لاشك أن تفعيل حقوق المستهلك وتسليط الضوء عليها إعلاميا يسهم في إيجاد صيغة مقبولة تعمل على زيادة الثقة بين المستهلك والدولة ، حيث إن المستفيد الأول من اليوم العالمي لحقوق المستهلك هو المستهلك ذاته ،
ولذلك فإن الهدف من هذا اليوم هو رفع صوت المستهلك في المحافل والتواصل مع كل الجهات التشريعية والرقابية ، وكذلك الشركات والمؤسسات المقدمة للخدمات لمطالبتهم بتوفير الحقوق الشاملة للمستهلك وحمايته من كل المخاطر والحفاظ على بيئته نظيفة ، كما تستفيد الجهات التشريعية والرقابية ، حيث يتم تسليط الضوء في هذا اليوم على التشريعات والقوانين الواجب إصدارها في موضوع يوم المستهلك ومقارنة التشريعات في كثير من الدول ،
والاستفادة من التجارب المتقدمة وآليات الرقابة ،كما يفيد ذلك الأمر مراكز الأبحاث والدراسات والكليات والجامعات ،” حيث إن الاحتفال باليوم العالمي لحقوق المستهلك يعطي هذه الجهات الفرصة للقيام بالدراسات والأبحاث ، ومقارنتها وعمل برامج توعية للمستهلكين بشرائحهم المختلفة للتواصل مع المجتمع , و مثل هذه الدراسات والبحوث سوف تؤدي إلى رفع الوعي عند المستهلكين وكذلك الجهات ذات العلاقة الحكومية وغير الحكومية ، كما إن الاحتفال باليوم العالمي لحماية المستهلك يعطي الفرصة للشركات والمؤسسات والمصانع ومقدمي الخدمات والسلع لتتعرف على احتياجات ومتطلبات وتوجهات المستهلكين ، وهذا يساعد على بناء جسر للتواصل بينهم وبين المستهلكين يعتمد على تقديم المنتج ذي الجودة العالية والسلامة والشفافية والالتزام بأخلاق المهنة ، وكل هذا يساعد على خلق سوق تنافسي جيد على المستويات المحلية والعالمية
يعمل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بموجب قانون رقم 10 لسنة 2003 على حماية حقوق المستهلك من خلال تطبيق سياسات وطنية لتحسين وإتاحة مختلف خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إطارٍ من المنافسة الحرة والشفافية. وكانت مصر من أوائل البلدان على الصعيدين الإقليمي والدولي التي أرست الأسس لحماية حقوق المستهلك في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ويتبنى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في هذا الصدد استراتيجية تقوم على ركيزتين رئيسيتين؛ تتمثل الركيزة الأولى في وضع قواعد لحماية حقوق المستهلك وتقديم خدمات عالية الجودة بأسعار معقولة. وتتمثل الركيزة الثانية في رفع الوعي بحقوق المستهلك وواجباته مما يساعده على اختيار الخدمات ومقدمي الخدمات الأكثر ملاءمة لاحتياجاته.
يحتاج المستهلك إلى الحماية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، وتنبع أهمية توفير حماية المستهلك من أنه يمثل الطرف الضعيف في العملية التعاقدية، فالرغبة في الربح السريع دفعت العديد من التجار والمنتجين، ومقدمي الخدمات إتباع أساليب غير مشروعة للإثراء السريع باستخدام وسائل الغش والخداع المختلفة، ومن هنا تظهر أهمية التعريف بالمستهلك الذي نسعى لتوفير الحماية له، وبعد اتساع مستخدمي الإنترنت في العالم، بدأ يتبلور مفهوم الحماية الإلكترونية للمستهلك، والذي يعني الحفاظ على حقوق المستهلك وحمايته من الغش أو الاحتيال أو شراء بضائع مغشوشة باستخدام أدوات ً شبكة الإنترنت التي تستطيع الوصول إلى كل م ا ا يتجاوز أحيان كان، وتمارس تأثير الأدوات التقليدية في الواقع. فالمخاطر التي يتعرض لها المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية قد يكون مصدرها التاجر الذي يمثل الطرف الآخر في العالقة التعاقدية الذي كثيرا ما يتسم سلوكه بالغش والتحايل قبل المستهلك. كما قد يقع الخطر من الغير، كما في حالة اختراق الشبكات عادة استخدامها على نحو يضر الإلكترونية المنجزة، حيث يتم سرقة المعلومات من المستهلك.
الأمر، الذي يتطلب حماية المعاملات الإلكترونية فضال، على أن الدعاية والإعلان في نطاق العقد الإلكتروني بصفة خاصة قد يلعب دورا عظيما في إيقاع المستهلك في غلط يدفعه إلى التعاقد دفعا. خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار قوة شبكة الأنترنت من حيث الانتشار، التأثير، الدعاية، الإعلان والقدرة على النفاذ بسرعة وسهولة للمستهلك حتى أصبح يشعر أنه محاصر في مسكنه وعمله. ليكتشف بعد فوات الأوان أنه ضحية لمؤامرتين. الأولى، من وسائل الدعاية والإعلان والثانية، من قبل التاجر أو المنتج صاحب السلعة التي يسوقها عن طريق الأنترنيت. كل ذلك، يستوجب حماية الإطار القانوني لحماية المستهلك في التجارة الإلكترونية
أكدت المادة (42) من القانون رقم 181 لسنة 2018 بإصدار قانون حماية المستهلك، على أن جهاز حماية المستهلك هو الجهاز المُختص بتطبيق أحكام هذا القانون، ويتمتع بالشخصية العامة الاعتبارية، ويتبع الوزير المختص، ومقره الرئيسي مدينة القاهرة، وله أن يُنشئ فروعا بجميع المحافظات، وتجوز له الاستعانة بجمعيات حماية المستهلك في المحافظات في ممارسة اختصاصاته
ونصت المادة (43) من القانون على أن الجهاز يهدف إلى حماية المستهلك وصون مصالحه، وله فى سبيل تحقيق كل ذلك ما يأتي:
ـ وضع الخطط وبرامج العمل لحماية حقوق المستهلك، وتعزيزها وتنميتها، ووسائل تحقيق كل ذلك.
ـ نشر ثقافة حماية المستهلك، وإتاحتها للمواطنين.
ـ تلقى الشكاوى والبلاغات بجميع أنواعها في مجال حماية المستهلك من المستهلكين والجمعيات، والتحقيق فيها، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المدة اللازمة للرد على الشكوى طبقا للمجموعات السلعية المختلفة بحد أقصى 30 يوما.
ـ التنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة لتطبيق أحكام هذا القانون وبالأخص جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وتلتزم هذه الأجهزة بتقديم البيانات والمشورة الفنية التي يطلبها الجهاز.
ـ دراسة الاقتراحات والتوصيات التي ترد إلى الجهاز فيما يتصل بحقوق المستهلك، وإعداد البحوث والدراسات الخاصة بها.
ـ التنسيق والتعاون وتقديم الدعم الفني مع الإدارات والقطاعات المعنية بشكاوى المستهلكين والمستخدمين والمواطنين والعملاء في الهيئات والمصالح والأجهزة والوزارات المختلفة، وتبادل الدراسات والبحوث ذات الصلة بمجال تطبيق أحكام هذا القانون.
ـ دعم أنشطة الجمعيات الأهلية المختصة بحماية المستهلك فنيا وقانونيا.
ـ التعاون مع الأجهزة الرقابية فى ضبط الأسواق، والتصدي لأى مخالفة لأحكام هذا القانون.
ـ وضع برامج تدريبية لتأهيل المعنيين بمجال حماية المستهلك.
ـ تعزيز التعاون فى مجال حماية المستهلك فى الداخل والخارج واتخاذ الإجراءات الاستباقية والإنذار المبكر للكشف عن أى ضرر محتمل قد يصيب المستهلك.
ـ إبداء الرأى فى التشريعات والسياسات والقرارات التى من شأنها المساس بحقوق المستهلكين، وذلك من تلقاء ذاته أو بناءً على طلب من الجهات المعنية، وتلتزم الجهات المعنية بأخذ رأى الجهاز فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بحقوق المستهلك.
ـ إقامة الدعاوى المدنية التى تتعلق بمصالح جموع المستهلكين، أو التدخل فيها، وفقا لأحكام القوانين المنظمة لمباشرة إجراءات التقاضى أمام المحاكم.
وربما أمكن الشارع المصري الاستفادة من تجربة حديثة لإصدار قانون جديد لحماية المستهلك فى المملكة الأردنية الهاشمية. وجدت هذا القانون جيداً للغاية وشاملاً لكثير من النقاط المهمة، التى تمس مصلحة المستهلك، وتعمل على تعزيز الأيدى الخفية للدولة فى الأسواق، دون مساس بآلية عمل العرض والطلب وجهاز الثمن فى اقتصاد السوق. القانون الأردنى ينظر أيضاً بعين الاهتمام إلى حوكمة منظومة حماية المستهلك ككل، وذلك عبر تشكيله لمجلس حماية المستهلك الذى يرسم السياسة العامة لضبط الأسواق، ويضع حدود الأدوات الرقابية للدولة، مع إفساح مجال لتحديد الأسعار التوازنية من خلال تقاطع منحنيى العرض والطلب لكل سلعة وخدمة.
جهاز حماية المستهلك يداً بيد مع جهاز حماية المنافسة ومنع المنافسات الاحتكارية، وعدد من الأجهزة الرقابية الأخرى يمكنهم صناعة مناخ آمن ومستقر للمستهلك المحلى والأجنبى المقيم، يمكنهم المساهمة فى خلق مناخ استثمارى مشجّع وجاذب للتدفقات، ويمكنهم أيضاً السيطرة على وحش الأسعار التى بلغت فى أحدث معدلات للتضخم صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 29،6% بنهاية شهر يناير الماضى مقارنة بيناير 2016، خاصة إذا كان الارتفاع المتوالى فى الأسعار مدعوماً بغياب المعلومات، وتعمّد إخفائها عن المستهلك، وشيوع الاحتكارات والممارسات الاحتكارية فى التسعير وتعطيش السوق، والغش التجارى وبيع المنتجات غير الصالحة للاستهلاك الآدمى، والإغراق بسلع من أسواق أجنبية، إلى غير ذلك من ممارسات لا تقبلها أكثر الأسواق انفتاحاً، ولا أكثرها حرصاً على حرية عمل آليات ومقومات العرض والطلب.