كم ساءه تفاقم أحوال البلدة ،إذ رأي الناس قد بح صوتهم فاقدين الثقة في أعيانهم، إذ اعتمدوا عليهم ثقة فيهم ،ولكنهم ذابوا في عالم التنفيذيين توددا وتقربا وتزلفا، في ذات الوقت الذي تعالوا واختفوا عن أهل البلدة الذين افتقدوهم تماما ، حتى اعتبروهم في عداد الموتى ،ولكن الأعيان تمرسوا وفهموا اللعبة جيدا يعلمون جيدا متى يختفون ومتى يظهرون ، عندما يحتاجون دعمهم وتأييدهم ،فيبيعونهم الكلام المعسول ، ويذرفون بضع قطرات من دموع التماسيح مع المزيج السحري من التأوهات والتشنجات والانفعالات المفتعلة ، مع تسابق وتزاحم على مشاركتهم الأفراح والعزاء وحفلات ختان الأطفال ،وأية مناسبة حتى لو بقرة صارت عشرا (حملت) معتمدين على ذاكرة الأسماك التي يتمتع بها أهل القرية ،ليعيدوا شحن بطاقات أمانيهم بوعود وعهود كاذبة ، حاول أن يستنهض همة أهل البلدة كي يعدوا مجموعة منهم بديلا لأولئك الأعيان الذين تاجروا بهم وفرطوا في آماناتهم ،إلا أنهم اتهموه بإيعاذ من أقارب وأنسباء الأعيان بأنه يعمل لصالح نفسه مع أنه أعلمهم أنه المجرد من الهوى ،مفسحا الطريق للبقية الذين يقع عليهم اختيار الناس،هجر أهل البلدة معتزلا إياهم ، مدركا أنهم تنومتوا مغناطيسيا ،أو بإرادتهم ، ليعيدوا الكرة تلو الكرات ، مختارين نفس الأعيان أو نسلهم ،وتتفاقم المشاكل ،ويبح الصوت ،ومايزال الثور المغطي العينين يدور بالساقية في همة دون أي تكاسل وإلا فالسوط في انتظاره .