في قديم الزمان، كانت هناك قرية تدعى “الطيبة”، تميز أهلها بالطيبة والكرم، حيث عاشوا بسلام ومحبة، محاطين بالطبيعة الخلابة من جبال خضراء ووديان خصبة. كانت القرية ملاذًا للود والتعاون، واشتهر أهلها بحسن ضيافتهم وترحيبهم بالجميع.
في أحد الأيام، تعرضت القرية المجاورة، “قرية الحشاشين”، لكارثة طبيعية مروعة. اندلعت الحرائق، واجتاحت النيران حقولهم، مما تسبب في دمار هائل. لم يتردد أهل قرية “الطيبة” في مد يد العون لإخوتهم، ففتحوا قلوبهم وبيوتهم لاستقبال أهل “قرية الحشاشين” الهاربين من الدمار.
استقبل أهل “الطيبة” جيرانهم بكل حب وترحاب، واعتبروهم أفرادًا من عائلاتهم. قدموا لهم المأوى والطعام، وعملوا معًا لإعادة بناء ما دمرته الكارثة. بفضل جهودهم المشتركة، استعادت “قرية الحشاشين” عافيتها، وبدأ أهلها في العودة إلى ديارهم شيئًا فشيئًا.
لكن مع مرور الوقت، ظهر أبو رغال، ذلك الرجل الشرير والطامع، في قرية “الطيبة”. بدأ في بث الرعب والفوضى، وهدد حياة أهل القرية المسالمين، وأساء معاملة أبنائهم. لم يعد أمام أهل “الطيبة” خيار سوى مواجهته وطرده من قريتهم.
في لحظة حرجة ، لجأ أبو رغال إلى حيلته الخبيثة، واستنجد بأتباعه من “قرية الحشاشين”. كانوا يتبعون كاهنًا قويًا يجلس في صومعته البعيدة، ويتحكم بالمنطقة بأكملها. استجاب هؤلاء الضيوف، الذين كانوا ممتنين لكرم أهل “الطيبة” في السابق، لدعوة أبو رغال، وانقلبوا ضد أهل القرية المسالمين.
تسببت خيانتهم في قلب الموازين، وهاجم أتباع أبو رغال وداعميه من الحشاشين أهل قرية “الطيبة” بلا رحمة. قتلوا منهم الكثير، وشردوا الباقين، ولم يتركوا لهم أي خيار سوى الفرار والبحث عن ملاذ آمن.
لجأ أهل “الطيبة” إلى القرى المجاورة، لكنهم واجهوا أسوأ معاملة في “قرية الحشاشين”. لقد نسي أهلها كرم أهل “الطيبة” معهم، واتهموهم ظلماً بأنهم سبب مصائبهم. انتشرت الكراهية والحقد في قلوبهم، وتناسوا فضل أهل “الطيبة” عليهم.
انتشرت الإشاعات والأكاذيب، وبدأ شعراء “قرية الحشاشين” ووسائل إعلامهم في تشويه صورة أهل “الطيبة” المساكين. اتهموهم بالجبن والخيانة، وتجاهلوا حقيقة أنهم كانوا ضحايا .
صدق بعض المغفلين من أهل “الطيبة” هذه الادعاءات الكاذبة،
وبدأوا في لوم أبناء قريتهم المساكين.
شاءت الأقدار أن تدور الدائرة على “قرية الحشاشين” مرة أخرى، حيث ضربها زلزال مدمر.
هرب أهلها من قريتهم المدمرة، وتوجهوا إلى قرية “الطيبة” طلبًا للمساعدة. لكنهم وجدوها خاوية على عروشها، وأهلها مهجرون. غضبوا من أهل “الطيبة” واتهموهم بالشماتة وعدم تقديم الدعم لهم لانهم حاقدون
. لقد تحولت الحقيقة إلى سراب، وظهرت قسوة المنافقين والكذابين. لقد تعلم أبناء قرية الطيبة الدرس القاسي بأن الطيبة والود يمكن أن يستغلها البعض، وأن الحقيقة قد تُطمس خلف الأكاذيب.
في نهاية المطاف، أدرك أهل “قرية الحشاشين” خطأهم، لكن بعد فوات الأوان. لقد فقدوا كل شيء، وأصبحوا ضحايا لكراهيتهم وأفعالهم.
أما أهل “الطيبة”، فقد وجدوا الملاذ في قرى أخرى، حيث استقبلهم أهلها بترحاب وكرم،
وهكذا، تحولت قصة “القرية الطيبة” عبرة للأجيال، تذكّرهم بأن الطيبة والكرم قد يُستغلان، وأن الحقيقة قد تُخفيها الأقنعة الزائفة.
فلا يجب أن يُسمح للكراهية بأن تطغى على الطيبة،
وأن لايُنسى فضل الآخرين.