من القلب للقلب : “حين تهتز أركان الإيمان بالأمل” في لحظة صمتٍ وسط ضجيج الأيام، وجدت نفسي أراجع كل كلمة قلتها، كل وعدٍ غرسته في قلوب الآخرين عن الأمل والاجتهاد، عن المثابرة والتعب كجسرٍ لا بد منه للوصول. لكن أين نحن؟ وأين هم؟ من يقفون في الصفوف الأمامية، تُكرّمهم الجوائز، وتُسلّط عليهم الأضواء، وتوجه لهم الدعوات .بينما نحن خلف الشاشات، نراقب بعيون مفتوحة وأفواه صامتة. لا أخفيكم، الألم كبير. كأن الحياة تسألني فجأة: “هل كنتِ تعيشين أكذوبة؟ أكذوبة التميز والاجتهاد والتقدير؟” بين الألم والواقع: كنت دائمًا تلك الشخص التي تنثر كلمات الإلهام كزهور في طريق الآخرين. أخبرهم أن الاجتهاد مفتاح، وأن الصبر هو الجسر، وأن التضحية عنوان النجاح. لكنني اليوم أقف على حافة هذا الإيمان، أتساءل: هل كنتُ مخطئة؟ كنتُ في رفقة صديقة مؤخرًا، وبينما كنتُ أضحك بشغفي المعتاد، رمقتني بنظرةٍ غريبة، ثم قالت: “أتمنى ألا يأتي يوم تنهي فيه هذه الهمة، هذه الابتسامة. خوفي يا دكتورة أنكِ ترين العالم بعيونا !!!! كانت كلماتها كالصفعة. هل يمكن أن يأتي هذا اليوم؟ هل يمكن أن أكون أنا، التي طالما أشرقت للأمل، ضحيةً لخيبة الأمل؟ التفاصيل التي تصدمنا: مع كل عام يمر، أكتشف حقائق موجعة. العائلة، الأصدقاء، العلم، التجارب، كلها كانت دروسًا، لكنها أيضًا كانت مساحات من الخذلان أحيانًا. نُجهد أنفسنا نروي بأيدينا أحلامنا وأحلام الآخرين، لكن حين يحين موسم الحصاد، نجد أنفسنا خارج الحقل، ننظر من بعيد، نتساءل: أين نحن؟ ولماذا غاب تقديرنا؟ لكن… لا يصح إلا الصحيح: أجل، كم مرة قلتها للآخرين: لايصح إلا الصحيح.” كنتُ مؤمنة بذلك، وما زلت، رغم كل شيء. ربما هي صدمة الوقت الحالي، لكنها لن تكون النهاية. لا بد أن هناك معنى أعمق، ربما لم يظهر بعد. الألم الكبير هو ما يجعلنا نعيد التفكير، يعيد تشكيلنا، وربما يُخرج منا نسخةً أقوى، أكثر حكمة. نحن الأبطال الحقيقيون: قد لا نكون في الصفوف الأمامية، لكننا نبني أساسات العالم. نحن الذين نعطي بغير حساب، الذين نُضيء شموعًا لا نطلب مقابلها شيئًا. في النهاية، هذا هو التميز الحقيقي، حتى لو لم نرَ ثمرته الآن. “نعم، تألمتُ كثيرًا، وما زلتُ في عمق الصدمة، لكنني أعلم أنني سأفيق. لأن الحياة ليست عن الصفوف الأمامية فقط، بل عن تلك اللحظات الصغيرة التي نعيشها بصدق، والتي تُشرق أرواحنا بعيدًا عن الأضواء.” ربما كنتُ أعيش أكذوبة التميز، أو ربما كنتُ أؤمن بما لم أفهمه تمامًا. لكنني اليوم أعرف شيئًا واحدًا: الألم ليس النهاية. إنه بداية لفهمٍ أعمق، لرحلة جديدة، ربما تكون أكثر هدوءًا، لكنها أيضًا أكثر صدقًا. “سأستمر، لا لأنني أبحث عن التقدير، بل لأن الحياة تستحق أن نعيشها، رغم كل شيء. وسلامتكم
·