مدير المكتب الإعلامي الشاب الدبلوماسي الخلوق الوديع ،يمارس عمله اليومي في متابعة كل ماينشر في الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعي ، ليقدم تقريرا يوميا لرئيس الهيئة ،وقد اعتاد على تداول فئة معينة لهيئات تلك الوزارة ،بضعة نفر المتملقين أصحاب الوجوه العدة ، تربطهم مصالح متشابكة يتنقلون بين المناصب الإدارية تماما مثل لعبة الكراسي الموسيقية ، لايستطيع أحد من العاملين الآخرين أن يطمح في الترقى حتى لو اجتهد وتفاني في عمله ، من يتم التحقيق معه في شبهة فساد ،ويوجه له لوم أو إنذارأو حتى عقوبة، يلقى بعقوبته مؤقتا في سلة المهملات ، ولا عجب أن يسند إليه منصب جديد أو يعود لمنصبه السابق ، لكأن تداول الكراسي فيما بينهم يذهب السيئات ، موقنا أن تلك الهيئة قد سكنها هؤلاء الفاسدون ممن يجيدون اللعب بالبيضة والحجر بعقد ايجار قديم ، كم و ركام تلك التناقضات حوله أطاحت أخيرا بصبره وحلمه فانتابته ثورة عارمة إثر عودة أحد المستبعدين بفضيحة فساد مجلجلة ، تلقى بعدها ركلة لأعلى بعد تعيينه كمستشار وسط فرحة كبار العاملين بالهيئة ممن كانوا حاشيته وخلصاءه ، متبادلين التهنئة ،وسط شماتتهم المفرطة في إزاحته بعيدا عنهم ،كانت لحظة فاصلة إذ رأى شتامي و شامتي الأمس بنفس الإفراط يستقبلونه وسط تبريكات صفراء ، أسكرهم النفاق معلنين فرحتهم بعودته لمنصبه ليصلح الهيئة والفشل على حد زعمهم الذي رأوه على يد من خلفوه ، بعد نهاية احتفالهم سلم المدير ملفا أنيقا عبارة عن تقرير مصور لما كتبوه من ذم وقدح واتهامات عند استبعاده سابقا ، والمديح والتهانيء والإشادة بنزاهته إثر علمهم بعودته ثانية، ليقرأه على مهل ، ابتسم شاكرا إياه،وقرأه وهو يمصمص شفتيه ،و يعض على نواجذه ، ضاربا كفا بكف ،بعدها أصدر قرارا بنقله لأحد الفروع النائية، مستبدلا إياه بواحد من تلك الحاشية ، وبينما يجلس في اجتماع معهم ذكر لهم ماحدث من مدير الإعلام إذ حاول أن يوقع بينه وبينهم ، وأنه ليس بغاضب منهم ، طالبا منهم ألايحلفوا ،فهو الواثق الواثق فيهم، مؤكدا أن لا مكان لمثله بينهم، وأنه ماكان ليصدق الواشي ،وطول ما أنا فاسد وأنت حرامي مسير تجمعنا الليالي .