التجمهر والتظاهر بقصد التخريب وإتلاف المال العام أو تعطيله عن أداء مهمته كليا أو جزئيا يعد جريمة نكراء في حق المجتمع ؛ لأنه ينشر الخوف والهلع، ويمس مال الأمة فيعطل دوره ونموه المنشود.
ولا خلاف لدى كل عاقل أن ذلك مجرم شرعا ومنهي عنه عقلا وعرفا قال الله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) أي: لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاح الله (تعالى) إياها ، بأن خلقها على أحسن نظام ، فالنص الكريم نهي عن سائر الإفساد كإفساد النفوس والأموال العامة أو الخاصة فالله عز وجل حرم الإفساد في الأرض ولا شك أن التجمهر والتظاهر بقصد الإتلاف والتخريب نوع من أنواع الإفساد.
لذا وجدنا المولى عز وجل يبين لنا في كتابه الكريم عدم محبته للمفسدين الذين آثروا التخريب والهدم على التعمير والبناء قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ففي هذه الجزئية من الآية الكريمة يصرح القرآن الكريم أن المخربين والمفسدين بعيدين عن رب العالمين ؛ لأنهم آثروا الإفساد على الإصلاح والهدم على البناء والتخريب على التعمير.
وإذا ذهبنا إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجدنا قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن ماجه والبيهقي والحاكم: ( لا ضرر ولا ضرار ومن ضار ضار الله به ، ومن شق شق الله عليه) فالحديث الشريف قاعدة شرعية تحرم الفعل الضار في كل الأمور ومنها التجمهر والتظاهر بقصد إتلاف الأموال وانتهاك الأعراض وترويع الآمنين وتعطيل مصالح الأمة وعدم اجتماعها على كلمة سواء.
أما عن العقوبة المادية لمن يباشر ذلك أو يقف وراءه بالتخطيط والتنظيم والتحريض والتمويل ، فإنها عقوبة تعزيرية تخضع لنوع المال المتلف ومقدار الخسائر الناتجة عن هذا التظاهر أو التجمهر ومدى تأثير ذلك على أمن البلاد وسلامة العباد.
وهذه أمور تعود لنظر ولي الأمر وأهل الحل والعقد كالقضاء والمجالس النيابية وأهل العلم والورع.
كما ينبغي تضمين هؤلاء الخسائر الناجمة عن أفعالهم وسلوكهم فهم ضامنون لما أتلفوه سواء وقع عمدا أو خطأ ؛ لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء.
ألا فلنتقي الله تعالى في بلادنا وفي أموال الناس ومقدراتهم ولنكن مع الصف الذي يبني لا يهدم ، يعمر لا يخرب ، يصلح لا يفسد ، يتعاون مع غيره على البر والتقوى وصالح الأمة ، لا على الإثم والعدوان والبغي والإفساد في الأرض.
من كانت لديه كلمة توحد لا تفرق ، تجمع لا تمزق فليقلها سيما في هذه الظروف التي تمر بها الأمة ، وإلا فليمسك عن الشر والفتنة فهذا خير له وللأمة وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)
فإما أن تقدم للمجتمع خيرا وإما أن تمسك عن الشر فتسلم ويسلم المجتمع.