قد يكون من السهل أن تفكر؛ ولكن من الصعب أن تنفذ؛ من السهل أن تكتب؛ ولكن من الصعب أن تطبق؛ من السهل أن تخطط؛ ولكن من الصعب أن تدير ؛ حقا ستزال الإدارة عملية فنية شديدة التعقيد؛ كونها وثيقة الصلة بالنفس البشرية؛ وما تحمله من فجور وتقوي.
فهل من ثمة شك حول الارتباط الإيجابي للقيادة الأخلاقية برأس المال النفسي للعاملين؛ والإجابة المنطقية لا؛ فمن البديهي أن ينصب حرص قادة العمل على تعزيز ثقة العاملين على تحسين كفاءتهم الذاتية، ومنحهم استقلالية الأداء التنظيمي التام؛ شريطة الانغماس في بيئة العمل العادلة القائمة على أسس الاحترام وتقدير الذات؛ ذلك على نحو مواز من تهيئة المناخ الأخلاقي الإيجابي.
حيث أن لالتزام العاملين بأخلاقيات العمل الإسلامية (العدالة، الصدق، الكرم، الثقة) تأثيرًا إيجابيًا مباشرًا على كل من: (الرضا، الالتزام التنظيمي، الولاء) ما يمكن تفسيره في ضوء شعور الموظفين متبني القيم الأخلاقية بالسعادة والسلام الداخلي، كي يصبحوا أتقياء صالحين؛ بمناحي حياتهم عمومًا، وبأماكن عملهم بشكل خاص.
سيظل رأس المال البشري والنفسي بمثابة الوقود الاستراتيجي والرصيد المعرفي المتنامي متعدد الأوجه؛ ذلك لارتباطه الوثيق بالتخطيط الاستراتيجي؛ والنسق الإداري بوجهيه الحكيم والسفيه؛ وعليك أن تختار بين المسارين؛ مسار ضبط النفس والتحلي بومضات الضوء الأخضر الخافت؛ وبريقه المنير في وجوه الموظفين؛ وبين مسار إشارات التحذير الحمراء؛ تلك الإشارات الباعثة لمنبهات القلق والتوتر والاضطراب النفسي؛ تلك الإشارات المسببة للاحتراق الوظيفي؛ والاغتراب التنظيمي؛ والانسحاب النفسي للعامل؛ ونوايا ترك العمل.
ويشارك الأشخاص الذين يمتلكون موارد نفسية إيجابية في توليد منابع المعرفة؛ لاكتساب المزيد من الموارد، والارتقاء بمستوى إبداعهم الوظيفي؛ ما يستلزم تمتعهم بالثقة لاتخاذ التدابير، وتنفيذ الجهد اللازم؛ لتحقيق الأهداف؛ وإن كانت في أشد المهام والظروف الصعبة.
فضلًا عن العمل الدؤوب على تحقيق الأهداف، بل وإعادة توجيه مسارات العمل نحوها؛ هذا وإن ساقتك الظروف إلى مواجهة عديد المشاكل والمحن التنظيمية؛ والتي تتطلب منك مزيدًا من التحلي بالمرونة الداعمة لسماتك الذاتية؛ لاسيما في ظل اجتياح ظروف العمل الطاحنة بعديد الشركات، وهيمنة الضغوط المهنية المتنامية على الكثير من الوظائف والمهام؛ حيث طول ساعات العمل، وعدم انتظامها، وتزايد الأعباء والمواقف العصيبة ببعض المواسم؛ ومن ثم حاجة العمل المستمرة إلى البحث عن فرص وظيفية أكثر ملاءمة، والارتقاء بمستوى أدائه المهني؛ كرصيد فكري متنامي؛ يعزز رأس مال الموظف ابتكاريًا ونفسيًا.
ولا يمكن لهذه الأفكار الداعية إلى ميثاق الفضيلة التنظيمية أن تسود وتهيمن على ثنايا البيئة العملية دون تبني إدارات الموارد البشرية بالشركات والمؤسسسات لنظم وإستراتيجيات تعزيز رءوس أموالها الابتكارية والبشرية والنفسية؛ كي تكون قادرةً على الوفاء باحتياجات وتوقعات العاملين، وإرساء خطط إستراتيجية واضحة المعالم؛ لمستقبلهم الوظيفي.