أن الدراما ستظل نبض الوطن والمظهرة لثقافة المجتمع، منوهين بأن السرد الدرامي البديل الأمثل لتسجيل الأحداث التي يشهدها الوطن، ومؤكدين أن هذا النوع من الدراما يشحذ همم الجمهور ويجعلهم فخورين بإنجازات رجال وقيادات الوطن، كما أنَّها تساهم في تعزيز قيم الهوية والانتماء لدى الأجيال الجديدة، وتزيد الحس الوطني للشباب. أن الدراما باتت في الوقت الحالي قوة كبيرة مثلها مثل القوة السياسية والاقتصادية؛ لأنَّ كلمة درامية واحدة تعطي انطباعاً وتأثيراً أقوى من السلاح نفسه، أنه لاحظ الكثير من الأعمال الوطنية والدرامية العربية التي حققت انتشاراً واسعاً بين المشاهد العربي.
واستشهدوا على جماهيرية هذه الأعمال بما حققه المسلسل الإماراتي «خيانة وطن» من نسبة مشاهدة وتفاعل كبيرين ليس في الإمارات فقط بل في الخليج، حيث جسد العمل قضية عاشها أبناء الإمارات على أرض الواقع قبل أن يعايشوها على الشاشة الفضية.
فهذه الأعمال الدرامية ستساهم في تشكيل الوعي وترسيخ الهوية المصرية لدى الأطفال، وتعزز من انتمائهم وولائهم لوطنهم، وهذه نقلة نوعية كبيرة وتطور كبير في مجال الدراما والبرامج، مما سيسهم في تشكيل وتكوين النشء وتعزيز الوعي لديهم وتثقيفهم وحمايتهم. ودعا فنانون، صناع الدراما، ولا سيما الرمضانية منها، إلى استثمار هذا الواقع، وتكثيف النهل من مخزون “سجلات الأبطال”، أن الدراما ذراع القوة الناعمة التي تستطيع أن تفعل ما لا تستطيع أن تفعله مئات الكتب.
أننا في حاجة لمثل «خيانة وطن» الذي يؤكد أن الدراما ستظل نبض الوطن والمظهرة لثقافة المجتمع، أن تأثير هذا العمل تعدى المحلية، حيث أصبح واجهة تعرّف بالوطن وأهله في الخارج، حيث تعرف مشاهدوه من مختلف الأقطار على جمال الدولة وسمات أهلها وطريقة علاجهم لمثل هذه المشكلات التي تستهدف نخر المجتمع وإفشاله.
يجب على المنتجين إلى التركيز على سلاح الدراما لأنها تدخل كل بيت ومنزل، ورسالتها تصل بسرعة جداً، خصوصاً إذا كان هناك كاتب ذكي يكتب بطريقة يفهمها المتلقي.
أيضاً ما يدعو للفخر بكيان الشركة المتحدة، هو نجاحها الكبير في تقديم محتوى متنوع، ما بين اجتماعي وتاريخي كوميدي وديني ومسلسلات للأطفال، حيث تقدم جرعة دينية وروحانية تناسب طبيعة الشهر الفضيل، فالمتحدة خلال شهر رمضان تقدم 50 برنامج ديني متنوع يخاطب الشباب وجميع أفراد الأسرة وتتعاون خلالهم مع المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف المصرية،
وهو ما لاقى اهتماما وترحيبا كبيرا لدى الجمهور المصري والعربي والإسلامي. تحمل الدراما الوطنية ، رسالة الوطن للأجيال القادمة والحالية، فهي تُعد من أقوى أدوات الاتصال الفاعلة، حيث سرعة وصولها إلى قلوب وعقول الناس أسرع من أي وسيلة أخرى. لا ينظر الجمهور إلى الدراما الوطنية، ، على اعتبار أنها عمل فني، بل ينظر إليها على أنها عمل وطني له قيمته الفنية والأخلاقية العالية، داعياً إلى الاستزادة منها، ولا سيما في شهر رمضان، حيث تلتف الأسر حول التلفاز لمتابعة هذا الموسم.
أن الدراما الوطنية في السنوات الأخيرة حققت نجاحاً لافتاً لأنها تتحدث عن مشاكل تمس الأوطان بشكل مباشر، فعمل درامي واحد قادر على تغيير أفكار الكثيرين، ولا سيما أولئك المتذبذبين، مستشهداً على ذلك بمسلسل خيانة وطن الذي فضح الجماعة الإرهابية التي كانت تحيك المؤامرات للدولة.
وهناك مسلسلات تاريخية بدأت الشركة المتحدة تقدمها في السنوات الأخيرة مما يعزز من مكانة الدراما ودورها في تعريف المواطن المصري بتاريخ بلده وتراثها، وآخرها مسلسل «الحشاشين» الذي يعرض حاليا، وهو عمل درامي ضخم جدا ومتميز ونقلة كبيرة في مجال الإنتاج الدرامي يضع مصر في مصاف الدول المتقدمة في صناعة الدراما.
الحقيقة أن دراما المتحدة تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الشعور بالانتماء، ونشر الوعي حول القضايا الاجتماعية وتحفيز التغيير الإيجابي في المجتمع، وتنتج المتحدة مسلسلات وبرامج تستثمر في المواهب الشابة وتقدم لهم فرصًا للظهور، كما تقدم خدمات الترجمة والدبلجة للوصول إلى جمهور أوسع، وتهتم بذوي الإعاقة وحقهم في المشاهدة الممتعة ومتابعة كافة التفاصيل من خلال لغة الإشارة وغيرها.. من حقنا أن نفخر بوجود الشركة المتحدة في مصر ونشكرها على كل ما تقدمه للمجتمع المصري والعربي.
أن على الدراما أن تصالح المجتمع وتكون معه لأن تأثيرها قوي، مشيراً إلى أننا لا نحتاج في هذه الفترة إلى مسلسلات كوميدية أو أكشن أو درامية فقط، بل نحتاج إلى دراما تعيد تشكيل الوعي المشوش لدى البعض، الأمر الذي يتطلب من كافة جهات الدولة التضافر وتقديم التسهيلات اللازمة والإجراءات التي تمكن صناع الدراما من الإبداع في صناعة هذا المحتوى. أن وجود كاتب يحوك السيناريو بشكل تصاعدي مشوق يجمع بين الواقع والخيال مع إبداع المخرج، ينتج عنه عمل وطني هادف، الأمر الذي يضمن له مشاهدات ضخمة، ولا سيما أن هذه النوعية من الدراما تتسم بالصدق لأنها تعكس جوانب مهمة من حياة شخصيات مؤثرة من التاريخ.
أن هذه الأعمال تشحذ همم الجمهور وتجعله فخوراً بإنجازات رجال وقيادات بلده في أوقات المعارك، مؤكداً أن الجمهور متعطش لمثل هذه الأعمال، ومستشهداً بالحالة التي صنعها فيلم الممر، حيث التفت الأسر المصرية كاملة أمام الشاشة الصغيرة بمجرد عرض العمل على إحدى الفضائيات.
أنه لن ينسى الحالة التي خلقتها مسلسلات مثل «رأفت الهجان» و«دموع في عيون وقحة»، أن المدن تتحول إلى مدن أشباح، حيث تفرغ من المارة وقت عرضهما، فضلاً عن كشفهما العديد من الأسرار التي تخص رأفت الهجان وجمعة الشوان، ومنهما أدرك قيمة الدراما الوطنية كممثل وسعى لتقديمها في أعماله. أنه مثلما نجد دوراً للدراما في الترفيه والتسلية، فلا بد أن يكون لها دور توعوي مع المشاهدين، وهو ما يحدث خلال الفترة الراهنة على مستوى السينما والتلفزيون، ولا بد من الاستمرار في هذا النهج خلال الفترات المقبلة.
تعتبر الوطنية بالقوة الناعمة التي تتسلل لعقول المشاهدين، لتغرس فيهم الكثير من الإيجابيات، مؤكدة أنها تساعد على بناء الوعي لدى الجمهور الذي بات عليماً بما تلعبه هذه النوعية من الدراما من دور مهم، وتأثير كبير على المشاهدين، مشيرة إلى أنَّها تساهم في تعزيز قيم الهوية والانتماء لدى الأجيال الجديدة.
وان هذا النوع من الدراما أحد أنجع الأسلحة في الحرب على الفكر المتطرف الذي بات منتشراً نتيجة انتشار جماعاته المتطرفة على منصات التواصل المختلفة، مؤكدة أن المشاهد العربي في احتياج إلى تلك النوعية من الأعمال، كونها تعطيه ثقة في نفسه وجيشه وبلده.
أن الأعمال الوطنية تزيد الحس الوطني للشباب، منوهة باحتياجهم إلى مثل هذه النوعية من الدراما لمواجهة بعض القوى الخارجية التي تستغل بعض المنصات الرقمية؛ لبث أفكار مسمومة في شبابنا العربي، فالدراما تساعد دائماً على صد هذه القوى الظلامية.
تعد الدراما التليفزيونية قوة ثقافية مؤثرة فى المجتمع لا يستهان بها وذلك بسبب انتشارها الواسع وقدرتها على الابهار واستيلاءها على أوقات المشاهدين، فالرسالة الدرامية لها قدرة كبيرة على تخطى الحواجز وصوالا الى الجماهير حيث تنفذ الرسالة الدرامية إلى جماهيرها وتؤثر فيهم بإسلوب غير مباشر.–
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا