القيادة الحكيمة لها شروطها ومقوماتها ومواصفاتها وأولها ولا شك رجاحة العقل والسماحة والتحرر من الهوى والغرض وأخيرا الابتعاد عن أي رغبة في الانتقام سواء من الأصدقاء أو الأعداء.
ولقد ملأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدنيا صياحا بعد لحظات من جلوسه في المكتب البيضاوي الذي كما يقول يشعر بالحنين نحوه.
من هذه القرارات ما يرضى عنها الأمريكان ومنها ما أثار مشاعر الغضب والاحتجاج لدى البعض لكن ماذا في وسع هؤلاء أن يفعلوا بينما الرئيس سائر في طريقه بصرف النظر عن النتائج أقصد تجربته في الانتخابات التي استطاع أن يعبرها بعد جهد جهيد ولأن ترامب كما أوضحت لديه قناعة شديدة بأن أمريكا أحسن بلد اقتصاديا وتسليحا وديمقراطية مما يعطيه الحق أن يتحدث بينما ينصت الآخرون ويتدخل في الشئون الداخلية للدول دون أدنى حرج ويؤكد أنه لو لم يفشل في انتخابات عام 2020 المزورة فقد كان متعذرا أن تشتعل الحرب بين روسيا وأوكرانيا أو بين الفلسطينيين والإسرائيليين .. إنه يجزم بذلك حتى إن الرئيس الروسي نفسه أعلن موافقته على الاجتماع به في أي وقت وأنه واثق أنهما سوف يتفقان ولا يختلفان وأنا شخصيا أرى أنه سوف يقابل عنجهية ترامب وتصريحاته الساخنة بحسن نوايا حيث إن بوتين حاليا ظروفه لا تسمح بالعناد أو المكابرة.
أما فيما يتعلق بنزاع الشرق الأوسط فهو تارة يقول كلاما تأييدا لإسرائيل تأييدا كاملا ومهاجما حركة حماس بضراوة وأحيانا أخرى يميل ميلا قليلا إلى حماس لدرجة أنه ترك الأبواب مفتوحة لكن الدخول أو الخروج منها صعب ومعقد.
***
طبعا كل ذلك جعل كلا من الطرفين يبحثان عن ثغرة أو ثغرات يمكن أن تحقق لهما مرادهما وعندئذ لا يستبعد أن يقع الصدام من جديد.
مثلا.. هل استمرار إسرائيل في العدوان العنيف على لبنان كان يمكن أن يتم لو أن نتنياهو فعلا يخشى رد الفعل عند ترامب أم أن الرئيس السابق ترك عند الرأي العام العالمي انطباعا بأنه رجل طيب فضلا عن أنه مريض تهاجمه أعراض الزهايمر بين كل يوم وآخر وبالتالي لم يكن قادرا على اتخاذ موقف حاسم ضد نتنياهو إلا فيما ندر..؟!
والآن.. هل يستغل نتنياهو ضعف بايدن في سبيل الوصول إلى قوة ترامب الذي سوف يستقبله في مكتبه بالبيت الأبيض بعد أيام قليلة؟!
***
أيضا حركة حماس أعلنت أنها الآن أكثر قوة عن ذي قبل.. أي قبل حرب إسرائيل ضدها وبالتالي لا يتعذر أن يقوموا بهجوم على إسرائيل خلال فترات متلاحقة.
على أي حال لقد خلق ترامب نوعا من غموض الرؤية لدى كل الأطراف وبالتالي فإن العالم كله ممكن أن يستمع إليه.. لكن كيف سيكون التعامل مع شخصية مثل شخصية ترامب وإن كان هو نفسه لا يهتم كثيرا بما يريده الآخرون؟
أخيرا.. يبدو أن ترامب سيعود مرة أخرى إلى طرح مقولة الصفقة التي سبق أن أعلنها خلال فترة حكمه السابقة ولم تتحقق مما يجعله أن يكون أكثر اقتناعا بها وبتنفيذها أثناء فترته الحالية فهل يستطيع؟!
***
و..و..شكرا