نعرض هنا لمجموعة من المقالات نشرتها الصحف أو نشرها أصحابها على صفحات وسائل الاتصال الاجتماعي وقد أدلوا بآرائهم القيمة في الدراما إصلاحها ولجانها ، لعلها تساهم في قراءة المشهد بعمق وروية لنضع اليد على مواطن الخلل ، ولنأخذ بما فيها من حلول لإصلاح الدراما المصرية بشكل عام .
د.أحمد القرماني
توجيهات السيد الرئيس
عندما يتحدث الرئيس عن أي مشكلة أو ظاهرة سلبية تستدعي الحل، يتسابق المسؤولون للتصريح والتعليق رافعين شعار “توجيهات السيد الرئيس”، مما يثير التساؤل: أين كانوا منذ البداية؟ وهل يُطلب من الرئيس أن يتدخل ويتحرك في كل الاتجاهات والأصعدة، دوليًا وداخليًا؟ هل يجب أن يكون الرئيس السيسي حاضرًا في كل شارع وحارة ليتحرك المسؤولون؟
لكل مسؤول اختصاصات وسلطات محددة، فلماذا لا تُمارس هذه الاختصاصات بفعالية ونجاح لحماية الدولة وتأكيد السلطات الدستورية للمؤسسات؟
لقد أصبحنا نسمع مصطلح “توجيهات السيد الرئيس” على لسان المسؤولين والسياسيين والإعلام، كنوع من التقرب للرئيس وطمعًا في مغانم السلطة، حتى أصبحنا نستهل وننهي يومنا بتوجيهات الرئيس، وكأن الرئيس هو من يعطي إشارة البدء لكل عمل، وينتظر المسؤولون تلك الإشارة.
أشعر بالأسف على سيادته بسبب رداءة المنتج والمستوى الذي تظهر به هذه التشوهات، فأصحاب الاختصاصات في سبات عمّا يحدث، وأصبحت محركات البحث الاجتماعي والتريند هي المحرك لكل ما نعيشه، والمتنفس رغم ما يحتويه من سموم. ونعود لنتساءل: كم مرة رأينا محافظًا أو وزيرًا أو مسؤولًا يتوارى خجلًا لعدم إلمامه بأدق مسؤولياته من حيث المعلومات والطروحات؟ وقد شاهدنا ذلك في اجتماعات ولقاءات الرئيس.
المسؤول لا يهتم إلا بتحقيق رضا الرئيس، دون العمل الجاد والاجتهاد. وللأسف، نفتقد للكفاءات لأن الواقع يهمشها والبيئة تطردها.
لقد سعدت بما طرحه الرئيس ودعا إليه بشأن إعادة النظر في الدراما، وقد سبق له أن تحدث في هذا الشأن مرتين أو ثلاث مرات، ولكن دون جدوى. ولكن هذه المرة، تحركت المياه الراكدة لوضع خطة للدراما وما يُعرض على شاشات الفضائيات، بعد أن انكشف الواقع علنًا بالدعارة والتجارة غير المشروعة، وتحول المجتمع إلى مجتمع بلطجية. هناك مخطط دقيق ومدروس لتفجير المجتمع وتحويله إلى مجتمع خانع مستسلم، يبحث عن إشباع رغباته دون رقيب أو رابط من قانون أو دين أو خلق أو ضمير أو هوية مجتمعية.
ا.محمد حسن الألفي الكاتب الصحفي الكبير
زعل الرئيس …واسناد الدراما لغير اهلها
هل كان المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المتمتع بصلاحيات دستورية واسعة ، في حاجة إلى ان يظهر رئيس الجمهورية استياءه. حتى يبادر رئيس الحكومة إلى تشكيل لجان لمراجعة ما يقدم وما سيقدم علي شاشات التلفزيون ، في بيوتنا من اعمال درامية تعلم الناس الانحطاط والسفاهة واقذر الالفاظ وشم المخدرات وزنا المحارم ؟.
لماذا ينتظر أي وزير ، او رئيس حكومة توجيهات الرئيس ؟ ألست ترى ؟ ألست تتابع غصب الرأي العام مما يقدم للعالم العربي عن مصر وكيف صارت أحوالها ، مستنقعا للمخدرات والمؤامرات. والبلطجة ؟ السؤالان أطرحهما نيابة عن الناس الذين تعجبوا من سرعة قرار الدكتور مدبولي لتشكيل لجان تضم كبار الكتاب والمؤلفين و المخرجين ، والفنانين المحترمين ، لأننا عندنا الآن كم مهول من ممثلين غير محترمين في أدوارهم التي يغيبون بها وعي الشعب ويعلمون النشء. والصبية والشباب الضرب والعنف والهروب من البيوت .. ستضم اللجنة ايضا أساتذة علم الاجتماع والإعلام ، وكبار المنتجين المحترمين ، وأؤكد علي المحترمين الجادين ..
لو لم يظهر الرئيس استياءه الحذر ، و كان ، في الحقيقة ،يتحسس مفرداته حتى لا يزعل احد علي حد قوله ، ، ما بادر مسئول الي معالجة الأمر ومراجعة القرف الدرامي في شهر رمضان .. مناسبة سنوية دينية صارت سوقا لعرض السفالات..
لن احدد اسماء مخرجين باتوا عند الراي العام علامة مسجلة على الانحطاط والسوقية ، وهبطوا بفنانين وفنانات الي مواسير صرف القاهرة ، بما لقنهم من مفردات وأداء هيستيري ، وجعلهم شلق بكل معنى الكلمة !
على كل حال ، حمدا لله أن الرئيس قال ، وأن رئيس الحكومة سيفعل ، لكن الأهم جدا أن يتم بالفعل الاستماع الجيد لخبرات الكبار فنا وعلما ووطنية ، ، وأن يؤخذ فعلا وصدقا بما يوصون به ، والأهم استعادة كبار مؤلفينا من بيوت الحسرة. والأنين ، ركنوهم عمدا. وجهلا ، لإفساح المجال امام السوقية. والشعبوية .
الدراما السينمائية ، والتليفزيونية هي في الأساس مؤلف ومخرج ومنتج .. المؤلف يضع النص وفق منظومة الضمير العام ، والقواعد المعمول بها فنيا ورقابيا ، والمخرج مطلق اليد في اختيار طاقم العمل الفني ، هو من يختار الممثلين ،وليس الوضع المعكوس حاليا ، ممثل نجم يستكتب ورشة ، أو كاتبا يقبل التوجيهات والصياغات ، ، بل ويختار المخرج الذي ينحنى له !
هذا هو الوضع الحالي ، نجم ونص تفصيل وسمكرة ، وديكورات لا هي بيوتنا ولا هي شوارعنا ولاهي أحياؤنا الشعبية ، ولا الناس في الأحياء الشعبية هم خريجو السجون ومدارس الاجرام التي فتحها المخرج علي مصراعيها !
الدراما التلفزيونية علي وجه أخص أمن قومي خالص بدون زيادة ولا نقصان ، ولا مجال للتشكيك في هذه الحقيقة . دراما العظيمان أسامه انور عكاشة ، ووحيد حامد ،ودراما جلال عبد القوي ، ويسرى الجندي ، ومحمد صفاء عامر ومجدي صابر ، ومحمد عيد ، وكرم النجار وأمينة الصاوي، مع كبار المخرجين المبدعين المخرج الكبير محمد فاضل امد الله في عمره ، وملك الفيديو المبدع مجدي أبو عميرة ، والراحل المبدع اسماعيل عبد الحافظ ويحيى العلمي والمبدعتان الرائعتان انعام محمد على ورباب حسين والمخرج الكبير أحمد صقر وغيرهم وغيرهم ممن صنعوا وعي الشعب المصري في كل مراحل نضاله وأزماته وتحديات الداخل والخارج وأسعدوه وأمتعوه وعلموه ، ولم يكونوا ابدا فصيلا في كتائب هدم القيم والاخلاق وتفكيك البيت المصري وتشريه صورة المصريين ،أولئك الذين جعلوا رجال البيوت شمامين ، ومستهترين وسكان بارات وخمارات وغرز الحشيش …كما جعلوا كل رجل اعمال مزدوج الشخصية ، بزنس في النهار وزير نساء في الليل ، ومعظم الاغنياء تجار عملة وسلاح وتهريب ومواد مصنعة للتخدير ..
ترك الحبل علي الغارب ، وركن الكفاءات ، من مخرجين كبار وكتاب كبار وممثلين كبار ، هو جريمة أدت إلي الموقف الظلامي الذي نعانيه .
اسناد الأمر لغير اهله هو السر وهو السبب ، لأن غير المتخصص يعتمد علي من يدله ويرشده ، والأخير يجلب عماله وشلته..
معظم المسلسلات احتكار بين عشرة ممثلين يتم تدويرهم فيها ، وباقي ممثلي مصر في بيوتهم يأكلون الحسرة و يمضغهم السخط ..
أعيدوا منصب وزير الاعلام ، ولو اقتضي الأمر تغيير الدستور، لأنه المايسترو الذي بيده كل الخيوط ، الرؤية ومصلحة الوطن والذوق العام ، دون افتئات علي الحرية ، لأنه لن نتمتع بعمل ابداعي رائع بدون حرية المؤلف والمخرج والمنتج ..
ما نراه ليس حرية بل فوضى و محاضرات تفصيلية في الردح. والتقصع والعنف والخروج علي البيت والعائلة ..
ومن يخرج علي بيته وعيلته ، يخرج علي وطنه ..
الفن الرديء الهابط هو كفن لكل قيم الناس ولكل الأخلاق ، وتمهيد نيراني متعمد لعملاء الخارج والداخل .
ا.إبراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب
مع كل التقدير والاحترام لقرار رئيس مجلس الوزراء والأحزاب والهيئات والمجالس التي انتفضت بعد حديث الرئيس عن أزمة المحتوي المعروض.
الرئيس لم يقل كل الدراما قال ما يعرض في مصر ويقصد المحتوي .
وانا أقول قولا واحداً ليس بقولي لبس ..
الأزمة ليست أزمة دراما في مصر علي الإطلاق الدراما المصرية بكل الكوادر المصرية الفنية والإبداعية بخير وزي الفل والمنتح المصري من اشطر المنتجين العرب وأقدمهم علي الإطلاق سينمائي وتلفزيوني .. وانا أوصف المنتج بالترزي الذي يفصل علي مقاس الزبون وما يطلبه ،.
الأزمة الحقيقية هي أزمة الفضائيات والبت الإليكتروني من المنصات المنتشرة الذين يقبلون هذا المحتوي الهابط والهادف للإساءة او التفاهة
أزمة اصحاب القرار بالبث التلفزيوني الذين يمولون هذا الغث ويقبلون ان ينشر هذا الغث علي شاشاتهم ممن ما يطلقون عليه دراما بقنواتهم ،
الأزمة أزمة اصحاب القنوات التليفزيوني الباحثين عن تريند المعلنيين
الحكاية أبسط بكتير من كل هذه الانتفاضة
محتاجه قرار سياسي للقنوات الفضائية المصرية بعدم بث الغث والرخيص والتقيد بالمحتوي المحترم صاحب رسالة ضمنية وخطاب اعلامي لصالح البلد والمجتمع بين سطور المحتوي
الفنان المخرج محمد عبد الهادي
تعليقا علي قرار الحكومة تشكيل لجنة لإصلاح حال الدراما المصرية ..
أحب أن أذكر اولا ، إن الدراما هي أقوي الفنون تأثيرا في الشعوب ..
ثم ثانيا ، إن هذا الحال لن ينصلح دون وجود نص درامي مكتوب بالكامل وقبل بداية التصوير ، يحمل رؤية تدفع المجتمع للأمام وتساعد في تنمية الوعي الانساني العام ، كما كان يحدث فيما مضي ..
ثم ثالثا ، تلجيم سطوة النجم الذي تسيد علي الجميع ، وفرض شروطه وصادر الدراما لحسابه الشخصي ، أيا كان مقدار موهبته وثقافته ، فأصبح هو من يختار المؤلف ويختار المخرج والمنتج وحتي الممثلين بحجة أنه من يجلب النقود .. !!
واخيرا أقول إن الامر اصبح خطيرا بالفعل ، فقد بدأت الاجيال الشابة ، تعتاد ما يقدم من قبح ، وبالتالي سوف تفقد القدرة علي تذوق ما هو قيم وجميل بالفعل ..
وهناك ايضا رابعا وخامسا …
أترك للمهتمين ذكرها ..
وشكرا لقرار الحكومة علي أمل أن ينصلح الحال بالفعل ، لما فيه الخير لمصر وللدراما المصرية ، لتعود إلي ريادتها المفقودة ..
ا.علي هاشم الكاتب الصحفي الكبير
خطوة على الطريق الصحيح!
كثيرًا ما دعوت إلى ضرورة عودة الدولة للإنتاج الدرامي والسينمائي، حفاظًا على العقل والوجدان المصري من التشويه والتجريف والانحراف الذي أصاب الدراما والسينما، منذ ترك الأمر للقطاع الخاص الذي يعمل بمنطق أن ناقل الكفر ليس بكافر، بمعنى أن تسليط الضوء على سلبيات المجتمع وعوراته ليس عيبًا، وهو ما قادنا لأعمال تفتقد أدنى مقومات الجودة الفنية وتنطوي على أعلى درجات الرداءة والإسفاف والانحلال..
وهو ما تنبهت له الدولة أخيرًا وبادرت لاتخاذ خطوات إيجابية لاستعادة زمام المبادرة والعودة لصياغة العقل والوعي المصري بأعمال وطنية، سنرى باكورتها قريبًا في مسلسل طلعت حرب، الذي استقبل الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام مؤلفه الكاتب والسيناريست محمد السيد عيد، واتفقا بالفعل على بدء العمل قريبًا، والإعداد لعرض المسلسل في شهر رمضان 2026.
وحسنًا فعل المسلماني حين التقى بعبد الفتاح الجبالي رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي واتفقا علي عودة قطاع الإنتاج بالوطنية للإعلام للعمل من جديد، بالشراكة مع المدينة، التي تعد الهيئة المالك الأكبر لها.
ولم يكتفِ رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بالدفع نحو إنتاج المسلسل، وإنما بادر أيضًا لعقد مؤتمر مستقبل الدراما في مصر، استجابة لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي طرحها في حديثه بحفل إفطار القوات المسلحة، والتي تقضي بضرورة تعزيز القيم في صناعة الدراما والسينما، وضرورة مواجهة موجات العنف والجريمة وتعاطي المخدرات، وإشعال الصراع المجتمعي، وترويج الابتذال اللفظي والانحراف السلوكي، وتدمير قيم العائلة.
لا شك أننا في حاجة لتصحيح مسار الإعلام ليلعب دوره الحق في الارتقاء بالمجتمع وتعزيز الهوية الوطنية، عبر تقديم محتوى إعلامي يعكس القيم المجتمعية الإيجابية ويسهم في تشكيل وعي مستنير.
ونرجو أن توفق مساعي الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي بدأتها بالفعل بتشكيل لجنة متخصصة للمحتوى، تتولى وضع خطط وبرامج للإنتاج الدرامي والإعلامي، إلى جانب متابعة ورصد الأعمال المنتَجة من الشركة بهدف تحقيق رؤية واضحة للإنتاج قائمة على تحليل دقيق للواقع.
نحن في حاجة ماسة لمراجعة شاملة للأعمال المقدمة، لتقييم نقاط القوة والضعف، وصولا إلى توصيات مدروسة تضمن توافق المحتوى مع الأهداف الوطنية والتوعوية، بما يسهم في التطوير المستدام للمشهد الإعلامي المصري.
تطوير المحتوى الإعلامي مطلب ضروري لتحقيق التوازن بين الإبداع والمسئولية الاجتماعية، وتطلعات الجمهور المصري لرؤية أعمال تعكس القيم المجتمعية الإيجابية، وتسهم في بناء وعي متوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة..
ولسنا في حاجة لإثبات أن الجمهور متعطش للجودة والجدية والمصداقية في الدراما والإعلام، ولعل ما حققته قطايف سامح حسين وما أحدثته من تأثير ونسب مشاهدات عالية وإشادة من رئيس الدولة وتكريم من بعض أجهزتها دليل لا يقبل التشكيك على تهافت مبدأ “الجمهور عاوز كده”، فليس كل ما يطلبه المشاهدون ينفعهم أو يفيدهم أو يقدم ما يصلح به شأنهم أو مجتمعهم.. فلا يبقى إلا ما ينفع الناس.
يسري حسان الصحفي والناقد
لجان تطوير المسلسلات ..أخطاء كارثية أخرى تكررها الدولة!
لست فرحا ولا متفائلا بالتصريحات الرسمية المتعلقة بقرار الدولة التدخل في الدراما التليفزيونية، وتشكيل لجان لإعادة الانضباط لها.
وبعيدا عن فكرة ” خالف تعرف” دعني أسأل سعادتك: من يقف وراء هذه المسلسلات التي لم تعجب المسئولين، ورأوا فيها ضربا لقيم وثوابت المجتمع المصري؟
الإجابة واضحة ومعروفة، فالشركة الوحيدة المتحكمة في كل شيء يخص الدراما التليفزيونية الآن، هي شركة تابعة للدولة، والذين جاءوا بقيادات هذه الشركة هم المسئولون أنفسهم الذين اعترضوا على المحتوى التافه والقميء الذي تقدمه، إذن المسألة محسومة “شيل ده من ده يرتاح ده عنده” مش كيميا يعني.
لقد رأت الدولة في وقت من الأوقات، ولعلها تنبهت الآن، أو أرجو أن تكون تنبهت” أن السيطرة على الدراما التليفزيونية واحتكار إنتاجها، يضمن لها مجتمعا آمنا مطمئنا، ومخدرا، يتلقى ما تريده هي فقط، بغض النظر عن أنه يلبي احتياجاته من الفن أم لا.
وحتى في هذا التوجه، المرفوض أساسا، لم تلعبها الدولة بصنعة أو بمعلمة، لكنها لعبتها بغباء مستحكم، وكان يمكنها، على الأقل، أن تعطي العيش لخبازه، لصنايعي شاطر، قادر على إنتاج محتوى معقول لا يضرها في شيء، وفي الوقت نفسه يكون مقبولا لدى الناس، لكنها استبعدت الخبازين المهرة، بل وحاربتهم، وجاءت بالسحلجية والطاولجية والسرسجية، فكانت النتيجة خبزا فاسدا لا تعرف رأسه من قفاه.
لا يمكن للفن أن يكون مؤثرا وقويا ومطورا للوعي ومنصتا إلى هموم واحتياجات الناس، ما لم يقف وراءه صناع مهرة، موهوبون، ويعملون في أجواء من الحرية، بعيدا عن ” الاسكريبتات” التي توزع على الجميع.
كان على الدولة منذ البداية أن تفتح المجال للجميع، لا أن تحتكر الإنتاج وحدها، أن تكون هناك منافسة لتقديم الأفضل، كان عليها أن تدرك أن توفير أجواء من الحرية لصناع الدراما التليفزيونية، يمكنه أن يعيد الاعتبار لهذه الصناعة التي تسيدتها مصر في وقت من الأوقات، بل ويسهم بشكل كبير في زيادة الدخل القومي للدولة، أسوة بما تفعله المسلسلات الهندية والتركية والكورية وغيرها.
لقد تحول مجال الدراما التليفزيونية، بعد أن احتكرته الدولة وسيطرت عليه تماما، إلى مجموعة من العصابات، التي بيدها رفع من تشاء وتدمير من تشاء، وأصبحت المنافسة على أيهم يقدم محتوى لا علاقة لها بهموم وتطلعات واحتياجات الناس، أعمال بعيدة تماما عن الواقع المصري، حتى المسلسلات التي يظنونها شعبية لا علاقة لها بالواقع الشعبي من قريب أو بعيد-لاحظ أن محدثكم من شبرا-أما الفتيات أو السيدات اللاتي يأتون بهن من الشوارع الخلفية ليقدمن أدوارا شعبية، فهن لا يدركن الفارق بين السيدة أو الفتاة الشعبية، وبين تلك التي لا مؤاخذة يعني.
وحدث عن مسلسلات الصعيد ولا حرج، فالصعايدة الذين في المسلسلات لم يمروا حتى بالقطار على الصعيد في يوم من الأيام، هناك استثناءات بالطبع عندما يتوافر لهذا العمل أو ذاك كاتب خبر وعاش الواقع الذي يكتب عنه، لا كاتب يكتب من تحت اللحاف في الكومباوند.
إن أغلب الممارسات السيئة التي نشاهدها يوميا في الشارع المصري، منبعها مسلسلات الأبطال الخارقين الذين نشاهدهم في المسلسلات، هؤلاء الذين يقوم الواحد منهم بضرب حي بأكمله، أو يقوم بقتل أفراد العصابة التي تواجهه، ثم يمارس حياته عادي جدا ويضرب ويقتل المزيد، كأن ما فيش حكومة.
ولأن الشركة المنتجة أو المتحكمة في الإنتاج هي نفسها المتحكمة في القنوات الفضائية، فإن برامج هذه القنوات مسخرة للدعاية لهؤلاء الأبطال الخارقين وتصرفاتهم المخروقة، سواء باستضافتهم هم ومخرجي أعمالهم للحديث عن منجزاتهم التكنولوجية، أو باستضافة النقاد المقاطيع الجاهزين دوما للهبد والتطجين.
هذه فضلا عن اللجان الإليكترونية المسخرة، سواء من قبل الشركة المنتجة، أو من قبل المخرجين والممثلين، للحديث عن عالمية هذه المسلسلات والفتوحات التي أحدثتها في العالم، في حين أنها فتوحات أحدثتها فعلا ولكن في مناطق حساسة! اللهم إني صايم!
المجتمع المصري بسبب هذه المسلسلات أصبح مجتمعا “مخربقا” والله، وأنتم إذا كنتم معترضين على هذه النوعية من المسلسلات السكند هاند، وتريدون إيقافها وتشكيل لجان لضبط الأمور، فأنتم بذلك ترتكبون نفس الخطأ، لستم أوصياء على الناس، وليس مطلوبا منكم سوى أن ترفعوا أيديكم عن الفن والثقافة والإعلام، وساعتها سيعود كل شيء إلى وضعه الطبيعي، أخشى أن أقول إن البلاد، في ظل هذه السيطرة، تقترب من كوارث أخرى!!!.
المستشار الإعلامي/ محمد عمر
أين نحن من المحافظةعلى قيم واخلاق المجتمع؟
** حينما كنت أعمل مذيعا باحدى وزارات الاعلام الخليجية ؛ لم يكن مسموحا باي حال من الأحوال تصوير اي عمل درامي أو سينمائي ؛ سواء كان من انتاج الوزارة او القطاع الخاص ؛ قبل مراجعة سيناريو العمل على الورق ؛ ومن ثم إعطاء الموافقة على التصوير والانتاج ..
** وبعد اكتمال تصوير العمل كان يتم عرضه على الرقابة مرة اخرى لاعطاء الموافقة على العرض سواء داخل الدولة او خارجها..
** كانت إدراة الرقابة على المصنفات الفنية لها سلطة رفض وتعديل ما تراه ضروريا ؛ حفاظا على الصورة الذهنية عن عادات وتقاليد مجتمع تلك الدولة ؛ وترسيخا للقيم الإسلامية الوسطية ؛ وإظهار المجتمع في أبهى صورة..
** كانت قضية الوعي مرتكزا اساسيا لعمل إدارة الرقابة على المصنفات الفنية ؛ مع عدم الاخلال بمبدأ دستوري يؤكد حرية الرأي والتعبير في إطار المحافظة على القيم والأخلاق والتقاليد المجتمعية والمثل العليا.
** لقد تألمت كثيرا عند مشاهدة السيد الرئيس وهو يشكو مما يحصل في المسلسلات الرمضانية من خروج على كل القواعد والنصوص المعنية بتنشأة أجيال مقبلة وترسيخ مفاهيم الفوضى والعنف بكل أشكاله في عقول الأجيال الشابة…
** نفس الشكوى تحدث عنها السيد الرئيس فيما يتعلق بالإعلام ووسائل تواصله التي باتت تمثل معاول هدم لا بناء في كل مناحي حياة المواطن المصري ؛ حيث أكد سيادته على ضرورة وضع قضية الوعي كاطار عام لكل تناول إعلامي..
** والأغرب من ذلك وفي ظل تلك الفوضى الإعلامية والفنية ؛ لم أجد مبادرة من الحكومة الموقرة ؛ أو من مجلس النواب الذي انتخبه المصريون لوقف هذا السيل من الفوضى الفنية والاعلامية التي تستهدف الأمن والاستقرار المجتمعي والهوية الوطنية والثقافية المصرية..
** يخالجني شعور أو وسواس خناس من أن هناك من يعمل ضد توجيهات القيادة السياسية العليا ؛ في ظل ظروف تاريخية استثنائية تمر بها الدولة المصرية على كافة المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية ؛ وكل ما نشاهده اليوم إعلاميا وفنيا هو من وسائل حروب الجيل الرابع والخامس التي حذر منها مرارا وتكرارا الرئيس السيسي..
** لكن وبمنتهى البساطة يمكن تقويم مسار الإعلام والفنون بإعادة وزارة الإعلام بكافة قطاعاتها السابقة وفي مقدمتها ادارة الرقابة على المصنفات الفنية ؛ وكذلك منصب وزير الإعلام بإجراء تعديل دستوري بسيط يمكن للحكومة أو مجلس النواب التقدم به حفاظا على ما تبقى من وعي الشعب المصري ..
** وأخيرا وليس اخرا.. أن ما فعلته لجنة الخمسين من إلغاء وزارة الإعلام ومنصب وزير الإعلام هو السبب الأول والمباشر فيما نعيشه اليوم ؛ وخطأ عدم فهم حرية الرأي والتعبير ضمن إطار الحفاظ على الدولة وليس هدمها .
