من منظور خاص أرى أن حقوق الإنسان لا تنفك عن حرية الفرد المسئولة تجاه ما يمارسه في شتى المناشط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بما يعود بالنفع عليه ومجتمعه، ناهيك عن توفير كافة ما يحقق له مناخًا داعمًا للتعليم الجيد والرعاية الصحية والغذاء والعمل، مع توافر البيئة الآمنة المستقرة والآمنة التي تجعله قادرًا على العطاء متمكنًا من كافة الممارسات التي تحقق ريادته في متنوع المجالات التعليمية والعلمية والعملية والحياتية، ومن ثم يصبح الإنسان أداة بناء في مجتمعه، وصمام أمان وحماية لأمنه القومي بأبعاده المختلفة؛ حيث يمتلك الوعي الصحيح في أنماطه المختلفة.
وإذا ما طالعنا ما أقرت به المنظمات الدولية وكافة المؤتمرات التي تناولت ماهية حقوق الإنسان، نرصد التباين الفج بين النظرية والتطبيق؛ فما يطلق من شعارات غير منضبطة الصياغة تؤكد في مجملها على الحق المطلق والمطالب الفجة لصور الحريات غير المسئولة، ومن ثم يدرك أنه لا يوجد ارتباط بين الواقع وسطور كلمات تتعارض مع ما يتم رصده في المجتمعات التي أطلقتها والفئات التي تبنتها.
واعتقد أن هناك تناولًا منصفًا لماهية حقوق الإنسان أشار إليها البعض استنادًا على فلسفة رئيسة تؤكد على أمر لا جدال ولا خلاف حوله؛ ألا وهو الحفاظ على الكرامة الإنسانية التي أكدتها الطبيعة البشرية وسبب الوجود على المعمورة، ومن ثم تتأتى العلاقة الوثيقة بين الحقوق والواجبات التي تضمن سلامة الممارسة وصحة الأداء، بما يحقق المصلحة العامة التي أقرتها الدساتير وترجمتها القوانين وضمن إنفاذها الهيئات القضائية.
والدولة المصرية من الدول التي لم تنكر حقوق الإنسان، بل على العكس تبنت استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان واضحة المعالم والبيان، والرئيس بنفسه يتابع عن كثب العمل على تحقيق مراحلها ليضمن بناء إنسان لديه كرامة وحرية مسئولة تجاه وطن في حاجة للتضافر والاصطفاف خلفه ليستكمل إعماره وتنهض أركانه ويستقيم أمره؛ فيصبح المجتمع المصري في كليته منتجًا، قادرًا على تعظيم مقدراته والحفاظ على تراثه وحضارته مضيفًا لمكونها إنجازات عظيمة تفخر بها أجيال تلو أخرى.
ووعينا بأن ماهية حقوق الإنسان لا تختص بمجال بعينه؛ لكنها تكامل بين كافة الأبعاد التي تضمن حياة كريمة للمواطن؛ فالاهتمام بالمجال السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والتشريعي وغير ذلك من مجالات يعطينا الفقه الصحيح للحقوق؛ فتبدو غير منقوصة، ومصر دون مبالغة تعيش فترة غير مسبوقة فيما يخص حقوق الإنسان؛ فهناك الرعاية المؤسسية للحد من الفقر، وهناك المسئولية الوطنية تجاه محاربة الأمراض المزمنة والتي بفضل الله وجهود المخلصين تم التخلص منها والقضاء على براثنها، وهناك الإرادة والتخطيط الاستراتيجي الذي خلصنا من كابوس العشوائيات التي كانت تمارس في داخلها شتى ألوان التجاوزات مما يصعب ذكره وتفصيله.
وثمة إصلاحات في العديد من الملفات التي كادت تعصف بجهود الدولة وتقتضي على حلم التنمية المستدامة ومن ثم تؤثر بالسلب على ملف حقوق الإنسان؛ فتلك هي البينة التحتية والفوقية والرقمية التي دشنت في ربوع الوطن والتي ساهمت في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية وفتحت مسارات العمل وحدت من البطالة وحققت أحلامًا تنموية لم يكن للخيال أن يصل إليها.
إن تحقيق جودة الحياة للمواطن جعل مؤسسات الدولة وقيادتها تنهض بالاقتصاد وخاصة في مجال الصناعة؛ بغية تعظيم الموارد الطبيعية التي تمتلكها الدولة، وتعضيد الكفاءات البشرية بمزيد من الخبرات التي تضمن المنتج التنافسي الذي يغزو الداخل والخارج، بما ساعد في تعددية خطوط الإنتاج واستيعاب الطاقات البشرية التي صارت منتجة على مدار الساعة بكافة ربوع الوطن.
وفي الحقيقة يصعب تناول ملف الإنجازات المصرية في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لكن أود الإشارة إلى أن ترجمة المشهد المصري لحقوق الإنسان ملموسة ومقروءة ومشهودة؛ فالخراب لا يجعل لحقوق الإنسان مكانة، والإرهاب لن يسمح بحقوق للإنسان، والتفكك والشرذمة لا تقدم ما يلبي متطلبات حقوق الإنسان، وافتقاد الأمن والأمان لا يعطي لحقوق الإنسان المعنى والمغزى لها، وفي المقابل الحفاظ على كرامة الفرد وتوفير مقومات الحياة الصحية والمناخ الداعم للعطاء والازدهار من المقومات الأساسية لحقوق الإنسان والمترجمة لمعناها بصورة واقعية.
إن متابعة الرئيس الحثيثة تجاه تعزيز حقوق الإنسان المصري بصورة متكاملة من حيث الاهتمام والرعاية والبناء لكيان إنسان مصري يعي جيدًا مسئولياته ويدرك بشكل صحيح حقوقه ويؤدي كل ما من شأنه يساهم في دروب ومجالات التنمية، وهنا يجب أن ننوه على ضرورة العمل الممنهج تجاه نشر ثقافة حقوق الإنسان بصيغتها الصحيحة بمؤسسات الدولة قاطبة؛ كي يدرك المواطن كل ما يحيط به على الساحتين المحلية والدولية، ويقدر جهود الدولة المستدامة في ملف حقوق الإنسان.
إن التزام الدولة المصرية وقيادتها الرشيدة بكافة الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها، يؤكد على أننا الوطن للجميع، وأننا نعيش على أرض السلم والسلام وسيادة القانون، وأن ما يزعمه المتقولين والمغرضين وأصحاب المآرب والأجندات عار تمامًا عن الصحة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر