قد نظن أننا كلما كبرنا بالعمر نصبح أكبر قدرة على تحمل الصدمات وتجاوزها لكن على العكس إن صدمة المرور بتجربة مؤذية في مرحلة متقدمة من العمر أشبه بالمشي على حبل مشدود بين جبلين بينهما هوة سحيقة ، إن نجا الجسم من السقوط في تلك الهوة ولم يفترسه الوهن والمرض لن تنجو العقول ولا الأجهزة النفسية من الضغط المرعب الذي يولده تسلط الأحداث المؤلمة والمشاهد التي أنتهكت كرامتنا وكبريائنا بهذا العمر، تستمر ذاكرتنا في اجترار المرارة مرارا وتكرار ، فعندما نكبر لا نتقبل أخطاءنا بسهولة ولا نسامح أنفسنا بنفس المرونة التي نتمتع بها في مقتبل العمر .
على الأرجح تنطفىء شمعة الثقة الأخيرة ويبدأ المرء بمرحلة تدريجية من التحول من إنسان محب ومتعاطف إلى مسخ نرجسي متلاعب ،جاف وفارغ لا يأبه لمشاعر أحد.
حلقة من القبح المطلق تنطلق ككرة نار تلتهم كل من يأتي بطريقها، لا تميز الخبيث من الطيب.