كيف نفهم عملية الهجوم الإسرائيلي “أيام التوبة” على إيران؟!
1ــ في الساعات الأولى من صباح السبت 26 أكتوبر 2024 حين خلد الإيرانيون إلى النوم معتقدين أن غريمتهم لن تقوم بأي عدوان في ليلتها المقدسة، شنت إسرائيل ثلاث حملات جوية على إيران أسمتها “أيام التوبة”، واتضح أنها لم تدخل بطائراتها إلى المجال الجوي الإيراني؛ بل اكتفت بإطلاق الصواريخ من خارج الأجواء الإيرانية باستخدام المقاتلات من طرازات إف 15 وإف 16 وإف 35 فضلا عن طائرات مسيرة أخرى.
2ــ اعتمدت إسرائيل في هذه العملية على الحرب الهجينة مستخدمة الإعلام الكاذب كرافعة لتعزيز صورتها الذهنية ولتضخيم العملية وتعظيم أي عمل عسكري في الإقليم حتى لو كان محدودا وخجولا ولم يحقق أي هدف من أهدافه المعلنة على مدى 26 يوما.
3ــ وقد اتضح أن المقاطع المصورة التي بثها الإعلام الإسرائيلي لهذه العملية لا صحة لها وهي تتعلق بـ”انفجار مصفاة طهران في يونيو 2021″ و”تفجير بيروت في أكتوبر 2024″، ولا علاقة لها بما حدث في إيران في هذه الليلة التي اختلط فيها الخوف بالأمل والرجاء.
4ــ بعد عملية الوعد الصادق الثانية يوم 1 أكتوبر 2024 حددت إسرائيل 4 أهداف أساسية لضرب إيران وهي: البرنامج النووي ــ مصافي النفط ــ منشآت البنى التحتية ــ اغتيال شخصيات كبرى في قلب النظام السياسي، ومن خلال عملية اليوم اتضح أن إسرائيل لم تستهدف ولم تحقق أي من هذه الأهداف.
5ــ يعني ذلك هشاشة تل أبيب وعجزها عن القيام بعملية كبيرة ضد دولة لها دفاعات جوية ولها جيش نظامي في الإقليم، واتضح أن تل أبيب لا تستقوا إلا على جماعات المقاومة بتفوقها الجوي، ولا تستأسد إلا على الدول التي لا جيوش نظامية حقيقية لها.
6ــ اللافت في هذه العملية هو التأكيد الأمريكي والإسرائيلي والروسي أن هذه الدول الثلاث أخبرت إيران قبل بدء العملية بساعات من خلال تفاصيل ما سيتم وهو ما اتضح من خلال صورة استعداد الدفاعات الجوية الإيرانية التي قالت إنها تصدت بنجاح إلى أغلب الصواريخ الموجهة غير أن بعض الصواريخ أصابت أهدافها في منشآت عسكرية خاصة بالصواريخ الباليستية مع وقوع أضرار محدودة.
7ــ لكن المهم في هذه العملية هذه المرة أنها أسقطت وإلى الأبد سردية “مسرحية” الصراع الإيراني ــ الإسرائيلي، وحكاية أنه صراع غير حقيقي وعلى أراضي لا تخص الدولتين، وقد رأى الجميع رأي العين كيف أن الصراع على أشده في ساعات الغسق المعتمة، وفي القلب من العاصمتين طهران وتل أبيب.
8ــ مع الأخذ في الحسبان أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الجمهورية الإسلامية التي تستهدف فيها عاصمتها طهران منذ الحرب العراقية 1980 ــ 1988 وهي التي ظن أهلها أنها محصنة من أي هجوم بعد أن نقل القاجاريون مقر حكمهم إليها في اليوم الأخير من العام الفارسي 1173 ش (1794 ميلاديا) ظنا منهم أن طهران الواقعة أسفل جبال البرز ستبقى منيعة ضد أي عدوان خارجي إلى الأبد.
9ــ في إيران تدور الآن اتهامات موجهة إلى دولة قطر التي يقال إن الطائرات الأمريكية انطلقت منها لتذويد طائرات إسرائيل بالوقود، واتهامات أخرى إلى دولة الأردن التي يقال إن الطيارين الإسرائيليين استخدموا مجالها الجوي في تلك العملية؛ ما يعني أن إيران تدخل دولتين عربيتين إلى خط الأزمة المشتعلة مع إسرائيل.
10ـ وفق ما أعلاه يتضح أن إيران لابد لها أن تقوم بالرد الحتمي على “أيام التوبة” وفق آلية “الوعد الصادق 3″؛ ثأرا لكبرياء العاصمة طهران، حتى لو تم تحدث العملية الإسرائيلية “الاستعراضية” خسائر ذات بال، كما أنه من المتوقع أن تلجأ طهران إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تحفظ بها لنفسها حق الرد في الوقت الذي تراه مناسبا، وهو قريب.