تشغل قضية الأمن اهتمام المفكرين والسياسيين والتربويين والاجتماعيين؛ فالأمن هو نظام يتكون من الأمن التربوي، والأمن السياسي، والأمن الاقتصادي، والأمن الصحي، والأمن البيئي، والأمن التربوي والأمن السياحي والأمن الغذائي، والأمن المائي، والأمن الثقافي، والأمن الاجتماعي، والأمن التعليمي… ويعد الأمن التربوي جزءً رئيس في بناء المجتمع وبناء الأجيال وضمان الأمن والاستقرار، وتقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة في تنمية قيم الفرد ومعارفه ومهاراته من خلال ترسيخ قيم التسامح والاحترام والمعرفة.
ولنا أن ندرك مدى أهمية التنمية على كافة الأصعدة خاصة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية؛ حيث دورهاالرئيس في استتباب الأمن والأمان وتعزيز الاستقرار؛ إذ تعد أساسا لتحقيق الرخاء والتقدم في المجتمعات، وهنا نوقن بأن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من الوعي والفهم السليم والعميق لمصادر التهديدات الموجودة والمحتملة وتحليل القدرات الفعلية للدولة والآليات المطلوبة لمواجهة هذه التحديات.
وتكمن أهمية الأمن الشامل في توفير البيئة والدعم اللوجستي المناسبمن بنية تحتية متكاملة تسهم في جذب الاستثمارات وتساعد في توطين الصناعات وتؤدي لمزيد من الابتكارات وتساعد في تحقيق نجاحات تلو نجاحات، وتوفر فرص التعليم والتدريب المناسبة بالاعتماد على التطورات الحقيقية في مختلف المجالات، لتحقيق النمو المستدام وبناء مجتمعات مزدهرة ومتقدمة لمواجهة كافة التحديات المستقبلية، وللتكيف مع التغيرات السريعة في المنطقة والعالم.
وتسعى الدولة المصرية بقيادتها السياسية الرشيدةتبني سياسات تنموية شاملة تمهد للاستدامة في شتى المجالات، وهذا بالأحرى من أجل الإنسان وغاية بناءه؛ حيث إنه جوهر التنمية وهدفها الرئيس وأداة أساسية لتحقيقها، ومما لا شك فيه أن الأمن مرهون بالتنمية؛ فاستقرار الدول أضحى الآن بقدرتها على تحقيق التنمية بكافة المجالات للمجتمعات والشعوب، وعندما تفشل الدول في تحقيق التنمية تجد أنها عرضة للتهديدات المختلفة وتفتقد إلى الاستقرار.
وقد أصبح الاستثمار في التعليم والبحث العلمي مقومًا أساسيًا لتعزيز قدرات الدول والشعوب؛ فمن خلاله يمكن أن يتحقق التقدم والازدهار على المدى البعيد؛ فقد أضحي الصراع اليوم بين الدول يعتمد بشكل كبير على العلم والتكنولوجيا، حيث أصبحت هذه العوامل أساسية في تحديد القوة الناعمة والتنمية الشاملة.
وثمة اتفاق على أن دول العالم الثالث في أشد الاحتياج للتنمية بمجالاتها المختلفة وهذا يتطلب حدوث تحولات جذرية في بناء البشر حيث تطوير القدرات والمهارات وتنمية الوعي بأنماطه المختلفة والعمل على تنمية البني المعرفية، وفي ضوء ذلك تحتاج هذه الدول إلى أن تبدأ بثورة حقيقية في تعزيز التعليم ورعاية الصحة وتوفير فرص العمل لمواطنيها، حيث تشكل مقومات بناء الإنسان.
ونؤكد بأن الاستقرار الداخلي يشكل ضمانة؛لتحقيق التنمية بكل تنوعاتها ومجالاتها، ومن ثم تأتي أهمية الأمن التربوي وهو عبارة عن منظومة شاملة، ترتبط بجميع أنواع الأمن الأخرى المحيطة بالبلاد من خلال نظام تعليمي محوره الإنسان؛ حيث ينتج عنه التماسك الاجتماعي، وتقوية اللحمة والوحدة الوطنية والمشاركة المجتمعية، والقدرة على مواجهة مختلف المشكلات والتحديات، ومتطلبات التنمية الشاملة التي تعد من الركائز الأساسية وخط الدفاع الأساسي لأي دولة، والأساس العام للتنمية الوطنية؛ ولذلك يجب التحول المستدام للعملية التعليمية من مرحلة التدريس والحفظ والتلقين إلى مرحلة التعلم وبناء القدرات.
وتقوم فلسفة الأمن التربوي على مقومات البيئة الآمنة المحفزة لعمل المؤسسات التي يتم فيها تقديم التعليم والتربية بشكل فعال يسهم في استثمار الطاقات ويفجر القدرات الابتكارية، ويضمن وجود فرص متساوية للجميع للوصول إلى التعليم دون تمييز أو تحيز وبناء عليه يعد الأمن التربوي عنصرا أساسيا في تحقيق أهداف التعليم وتحقيق التطور الشخصي والاجتماعي للفرد.
وهنا نؤكد بأن الأمن التربوي يكمن في بيئة تعليمية آمنة ومحفزة للطلاب والمعلمين، ومن ثم يعد عاملاً أساسياً في بناء الإنسان وتطويره من النواحي العقلية والنفسية والاجتماعية؛ حيث يسهم الأمن التربوي في تطوير شخصية الفرد وتنمية قدراته بمختلف الجوانب ويؤدي إلى صقل خبراته.
ويمثل الأمن التربوي الخطوة الأساسية نحو بناء رؤى وأولويات واستراتيجيات وممارسات حقيقة ومتكاملة تساعد على ترسيخ التصورات الصحيحة عند بناء مفهوم الأمن الشامل للإنسان كنقطة انطلاق لتحقيق مفهوم تنموي شامل؛ لحماية أسس وأهداف وجود الإنسان في العديد من المجالات التربوية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية،والبيئية،والصحية، والنفسية.
ونعي أن حقوق الإنسان مكفولة ومحفوظة وتتضمن ضمان توافر الحياة الآمنة والمستقرّة والكريمةوهو ما يتأصل في الدستور المصري ومشمول برعاية وعناية القيادة السياسية، التي تحرص كل الحرص أن تضمن التنمية توفير بيئة مستقرة تسهم في تنمية وتطوير الهوية الإنسانية، مما يمكّن الأفراد من التمتع بحقوق المواطنة كاملة، ومن ثم يقوم هذا النهج بتحديد الأولويات وتنمية الكفاءات والقدرات والمهارات الشخصية اللازمة للأفراد للاستجابة للتحديات والتهديدات والعقبات التي تواجههم، كما يعمل على بناء الهياكل الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والبيئية والصحية التي تلبي من خلالها متطلباتهمواحتياجاتهم وتمكنهم من البناء والتعمير، ومن ثم فإن الالتزام بهذه الحقوق يعكس رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية للمجتمع وجميع أفراده.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعةالأزهر