حينَ يحتجّ الصمتُ!!
سكتَ الصمتُ قليلًا،
فََسَاد الظّلام طويلًا،
ثم نطقَ الصّمت أخيرًا.
يُلقي السمع وهو عليل،
يتوق لصوتٍ حُرٍّ أصيل،
جال ببصره ذات اليمين،
لمح جمعًا، فاستبشر خيرًا.
أخذ مقعدًا بين الجالسين،
يتأمل وُجوهَ الحاضرين،
ثقةٌ معدومة،
أقلامُ مكسورة،
وقراراتٌ مركونة،
لا صوت يُسمع، إلا قيلا وقيلا،
جعجعة ولا يُرى لها طَحنا.
طال السّكوت…
صاح الصمت: أنا لستُ عميلًا،
قد كنت للرّضا علامةً ودليلًا،
كيف صرت عارًا، وللجُبن سبيلًا،
كفى!!.. لن أقول بلى..
ورأسي أبدًا لن يميلَ..
يا أهل الكلام إسمعوني:
قد كنت يوما عزيز قومي،
تَلُفُّنِي عيون الحالمينَ،
وتبوح بي قلوب العارفينَ.
أَمَا وقد أضحيت ذُلًّا ذليلًا،
أُعلنُ الآن انسحابي والرّحيلَ،
قراري، ما عاد يحتملُ التأجيلَ،
رُبّما أعود يوما،
فجرًا أو أصيلًا،
عندما يصبح الكلام ماء زُلالا ،
ويغدو الصمت خجلًا جميلًا،
يعلو وجوه العاشقين.
فأنا ماعدت فضة ولا ذهبًا صقيلًا،
منذ صار الكونُ بكاءً وعويلًا.
فسلامٌ عليّ يوم أرحلُ،
ويوم أُبْعَثُ صمتا بليغًا،
أوطيرا أبابيلًا..
لِبلاد الصُمّ البُكمِ، النائمين…
اللوحة للفنان المصري عبد الحميد عفارة.
