ثمة اتساق في الفكر الاستراتيجي بين
مصر والسعودية فيما يخص مراحل بناء الإنسان والأوطان؛ حيث تستهدف كلا الدولتين
الارتقاء بالمجتمعات لتتبوء المكانة التي تليق بها تاريخيًا وجغرافيًا، ومن ثم
تلاقت الرغبة في الارتقاء بالعلاقات بين البلدين في العديد من المجالات التنموية
وغير التنموية لتزداد حالة التعاون والترابط التي من شأنها تحدث التنمية المستدامة
بمجالاتها المختلفة في ضوء خطط بعيدة المدى.
ونرصد دلالة ما يقوم به الرئيس عبد
الفتاح السيسي من جهود من أجل أن يدشن المزيد من العلاقات العربية والدولية من أجل
تكوين نظام موحد يعمل دومًا على تعضيد الاستقرار بالمنطقة ويزيل كافة التحديات
وينزع فتيل الأزمات ويحدث حالة من توازن القوى لتستمر مسيرة العطاءات في المجالات
التنموية في صورتها الصحيحة والصحية دون تعدي أو تغول دول على أخرى.
وهناك إطار من الشراكة الاستراتيجية
العميقة والتاريخية يجمع بين القاهرة مع الرياض ليذوبا في بوتقة واحدة؛ حيث العمل
المشترك من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة بين البلدين والمنطقة وتعضيد
الأواصر بين الشعبين الشقيقين المتحابين، ومن ثم فالعلاقات المصرية السعودية لا
تقف عند حد تعزيز العلاقات الاقتصادية؛ لكن هناك اهتمام بعدد من الملفات الإقليمية
التي تهتم البلدين ويأتي في مقدمتها الأوضاع في غزة ولبنان وما يجري في البحر
الأحمر والسودان وليبيا.
ومما لا شك فيه من أن الزيارات
المتبادلة والمتكررة يتمخض عنها المزيد من الثمرات التي تصب في مصلحة الشعوب نتيجة
للتعاون والتضافر تجاه ما يواجه المنطقة من تحديات وما يحيق بها من تهديدات تشكل
زعزعة للاستقرار بها، ومن ثم تعد ثمرة العلاقات بين الدولتين شاملة للمنطقة
بأسرها، وللعالم العربي على وجه الخصوص باعتبارهما حاملتان لراية العروبة وتحمل
مسئولية حمياتها من كافة التهديدات.
وقد باتت الشراكات الاقتصادية
والاستثمارات المباشرة من أسباب تعضيد الأواصر بين الدول، ومع السعودية الشقيقة
نجد أن العلاقات تقوم على أسس أخوية راسخة، حيث تمتد هذه العلاقات لعقود من
التعاون الوثيق في مختلف الاتجاهات، وكلا الدولتين تسعى إلى تعزيز المصالح الاقتصادية
المشتركة، حيث إن صور الاستثمارات المتبادلة تؤدي دورًا محوريًا في تنمية هذه
العلاقات وتعزيز دورها على المستويين الإقليمي والدولي.
وتتعاظم العلاقات المصرية السعودية من
منطلق ما يحدث من تحولات استراتيجية وجيوسياسية في المنطقة بما يفرض إبرام تفاهمات
مشتركة بين الدولتين ليحدث حالة من الاستقرار وتوازن القوى بالإقليم، ومن ثم تنطلق
مسار التنمية بصورة مستدامة بما يحدث نقلات نوعية في الاقتصاديات للدوليتين.
وهذا يجعلنا ندرك مدى أهمية التعاون
الأمني والعسكري بين البلدين لمواجهة صور الإرهاب والتطرف بالمنطقة والعمل على
تأمين مصالح الدولتين، وفي خضم ذلك أبرمت العديد من الاتفاقيات الأمنية بما يخدم
المصالح المشتركة، كما أن هناك تعاون مشترك على المستوى العسكري من خلال العديد من
المناورات والتدريبات المشتركة بين البلدين ودول أخرى بما يرفع من قوة الردع
العربي ضد كل من تخول له نفسه النيل من ترابنا.
وسعي العديد من الدول للاستثمار في
مصر يؤكد تأهل البلاد كونها أصبحت سوقًا استثماريًا واعدًا نظرًا لموقعها
الاستراتيجي وسوقها المتفرد الضخم، وامتلاكها بنية تحتية تحفز الاستثمار في قطاعات
الطاقة والصناعة والسياحة.
وتقوم العلاقات المصرية السعودية على الاندماج
الاجتماعي حيث طبيعية الشعبين المصري والسعودي؛ فهناك أواصر من سياج المحبة وتقابل
تام في النسق القيمي؛ فمعتقد الشعبين يقوم على الوسطية في الفكر وترك كافة صور
المغالاة في كل أمور الحياة، ومن ثم هناك مودة وتواصل وتصاهر بين الشعبين
الكريمين، ونأمل في مزيد من تدشين المشروعات التنموية بين مصر والسعودية بصورة
مستدامة.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعة الأزهر