدولة منصبة تجاه بناء الإنسان ورفع كفاءة وكفاية الفرد والرقي بخبراته؛ ليصبح مواطنًا فاعلًا قادرًا على المشاركة بكل ما يمتلك من مهارات نوعية للدفع بعجلة الاقتصاد الوطني.
إن الشعب المصري، وفي القلب منه قيادته السياسية الرحيمة، ومؤسسات الوطن الرسمية منها وغير الرسمية، لديهم عقيدة راسخة أقرتها شرائع السماء تتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية، وأولى أبجديات العدالة توفير مقومات العيش الكريم لكل مواطن يعيش على تراب مصر الطاهر، وينعم بأمنها واستقرارها؛ فالرأي العام المصري دومًا يثمن كل دروب الخير وأعمال البر، وكافة التدخلات التي تقوم بها الدولة كي تحسن بها أحوال المواطن المصري وتؤدي به لجودة الحياة، وبالطبع يحقق الرضا المجتمعي العام؛ فنحن شعب خير بطبعه دون مراء.
وإذا ما كشفنا عن آراء المستفيدين من مبادرة حياة كريمة نجد أن قاطني الريف المصري بكافة ربوع الوطن يبدون تعظيمًا وشكرًا وثناءً وتقديرًا لكافة الجهود المبذولة من أجل تحسين مستويات المعيشية عبر العديد من الأنشطة التي يصعب حصرها، وأن مظاهر الرعاية والاهتمام بالمواطن غير مسبوقة، وأن رؤية المستقبل باتت واضحة في خضهم مشروعات صغيرة ومتوسطة وكبيرة استوعبت العديد من الفئات المجتمعية القادرة على العمل والعطاء، والتي تم تأهيلها من قبل مؤسسات الدولة الرسمية منها والأهلية، وأن العطاء ما زال مستدام وتدفقات الخير مانعة لضروب الشر ومحاولات زعزعة استقرار الجبهة الداخلية المصرية.
والرأي العام المصري لا يثمن فقط مبادرة حياة كريمة؛ لكن يعضد كافة الجهود المتواصلة والدعم المتصل والمستدام من رئاسة الجمهورية؛ حيث إن أهدافها السامية تتعدى حدود المتوقع؛ فليس الأمر قاصرًا على تلبية احتياجات بعينها؛ لكن الهدف يكمن في العمل على إحداث تغييرات جذرية إيجابية في بنية المجتمع المصري وفي القلب منه الريف؛ ليشهد تحسنًا متكاملًا في صور المعيشية ومقوماتها، وهذا يجعلنا نطمئن لكل ما تتخذه الدولة من إجراءات تساهم في تحقيق المنشود، والمرتبط ببناء الإنسان.
وتتجلى ملامح الدعم الرئاسي تجاه مبادرة حياة كريمة في زيادة التمويل الحكومي من عام تلو الآخر، ودعم مؤسسات المجتمع المدني بمزيد من التسهيلات والإجراءات المحفزة للمشاركة في أنشطة المبادرة، وتقديم العون الكامل للقيادات التنفيذية والشعبية التي تشارك بمصداقية في تنفيذ الأنشطة، ناهيك عن تخلي الدولة ومؤسساتها الرسمية عن البيروقراطية التي تعيق مسار الإنجازات، ومن ثم ليست هناك ثمة تعقيدات إدارية تخص مبادرات الدولة ومؤسساتها الوطنية.
وعبر مبادرة حياة كريمة يمكننا الإذعان بأننا نقدر قيمة العمل الجماعي والتطوعي القائمة على التخطيط وخريطة التنفيذ واضحة المعالم، والتي تتضمن الكفاءات المدربة مالكة الخبرة الميدانية، من أجل استكمال مسيرة بناء الإنسان المصري في ريفه وحضره بشتى ربوع مصرنا العظيمة صاحبة التاريخ والجغرافيا والمجد الذي لا يشق له غبار.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر