مرت مصر بالكثير من التحديات والأزمات التي تجاوزتها بفضل إيمانها بالله تعالى وعزيمة الشعب الراسخة بأن الله ناصره، وهذا ما جعله أكثر تضافرًا وتماسكًا واصطفافًا خلف وطنه لحماية أمنه، وبقائه مستقرًا وسط لهيب وعواصف الحروب والنزاعات، التي تزداد وطأتها يومًا تلو يوم، وتلك اللحمة التي يشاهدها العالم بأسره دلالتها قوة النسيج المصري الذي يقوى بقيم هذا المجتمع النبيل؛ حيث إن الولاء والانتماء وعشق تراب الوطن شعار أجيال تلو أخرى.
وتحدي التحدي من وجهة نظري المتواضعة يؤكد أن طبيعة المصريين متفردة؛ حيث نجد أن هناك مائدة مستديرة يجتمع عليها الشعب بأطيافه وفئاته المختلفة يتناول من خلالها هموم الوطن وعليها تطرح الرؤى والأطروحات التي من شأنها تُسهم في حل القضايا وإن كانت شائكة، أو معقدة، أو تشكل معوقًا من معوقات التنمية في مجالاتها المختلفة، ونرى أن كافة وجهات النظر وما يتم تداوله على الساحة المصرية عبر وسائل التواصل، أو من خلال المنتديات المباشرة سواءً أكانت منظمة أم غير منظمة، تصب جميعها في بوتقة الصالح العام؛ فلا مزايدة حول الإجماع في حب الوطن والانتماء الخالص لترابه.
والعالم بأسره شاهد صورة مبهرة لماهية تحدي التحدي للقائد وشعبه؛ حيث اصطفاف الشعب خلف دولته وقيادته السياسية عندما يُهدد أمنه القومي؛ فدعم الوطن بات أمرًا قطعيًا من كافة فئات وأطياف المجتمع، وقد عايشنا منذ وقت قريب تعزيز ودعم الإجراءات التي تتخذها القيادة السياسية بشأن حماية الأمن القومي المصري بجهاته الأربعة، وما يتخذ من قرارات حيال الحفاظ على الحق الفلسطيني ودعم قضيته.
ونشاهد صورة تتفرد به الدولة المصرية معبرة عن تحدي التحدي؛ حيث باتت الشراكة بين الحكومة ومؤسسات الدولة الرسمية والشعب والمؤسسات غير الرسمية في إطارها غير التقليدي الذي يحقق ماهية التكافل والتضافر؛ فقد أضحى تحمل المسئولية جماعيًا تجاه تحقيق غايات الدولة الكبرى؛ فصار المبدأ الرئيس قائمًا على الشفافية، وأصبح الحوار الوطني شعار المرحلة، وفي ضوء ما يرتئيه العقل الجمعي يكون قابلًا للتنفيذ، ومن ثم يصير محل احترام واهتمام ومتابعة، ومن ثم يصنع ويتخذ القرار بما يحقق الصالح العام.
ورغم ثقل تحدي الملف الاقتصادي؛ إلا أن الشعب المصري يفقه حجم الأزمة العالمية، ومن ثم قابل التحدي بتحدي مكن الدولة من المضي تجاه استكمال مسار النهضة وما يرتبط بها من إنجازات من شأنها تحقق الحياة الكريمة للمواطن، وتضمن مستقبل الأجيال القادمة، من خلال تنمية مستدامة بشتى ربوع الوطن، وفي سائر المجالات، وفي مقدمتها تعظيم وتوطين الصناعات بأنواعها المختلفة؛ فعليها يعول الأمن في دعم كافة القطاعات الخدمية التي تصب في المصلحة العامة.
وفخامة الرئيس الذي يقع على عاتقه مسئولية كبرى يتحمل من خلالها تلبية متطلبات شعبه، ويرسم مستقبل أجيال تستحق أن تنال حقوقها المشروعة في حياة مزدهرة تتناغم مع تقدم تقني متسارع يخدم الإنسانية ويحقق لها الرفاهية في المقام الأول، ومن ثم نشيد ونقدر ونثمن جهوده المتواصلة؛ فهذا الرجل الهمام يتحلى بخصائص متفردة يأتي في مقدمتها سعة الأفق وحنكة وحكمة التصرف المنسدلة من رجاحة عقل مطلع وواعي بعمق مجريات الأمور وبواطنها، كما أن قراراته تقوم على صناعة متأنية تراعي حالة الحاضر ورؤى المستقبل.
نقر نحن المصريون بقبول التحدي كوننا لا نقبل الضيم ولن نتقبل العوز لكائن من كان، وسنجتهد فيما يحقق غاياتنا المشروعة من تحقيق اكتفاء ذاتي، وسننهض ببلادنا ما حيينا؛ فهي تستحق ما نقدمه من أجل بقائها وحريتها ورقيها وتقدمها بين مصاف الدول، وندرك أن البناء له فاتورة مسبقة الدفع، وعلى قناعة بأن أصحاب الهوى والمأرب لا يرضيهم نهضة الدولة وازدهارها، ويبثون الأكاذيب والفتن – ليل نهار- عبر أبواقهم الممولة موظفين رسائل خبيثة تستهدف بوضوح إسقاط الدولة من خلال تفكيك نسيجها وإضعاف لحمتها.
نؤكد نحن المصريون للعالم كله أن أمننا القومي نحميه ممن يحاولون خلق لهيب صراعات ونزاعات في المنطقة بأسرها، وأننا خلف قيادتنا السياسية ودعم موقفها المشرف حيال القضية الفلسطينية، وكافة القضايا التي تمس أمننا القومي وأنه لن يثنينا صعوبات اقتصادية، أو معيشية في سبيل نصرة بلادنا ونهضتها ورفعة شأنها وتثبيت أركان أمنها واستقرارها؛ فتلك نعم تسبق جميع ما يكابد الإنسان من أجله.
نعلن نحن المصريون أنه مهما بلغت التهديدات والتحديات والمخاطر فنحن من خلف الدولة وقيادتها السياسية الحكيمة داعمون وصامدون، ومرارًا وتكرارًا نقول إن جبهتنا الداخلية متماسكة وستظل في حالة ترابط واصطفاف دائم، ولن تفتر عزيمتها، أو تضعف إرادتها تجاه استكمال مسيرة العزة والشموخ لنصبح في مصاف الدول المتقدمة بمشيئة الله تعالى وفضله وكرمه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر