الرحمة والرأفة قيمتان عظيمتان من شأنهما الحفاظ على روح المجتمعات فيما يتعلق بعلاقات أفرادها في امور الحياة كما أن من شأنهما معالجة ما لايستطيع القانون المجتمعي أن يعالجه من أمور لا يمكن للمشرع أن يضع لها ما يصلحها لأنها تتعلق بالشعور الإنساني وبالحساس القلبي وهي أمور تتعلق بالقلوب فتبديها الأعين وطرق التعامل ونظرات العيون وكل هذا يترجمه سلوك انساني لا يمكن محاسبة صاحبه إن فعله أو تركه ؛ لكنه يترك أثره العظيم عند من تلقاه فيفتح قلبه للخير وبحب الحياة والامل في المستقبل أو يملأ قلبه بما دون ذلك من بغض وكره وتوثب للانتقام أن ملك ذلك في المستقبل .
نعم إن هذين القيمتين اللتين لا تضران بروح قوانين المجتمعات تحققان في المجتمعات من الخير ما لا نستطيع عده أو تقديره لأنهما تخلقان من الوسائط والعلاجات الندية مايصلح المجتمعات عامة ويزيح عوائق تحضرها ورقيها الإنساني .
ومن هنا فإن الخالق العظيم سمى نفسه الرحيم والرؤوف وهو العادل العظيم الذى لا يظلم عنده أحد .
اى انك تسطيع أن تكون رحيما ورؤوفا دون أن تظلم أحد بالاخذ أو بالعطاء
أقول هذا تعليقا على رد صديق يتولى مسئولية ما سألته: لماذا هذا التجهم وانت تتعامل مع أصحاب المصالح فأخبرني أنه لايريد أن يطمع احا فيه كما أن تجتهمه يمنع تجرؤ الناس عليه فلما حاولت أن اشرح له خطأ هذا التصور فشلت .
وقد لا يعرف بعضنا أن الرحمة تختلف عن الرأفه والرحمة احسان إلى من ترحم يقول تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” اي يرجون احسان الله وعطائه وفضله لذلك جاء في الأثر :لا يدخل احدكم الجنة بعمله وإنما برحمة الله.
أما الرأفه فهي الشفقة على من ترأف به لضرر وقع عليه أو ضرر قد يقع عليه لذلك نجد المولى سبحانه وتعالى يحذرنا من الشفقة على بعض المجرمين اثناء إقامة الحد عليهم فيقول في سورة النور :”ولاتأخذكم بهما رأفة في دين الله” “لأن في إقامة الحد هذا رأفة بالمجتمع كله لأننا نحميه من مثل هذه الجرائم والرأفة في الآية لاتعنى عدم تطبيق القانون وإنما تعنى التأثر النفسي لمن وقع به الالم .
لذا كان من أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رءوف رحيم يقول تعالى :”لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”
ولأنه رءوف رحيم يريد للناس الخير ويخشى عليهم الوقوع في الشر فقد كان حريصا على هدايتهم إلى درجة نبهه فيها ربنا إلى ذلك بقوله :” فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنون بهذا الحديث أسفا”وقوله: “إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء”
وقال صلى الله عليه وسلم عن نفسه : ” «مَثَلِي ومَثَلُكُمْ كَمَثلِ رَجُلٍ أوْقدَ نارًا، فجعَل الجَنادِبُ والفَراشُ يَقَعْنَ فيها وهو يَذُبُّهنَّ عنها وأنا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عن النَّارِ، وأنتم تَفَلَّتونَ مِنْ يَدِي» رواه
إذن الرفق والرحمة والرأفة بمثابة مراهم في المجتمعات تريح من الالم وتسكن الجروح وتعالج التشوهات لكنها لا تمنع احدا حقا يريد أن يأخذه ولاتظلم احدا لصالح الآخرين يقول صلى الله عليه وسلم إن الله يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف” والعنف هنا هو الشدة في التعامل فتبسموا عباد الله وارحموا بعضكم بعضا فتبسمك في وجه اخيك صدقه
