إن الحكي بصفة عامة(الحكاية)، والسرد القصصي والروائي خاصة، يتكئ في تحليله على ميراث المنهج البنيوي، بداية من الناقد الذكي الروسي العظيم فلاديمير بروب، متمثلا في كتابه “مورفولوجيا الحكاية الخرافية”(١٩٢٨م)، مرورا بجريماس في كتابه”علم الدلالة البنيوي” (١٩٦٤م)، وميخائيل باختين وتعدديته البوليفونية في “شعرية دوستويفسكي وجولبا كريستيفا في “علم النص”، وصولا إلى الناقد الفرنسي الرائع رولان بارت في أعماله التي من أهمها “مدخل إلى التحليل البنيوي للسرد”، وليس انتهاء بجيرار جنيت في كتبه: “خطاب الحكاية”، و”مدخل لجامع النص”، و”عتبات”، وكذلك تودوروف في أعماله عن: “الشعرية”، و”الأدب والدلالة”، والرمز، وهو ما أطلق عليه الشعريات.
بالإضافة إلى الاستعانة بميراث كل من جورج لوكاش في كتبه: نظرية الرواية، والرواية كملحمة برجوازية، والرواية التاريخية، وتلميذه لوسيان جولدمان في “مقدمات في سوسيولوجيا الرواية”، والإله المحتجب، والعلوم الإنسانية والفلسفة. ويضاف إلى ذلك أيضا ميراث علم النفس لدى فرويد، وعلم اجتماع الأدب لدى بيير زيما ورصفائه، وعلم الجمال الأدبي، الذي هو من ثمار الميراث الفلسفي الغني.
وها أنت، عزيزي الناقد والقارئ، ترى أن هناك نظرية مكتملة لدراسة السر والحكي برمته، ولا أدري لماذا هذا التيه العربي في تحليل النص،الباعث على الحيرة والدهشة والهروب في آن، مع أننا لم نهضم هذا الميراث العلمي الذي أشرت إليه هضما كاملا، بحثا ودراسة وإضافة وتعديلا.
لا ننكر محاولات الاجتهاد، لكن أن يتم الهروب من المنهج الملائم لدراسة الحكي والسرد، بداعي تبني مناهج أخرى، كالتحليل الثقافي وما شابه، فهذا ليس دقيقا، ولا يصب في المنهجية العلمية لمعالجة البنية الحكائية والسردية للرواية والقصة.
هناك أساسيات، كما أن هناك فرعيات، هناك مناهج أساسية، وهناك مناهج فرعية مساعدة، وبهما معا تكتمل أسس التحليل الفني لبنية النصوص…هذا ما تعلمته، وهذه قناعتي