لم تزعجني الحملة الشديدة على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف نحتفل ام لا.. ولم اكترث لها..لأنها كانت العنوان الاصدق على التدافع في الحياة بين قوى الخير وقوى الشر بين أهل الحق وأهل الباطل في كل زمان ومكان..بين محبي الدين وكارهي الشريعة..
لم تمنعني حالة الجدال المستمرة واللغط المتصاعد من تأمل الصورة وتتبع تفاصيل المشهد على أرض الواقع وما وصل إليه المجتمع المسلم من أحوال لاتسر عدوا ولا تبهج صديقا على مختلف المستويات والكل ينظر وينتظر شعاع النور الحقيقي حتى قبل نهاية النفق..
المفارقة العجيبة والموحية أن يتزامن الاحتفاء بالمولد النبوي والساحة تعج وتضج بجدل مثير حول الأخلاق وما وصل إليه الحال من قدرة تفوق الوصف في العدوان على القيم واستسهال عمليات خدش الحياء العام وبصوت عال وفي وسائل الاتصال الجماهيرية وعلى الهواء مباشرة..وكأن الناس لم يعد يردعها وازع من دين أو أخلاق..
من هنا يقف العقل متأملا ومندهشا أمام الإقرار القوي والرسالة الواضحة من النبي صلى الله عليه وسلم منذ اشراق انوار البعثة المحمدية وعنوان الراية التى تتصدر مواكب النور: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..وهذه قضية القضايا بالفعل لأن الأخلاق هي الركيزة الأساسية والمحرك الامضى لكل فعل نحو التقدم والرغبة في تحقيق الازدهار أو بمعنى أدق واشمل في الارتقاء بالبنيان الحضاري إلى المستوى الذي يحقق للبشرية كمالها وانسانيتها وسعادتها..
من الخطر الكبير الصمت على عمليات امتهان الأخلاق والعدوان على المبادئ والقيم الدينية والأعراف الاجتماعية السليمة المستقرة والسماح باستمرار خدش الحياء العام وهي أمور مجرمة شرعا وقانونا فالمادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات كانت صريحة حيث حددت عقوبة مرتكب جريمة ” خدش الحياء ب” الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين، وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين..
أتصور أن الأمور تجاوزت حدود خدش الحياء العام وتتطور إلى دعوات لإشاعة الفاحشة في المجتمع وللانفلات والتحرر وارتكاب جرائم ورذائل والاتيان بأفعال محرمة بشكل قاطع.. وما احاديث المساكنة ونكاح التجربة وتبادل الزوجات وما شابهها ببعيد.. والعجيب حالة الصمت المريب وان كانت هناك أصوات رافضة غاضبة ..
تسلل مثل هذه الدعوات ومحاولة إثارتها والترويج لها ليس لها من هدف الا هدم نظام الأسرة واللعب بالزواج والخروج به عن الإطار الشرعي كما حدده الله تعالى في قرآنه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم..والأسرة هي اقوى لبنات الإستقرار في المجتمع والضمان لتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي واي نوع اخر..
والدين هو الهدف الأسمى أو الصيد الثمين لكل القوى التى تقف خلف تلك الدعوات البائسة المحرمة..وهؤلاء يجهلون أو يتجاهلون حقيقة الدين ودوره الفعال في كل عمليات البناء سواء للإنسان اي انسان أو مناحي الحياة المختلفة اللازمة لتحقيق العمران في الأرض كل الارض..
وقد فشل العقل البشري المتمرد على الدين والمحارب له بشتى الطرق حتى الآن أن يوجد بديلا مناسبا يفعل بالإنسان ومناشطه في الحياة مايفعله الدين الحق.. سواء في فرض نظريات اقتصادية أو سياسية على المجتمعات.. وسواء كانت نظريات اشتراكية أو شيوعية أو رأسمالية وما بينهما وما بعدهما من طرق ثالث ورابع وماشابه ..وبلغ الأمر بعد التأكد من الفشل الذريع أن لجأواالى الدعوة لدين جديد .. أو فرض نماذج من الدين والتدين على مقاسات بعض الشعوب ..وهي محاولات كانت أكثر خزيا ومدعاة للسخرية والشفقة ايضا من شدة الهبوط والانحدار السريع نحو الهاوية والعجز عن إيجاد مكابح فعالة لوقف التدهور على الصعيد الإنساني العالمي بصفة عامة ..
لا اخلاق بغير دين وكما قال الفيلسوف الألماني نيتشة : “الأخلاق بلادين عبث”.واعتبر المهاتما غاندي أن الدين ومكارم الأخلاق شيء واحد لا يقبلان الانفصال ولا يفترقان بعضهما عن بعض فهما وحدة لا تتجزأ.. أن الدين كالروح للأخلاق والأخلاق كالجو للروح..
سلسلة الابالسة متواصلة ومترابطة في مشوار العبث الطويل لإخراج الناس من دينها بداية من أشياء يظنها البعض تافهة وغير مؤثرة أو ينظر إليها البعض باستهانة وعدم اكتراث إلا أنها مع الوقت وحتى يألفها النس ثم يتعودوا على مشاهدتها ووجودها فتصبح كالقاعدة غير المنبوذة ويترسخ وجودها ثم يتطلع البعض إلى شرعنتها بأي وسيلة أو إقرارها على اي مستوى لتلتقى مع محطات الاختراق العبثية الأخرى لتزلزل كيان المجتمع وتضعف وتنال من أركانه الحصينة وساعتها لن يجدي عض اصابع الندم!
الأخلاق هي المعركة الحقيقية والابدية المستمرة وهي عنوان إنسانية الإنسان واساس وسند كل الأمم والشعوب الساعية إلى قمة الحضارة والمجدالخالد..
أنما الامم الاخلاق ما بقيت فان همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا..
وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:لكل دين خلق وخلق الاسلام الحياء..وقال ايضا:الإيمان بضع وسبعون شعبة أو درجة أعلاها الحياء..
لاتدعوا الحياء يتفلت من بين أيدينا ومن خلفنا ولا تتركوا مجالا أو فسحة من وقت أو مكان لمن خلعوا برقع الحياء مع سبق الإصرار والترصد ليعيثوا في الأرض فسادا وافسادا.
والله المستعان..